صلاح الإمام

مقالات

صلاح الإمام يكتب: للأسف هذا هو تاريخنا

By صلاح الإمام

October 20, 2022

يقول الجبرتي:

وفي ذلك اليوم ( يوم السبت 14 يونيو عام 1800) وقعت نادرة عجيبة وهو أن ساري عسكر كلهبر (يقصد كليبر)

كان مع كبير المهندسين يسيران بداخل البستان الذي بداره بالأزبكية فدخل عليه شخص حلبي،

وقصده فأشار إليه بالرجوع وقال له ما فيش وكررها فلم يرجع وأوهمه أن له حاجة وهو مضطر في قضائها،

فلما دنا منه مد إليه يده اليسار كأنه يريد تقبيل يده فمد إليه الآخر يده فقبض عليه وضربه بخنجر كان أعده في يده اليمنى أربع ضربات متوالية فشق بطنه وسقط إلى الأرض صارخاً.

فصاح رفيقه المهندس فذهب إليه وضربه أيضاً ضربات وهرب،

فسمع العسكر الذين خارج الباب صرخة المهندس فدخلوا مسرعين فوجدوا كلهبر مطروحاً وبه بعض الرمق،

ولم يجدوا القاتل فانزعجوا وضربوا طبلهم وخرجوا مسرعين وجروا من كل ناحية يفتشون على القاتل

واجتمع رؤساؤهم وأرسلوا العساكر إلى الحصون والقلاع وظنوا أنها من فعل أهل مصر،

فاحتاطوا بالبلد وعمروا المدافع وحرروا القنابر وقالوا لابد من قتل أهل مصر عن آخرهم،

ووقعت هوجة عظيمة في الناس وكرشة وشدة انزعاج وأكثرهم لا يدري حقيقة الحال،

ولم يزالوا يفتشون عن ذلك القاتل حتى وجدوه منزوياً في البستان المجاور لبيت ساري عسكر المعروف بغيط مصباح، بجانب حائط منهدم فقبضوا عليه،

فوجدوه شامياً فأحضروه وسألوه عن اسمه وعمره وبلده فوجدوه حلبياً واسمه سليمان،

فسألوه عن محل مأواه فأخبرهم أنه يأوي ويبيت بالجامع الأزهر،

فسألوه عن معارفه ورفقائه وهل أخبر أحداً بفعله وهل شاركه أحد في رأيه وأقره على فعله أو نهاه عن ذلك وكم له بمصر من الأيام أو الشهور وعن صنعته وملته،

وعاقبوه حتى أخبرهم بحقيقة الحال،

براءة أهل مصر

فعند ذلك علموا ببراءة أهل مصر من ذلك وتركوا ما كانوا عزموا عليه من محاربة أهل البلد وقد كانوا أرسلوا أشخاصاً من ثقاتهم تفرقوا في الجهات والنواحي يتفرسون في الناس فلم يجدوا فيهم قرائن دالة على علمهم بذلك، ورأوهم يسألون من الفرنسيس عن الخبر فتحققوا من ذلك براءتهم من ذلك

«سئل المذكور عن قصة ساري عسكر فجاوب أنه حضر من غزة مع قافلة حاملة صابون ودخان

وأنه كان راكب هجين وبحيث أن القافلة كانت خائفة أن تنزل بمصر توجهت إلى ريف يسمى الغيطة في ناحية الألفية،

وهناك استكرى (استأجر) حماراً من واحد فلاح وحضر لمصر ولكن لم يعرف الفلاح صاحب الحمار.

ثم أن أحمد أغا وياسين أغا من أغوات الينكجرية بحلب وكلوه في قتل ساري عسكر العام بسبب أنه يعرف مصر طيب،

بحيث أنه سكن فيها سابق ثلاث سنوات وأنهم كانوا وصَوه أنه يروح ويسكن في الجامع الأزهر وأن لا يعطي سره لأحد كلياً بل يوعي (ينتبه) لروحه ويكسب الفرصة في قضاء شغله،

لأنها دعوة تحب السر والنباهة ثم يعمل كل جهده حتى يقتل ساري عسكر العام الفرنساوي

ووعدوا لكل من يقدر على هذه المادة أن يقدموه في الوجاقات ويعطوه دراهم ولأجل ذلك هو تقدم وعرض روحه لهذا».

هذا جزء مختصر جدا مما ذكره الجبرتي عن واقعة قتل كليبر التي قام بها سليمان الحلبي.. وطبقا لرواية الجبرتي فإن سليمان الحلبي كان قاتلا أجيرا..!!

للأسف هذا هو تاريخنا