عبد الرحمن محمد جمال يكتب: الفراغ الفكري

الإنسان كما أنه يشعر بالجوع والعطش إذا لم يأكل أو يشرب شيئاً، هكذا فإنه يشعر بالظمأ والجوع الفكري إذا لم يشبع نفسه في المجال الفكري، يشعر بفراغ في وجوده يجب أن يملأ،

وقد يرحل من الدنيا فارغ البال وهو جائع الفكر،

وقد يملأ الفراغ الفكري بالتيارات الفكرية الناشطة في مجتمعه،

فيأخذ منها ما صفا وما كدر وربما يذوب في تلك التيارات.

وكثير من الناس يخزهم ضميرهم بهذا الفراغ الفكري،

وقد يضطرون ليعتنقوا من الأفكار ما يناقض دينهم ويتعارض مع الطقوس والآداب للمجتمع الذي يعيشون فيه.

إن مجتمعنا يعاني قلة المفكرين الذين يشبعون نهمة الشعوب الفكرية

ويغذونهم بالغذاء الفكري لذلك تجد الاضطراب الفكري في مجتمعنا أكثر بالنسبة إلى المجتمعات الأخرى،

وذلك لأن تلك المجتمعات قد غذت شعوبها فكرياً وأصبحت شعوبها ناضجة الفكر واسعة الأفق تميز الطيب من الخبيث، وتقرر مصيرها بيدها.

أما المجتمعات الإسلامية فترى فراغا في التفكير؛

ربما تضييقا على المفكرين؛ لئلا ينجب المجتمع مفكرين يعالجون أمراض المجتمع

ويضربون على الوتر الحساس ويقودون الأمة الإسلامية إلى شاطئ السعادة والقمة.

والسبب في ذلك أن مجتمعاتنا يحكمها ومع الأسف النخب الديكتاتورية

التي انفردت بالسلطة وتخاف يقظة الشعوب ووعيها لذلك فإنها تعادي كل ما يؤدي إلى الوعي في الشعوب.

وتلمس هذا الفراغ الفكري في المدارس الدينية ومع الأسف وذلك حينما ترى الطالب يركز على الكتب المنهجية فقط ولا يوسع مطالعته في الموضوعات الفكرية، فيكون جامدا في الفكر ضعيفا في الثقافة والمطالعة.

الإفلاس الفكري.. والفناء

المجتمع الذي يصاب بالإفلاس الفكري محكوم بالفناء،

يعتريه الركود والجمود ويصبح ألعوبة بأيدي المتلاعبين،

يسيرونه أينما شاؤوا وكيف شاؤوا دون أن يملك من أمره شيئا كما نلمس ذلك في مجتمعاتنا ومع الأسف.

الإمام أبو الحسن الندوي رحمه الله من أكبر المفكرين الذين أنجبهم القرن الحديث

ليملأ هذا الفراغ الفكري بكتاباته القوية الرائعة التي تنبع عن فكرة صافية وعقيدة نابعة من القرآن والسنة.