الأخبار

عادل الشريف يكتب: كيف يكون القرآن رسما هيروغليفيا؟

By عادل الشريف

March 08, 2021

هذه هي الحلقة الأولى التي ننتهز فرصة الزخم المثار حول عدنان إبراهيم وأقرانه الذين خبأوا في أنفسهم الاعتقاد بانفراد القرآن وحده بالهداية ويجتهدون من قرون سالفة إلى تكريس الاستغناء عن السنة التي يراها أهل الحق كمذكرة تفسيرية تطبيقية للقرآن المجيد لا يمكن الاستغناء عنها.

 

الحلقة الأولى:

نعم إذا أردت أن تجعل القرآن مجرد رسوم تشبه الهيروغليفية الفرعونية القديمة فيمكنك ان تتصور أو تؤمن بإن حفظ الله للقرآن قاصر على القرآن ذاته دون لغته وسنة نبيه المبلغ للقرآن.. فإذا سجل الله في محكم التنزيل ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون …/ الحجر ) فإذا تصورت انحسار لغة القرآن عن ألْسِنة الناس جميعا فماذا يعني بقاء القرآن محفوظا حينذاك ؟ إلا كما الكتابة الهيروغليفية وما شابهها  .

 

وكذا إذا تصورت القرآن محفوظا ولغته أيضا محفوظة، ولكن السنة قد اندرست وانمحت آثارها، فهنا سيكون من حق الشيعة أن يفسروا القرآن بحسب أهوائهم بحيث يكون النص القرآني تاكسي ملاكي منصرف لتمجيد علي والحسين وذرية الحسين، فتكون النصرانية على تفحشها أقل انحرافا عن ديننا يومئذ، وكذلك ستجد الصوفية يفسرون القرآن في اتجاهات اللّدُنية الغيبية وإمحاء الشريعة بتأويلات الحقيقة، وكل ذلك موجود فعلا، فآية المائدة (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك).. يقول عنها الشيعة بلّغ يا محمد أن عليا هو وصيّك، بينما أهل السنة ينظرون إلى الآية التي تليها مباشرة فيعلمون المقصود بالبلاغ وهو (قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا ..)

 

فتتحقق الفائدة العظمى في مسئولية كل مؤمن عن إحالة كتاب الله من كتب مسطورة إلى واقع شرعي مُعاش وأخلاق ماثلة في حياة الناس وأهداف شاخصة أمام الجميع يتحركون إليها بإنفاذ شريعة ربهم وتحقيق أغراضها البنائية للأمة وأفرادها لتحقيق الحضارة الإسلامية الكاملة والشاملة والحاضة غير المؤمنين أن يتفكروا في هذا الدين المتين، وحدث عن أقوال الصوفية المنحرفة عن القرآن بما يضحكك وما يبكيك في آن، فأخو يوسف أسموه نكتل (فأرسل معنا أخانا نكتل)، والذي جاء مريم بلطجي اسمه تقي (إن كنت تقيا)، والذي وجده زكريا في محراب مريم هو الأخ رزق (وجد عندها رزقا)، وكأنهم كانوا يتبارون في تفسير القرآن بأمزجة مشبعة بالحشيش والأفيون..

 

فما العاصم من هذه الفتنة إلا سنة محفوظة للنبي الذي بلغ القرآن وعاشه وتخلق به (كان خلقه القرآن ، وكان قرآنا يمشي على الأرض)، والله ارتضاه لنا دون غيره أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا، والله أمرنا باتباعه في عدة آيات محورية أبرزها رهنه تعالى أثبات محبته تعالى باتباع نبيه (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله..)، كما جعل اتباع النبي علامة على الإيمان ممتدة تاريخيا من لدن موسى عليه السلام (واختار موسى قومه.. قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين.. الذين يتبعون الرسول النبي الأمي.. فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه.. قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا.. (واتبعوه لعلكم تهتدون).. كما سوغ له ربه تعالى التشريع العملي فهو لا ينطق أصلا عن الهوى  (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول..) النساء، وإن تطيعوه تهتدوا..) النور، (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)، ومن حديثه صلى الله عليه وسلم (ما نهيتكم عنه فانتهوا، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم).

 

فهل يمكن بعد كل هذه السياقات أن يقول عاقل باستبعاد السنة والاكتفاء بالقرآن، والقرآن ذاته هو الداعي لاتباع المؤمنين به لسنة نبي الله الخاتم ومن أجل ذلك جعل نصف شهادة الإسلام منصبة على الإيمان به واتباعه، وإلا فما الداعي لحتمية قولنا  (وأشهد أن محمداً رسول الله) إلا أن تكون أبواب الهداية مفتحة أمامه ومن سار سيره على ذات طريقه.

 

فإذا قنعت بحتمية اتباع سنته في طريق إسلامك لربك فمن أي ماعون ستأخذ هذه السنة ، ينبغي عليك الأخذ من ماعون صحيح كامل الصحة حتى لا يتسلل إلى روحك مثقال ذرة من الريبة (ذلك الكتاب لا ريب فيه )، والسنة أيضا التي ستسيّر بها حياتك العملية لابد أن تكون خالية من الريبة والشك والدخل والدخن .. أي تكون السنة من ذات قوة ثبوتية القرآن مع الأخذ في الاعتبار أن قداسة القرآن أعلى ومقامه أرفع لأنه كلام رب العالمين ، لكن قوة الثبوت للسنة لصحة الأخذ ونفي الريبة لابد من كمالها .