تقارير

في مثل هذا اليوم: رحلَ صاحب ظلال القرآن

By يسري الخطيب

August 29, 2022

فجر يوم الإثنين، الموافق لـ29 أغسطس 1966م، وقف رجل أزهريّ يلقّن سيد قطب الشهادتين قبيل تنفيذ حكم الإعدام به، قائلاً له: “قل لا إله إلا الله”.. فما كان من سيّد قطب (رحمه الله) إلا أن قال له: “وهل جئتُ هنا إلا من أجلها!”.

في مثل هذا اليوم 29 أغسطس 1966م: أعدمَ جمال عبد الناصر أستاذه وصديقه، الشاعر والأديب والعالِم، والكوكب الدرّي في سماء الفكر الإسلامي:

صاحب ظلال القرآن: “سيد قطب”…

(سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلي)

الميلاد: 9 أكتوبر 1906م، موشا – أسيوط (مصر)

الإعدام: 29 أغسطس 1966م، القاهرة

الكاتب والشاعر والأديب والمفكر الإسلامي، ومؤلف كتاب في ظلال القرآن.

شغل منصب رئيس قسم نشر الدعوة في جماعة الإخوان المسلمين

 ورئيس تحرير جريدة (الإخوان المسلمون)

 يعتبر رائد الفكر الحركي الإسلامي أو ما يعرف بالقطبية والتيار القطبي.

المولد والنشأة:

ولد سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلي يوم 9 أكتوبر الأول 1906م، في قرية موشا (محافظة أسيوط) بمصر لأسرة ميسورة الحال، وكان والده منتميا إلى “الحزب الوطني” وأمه شديدة التدين.

درس القرآن الكريم بكُتاب القرية وأكمله في السنة الرابعة من دراسته الابتدائية (1912-1918). ولم يتزوج قط.

الدراسة والتكوين:

دخل مدرسة المعلمين الأولية بالقاهرة فنال شهادتها، ثم حصل على ليسانس دار العلوم،

وفي القاهرة عاش مع خاله أحمد حسين الموشي الذي كان شاعرا وصحفيا وسياسيا.

ذهب سيد قطب إلى القاهرة في سن الرابعة عشرة، وأقام عند أسرة واعية وجهته إلى التعليم، وهي أسرة خاله الذي كان يعمل بالتدريس والصحافة، وكان لدى الفتى حرص شديد على التعلم. والتحق سيد قطب أولاً بإحدى مدارس المعلمين الأولية – مدرسة عبد العزيز – ولم يكد ينتهي من الدراسة بها حتى بلغت أحوال الأسرة درجة من السوء بعد وفاة والده، جعلته يتحمل المسؤولية قبل أوانها

الوظائف والمسؤوليات:

عمل قطب مدرسا للمرحلة الابتدائية لتمويل دراسته الجامعية، كما اشتغل منذ شبابه في الصحافة لمواجهة أعباء الحياة، خاصةً بعد هجرة أسرته للقاهرة بعد وفاة والده.

تولى وظائف إدارية وتربوية في وزارة المعارف، ومارس التفتيش في التعليم الابتدائي وأرسلته الوزارة إلى الولايات المتحدة 1948م، للتخصص في التربية وأصول المناهج، وبعد عودته قدمَ استقالته من الوزارة 1952م.

بعد قيام حركة الضباط في 1952م، عُرضت عليه وزارة المعارف، فرفض، لكنه قضى أشهرا مستشارا لمجلس قيادة الثورة.

التوجّه الفكري:

تأثر قطب في أواخر العشرينيات والثلاثينيات بالمفكر عباس العقاد، ثم اختلف معه، ويقال إنه كانت له رابطة بـ”حزب التحرير” الإسلامي.

مهدت كتاباته الإسلامية منذ 1947 -خاصة كتابه “العدالة الاجتماعية في الإسلام”- لبداية علاقته بجماعة الإخوان المسلمين التي انضم إليها رسميا، في 1953م، وأصبح عضوا بمكتب إرشادها ومسؤول قسم نشر الدعوة، ورئيس تحرير صحيفة “الإخوان المسلمون” حتى أغلقت في سنة 1954م.

مر سيد قطب بمراحل عديدة في حياته منذ الطفولة:

1- المرحلة الأدبية البحتة:

كان فيها متأثرا بعباس العقاد.

2- المرحلة الفكرية:

وهي مرحلة التوجّه الإسلامي، حتى صار رائد الفكر الحركي الإسلامي أو ما يعرف بالقطبية، وهذه المرحلة هي التي يعرفه الناس بها حتى اليوم.

يعد سيد قطب من أكثر الشخصيات تأثيرًا في الحركات الإسلامية التي وجدت في بداية الستينيات من القرن الماضي.

