الأخبار

عادل الشريف يكتب: أحدثكم عن وزير دفاع مصر

By عادل الشريف

September 21, 2019

كنت مترددا جداً في كتابة تلك الأسطر حتى لا يتهمني مُتهم بأنني أسوغ للثورة قبول الرجل فأنا قانع تماماً بان وزير الدفاع مع عسكره في معسكراته ولا يمكنه أبداً أن يقود دولة بحجم مصر فيها من التفاعلات المعقدة ما فيها، ولأن طبيعة التربية العسكرية لا تتسق مع القيادة المدنية المتسعة الأفق بخلاف الأفق العسكري المحدود.. لكن معرفتي بالفريق محمد أحمد ذكي والكتابة عن هذه المعرفة ربما تُفيد إذا احتدم الخيار بين المُرٍّ والأكثر مرارة.

 

جمعني بمحمد ديسك واحد بالفرقة ٢٤ بقسمي الإعدادي والمتوسط عام، بالكلية الحربية ولمدة سنة تقريباً، إضافة إلى جواره فلقد كان يسكن في عمارة الأوقاف خلف مسجد الرفاعي بالقلعة (قلعة صلاح الدين بالقاهرة)، بينما كنت أسكن أنا في شارع راضي باشا بالحلمية الجديدة، وكانت المسافة بين بيتينا لا تزيد عن الخمسمائة متر، وكنا نتواعد أحيانا قليلة، لكنا ظللنا طوال مدة بقائنا في الكلية نغادرها عصر الخميس سوياً، ونرجع إليها سوياً، كانت فرقتنا مكونة من ٢٨ طالب وكان هو الوحيد المواظب على الصلاة، فلقد كنت يسارياً قُحا أيامها، وكنت أظنه بمواظبته على الصلاة كلاسيكيا فلقد كان قليل الكلام والتعبير عن أفكاره، كان منخفض الصوت جداً وحيي جداً لدرجة أنني تعجبت من كونه التحق بسلاح المظلات عند التخصص فالصاعقة والمظلات ومن قبلهما المشاة تحتاج شخصية غجرية أو قريبًا من ذالك.

 

كنت ألتقيه لماما بعد الزواج وتفرق مناطق السكن والعمل، لكنني كنت أشعر أنه مازال يحافظ على هدوء نفسه ودماثة خلقه، ومنذ عشر سنوات سمعت أنه تولى قيادة وحدات المظلات فتعجبت لذلك، ثم في عهد الدكتور مرسي، رحمه الله، وكان قد تولى قيادة الحرس الجمهوري وأظن أن السيسي هو الذي زكاه لهذه المهمة فالسيسي يعرفه، لأنه دُفعتنا أيضاً وربما أكتب عن ذلك إن شاء الله، فأزمعت لقاء ذكي لكنني لاحظت أن جنود الحرس عند قصر الاتحادية في حال سيئة جداً من المظهر العسكري والتراخي المتدني، فجندي الحرس الملكي أو الجمهوري حتى عصر مبارك كنت ترى وجهك في مرآة نعله مع أفروله الذي تظهر خطوط المكواة فيه والنشا في ياقته فاكتأبت نفسي وأعرضت عن هذه المقابلة التي ندمت فيما بعد عن عدم إنفاذها، خاصة عندما علمت أنه وبشخصه هو الذي اقتاد الحبيب مرسي إلى مقر اعتقاله بدار الحرس.

 

اعتقد أن السيسي حينما ولاه وزارة الدفاع كان أولا يرد له جميل القيام بمهمة اعتقال مرسي وإزاحته من القصر لأنه لو كان رفض وحمى مرسي ما كان للانقلاب أن يتم البتة.. وثانيا لأنه يعلم أنه صاحب شخصية نمطية كلاسيكية هادئة يمكن التغلب عليها بأقل تهديد.. وأما ذمته المالية فلم يشتهر عنه شيئ شاذ وأظن أن تدينه يجعله أن لا يقبل ما فوق الهدايا الرسمية وبدلات الولاء التي قننها مبارك وطنطاوي.

 

ربما كان مُتوجْباً علي أن اكتب هذه الكلمات تبرئة لذمتي، وأقول لو تم الاتفاق معه على أن يكون مثل سوار الذهب يقوم بقلب السيسي ثم بعد عام تحديداً يقوم بإنفاذ انتخابات برلمانية ورئاسية فقد يكون ذلك جيداً إذا لم يكن ما هو أفضل.