له العديد من المؤلفات والكتابات حول الحضارة الإسلامية، والفكر الإسلامي، من أشهرها:

  1. الإسلام ومشكلات الحضارة
  2. الأعمال الشعرية الكاملة
  3. التصوير الفني في القرآن
  4. السلام العالمي والإسلام
  5. العدالة الاجتماعية في الإسلام
  6. المستقبل لهذا الدين
  7. النقد الأدبي أصوله ومناهجه
  8. تفسير آيات الربا
  9. تفسير سورة الشورى
  10. خصائص التصور الإسلامي ومقوماته
  11. دراسات إسلامية
  12. في التاريخ فكرة ومنهاج
  13. كتب وشخصيات
  14. مشاهد القيامة في القرآن
  15. معالم في الطريق
  16. معركة الإسلام والرأسمالية
  17. مقومات التصور الاسلامي
  18. نحو مجتمع إسلامي
  19. هذا الدين
  20. في ظلال القرآن
  21. أيها العرب استيقظوا واحذروا

الدراسة في أمريكا:

حصل سيد قطب على بعثة للولايات المتحدة في 3 نوفمبر 1948م، من وزارة المعارف للتخصص في التربية وأصول المناهج..وكان يكتب المقالات المختلفة عن الحياة في أمريكا وينشرها في الجرائد المصرية ومنها سلسلة مقال بعنوان (أمريكا التي رأيت) تم نشرها في كتاب، غير موجود الآن، وهو من أفضل الكتب عن أمريكا وحياة الأمريكيين، حسب شهادة الذين عاصروا تلك الفترة

 يقول في إحدى صفحاته:

(شعب يبلغ في عالم العلم والعمل قمة النمو والارتقاء بينما هو في عالم الشعور والسلوك بدائي لم يفارق مدارج البشرية الأولى بل أقل من بدائي في بعض نواحي الشعور والسلوك.)

– ذكرَ سيد قطب أنه تعرف على حركة الإخوان المسلمين ومؤسسها حسن البنا عندما تم اغتيال حسن البنا، فقد رأى بهجة الأمريكيين وفرحهم بموته، وكان يومها مريضا بالمستشفى (كان سيد قطب يعاني من عدة أمراض مزمنة منذ نشأته) ورأى فرحة الأطباء والممرضات، وناقوس الكنيسة المجاورة للمستشفى لا يتوقف، فسأل عن سبب ذلك، فقالوا له إن الرجل الذي كان سيحتل الغرب وينشر الإسلام، مات اليوم…فتأثر سيد قطب كثيرا، وأراد أن يتعرف على هذه الحركة عندما يعود إلى بلده،

وعند عودته أحسن الإخوان استقباله، فأحسن الارتباط بهم، وأكد صلته حتى أصبح عضوًا في الجماعة.

كانت سيد قطب ضعيف البنية، تسيطر عليه عدة أمراض، ولكنه كان قوي القلب، لا يخاف، ولذلك تعجب الشيخ علي الطنطاوي من شكله لما التقاه، إذ لم يتصور أن المقالات العنيفة تصدر من شخص ضعيف البنية تبدوا عليه مظاهر المسالمة والموادعة،

– حاول جمال عبد الناصر أن يحتوي سيد قطب قبل انضمامه للإخوان عندما انشق جمال عنهم، وأسس هيئة التحرير، فأقامت الهيئة لسيد قطب احتفالاً كبيراً، وعندما قام سيد متحدثاً قال أنه متهيء للسجن ولما هو أكثر من السجن، فقام جمال وعاهده على الدفاع عنه، وهو ذاته الرجل الذي أمر بإعدامه فيما بعد.

كان جمال عبد الناصر يعلم المكسب العظيم من انضمام سيد للهيئة، فعرض عليه استلام وزارة المعارف فرفض سيد هذا العرض، وأعلن انشقاقه عن هيئة التحرير.

 وهكذا انضم سيد قطب إلى صفوف الإخوان لكنه انضمام عن قناعة.

 لم ينضم للإخوان في مرحلة الرخاء، بل في وقت المحنة، ولذلك وبعد فترة وجيزة ألقي بالسجن مرات عديدة وظل قابعاً في السجن سنوات عديدة من عمره، ذاق فيها صنوفاً من التعذيب، إضافة إلى أمراضه في الكلى والمعدة والرئة، وقد أصيب من جراء التعذيب بنزيف رئوي شديد وذبحة صدرية.

– سيد قطب انتمى للإخوان بشكل متأخر في سنة 1953م، تقريباً، وعينه المرشد العام حسن الهضيبي رئيسا لقسم الدعوة خلفا للبهي الخولي الذي انضم إلى عبد الناصر في عام 1954م، ورأس سيد قطب تحرير مجلة الإخوان المسلمين.