محمد جربوعة

الأخبار

محمد جربوعة يكتب: حفتر.. وحملة لتوجيه الأنظار إلى الخارج

By محمد جربوعة

April 07, 2019

توجيه الأنظار إلى ما يقوم به خليفة حفتر في ليبيا، واعتباره مؤامرة على الجزائر، خدعة بصرية تقوم بها بعض الأطراف، لتحقيق هدفين:

 

الهدف الأول:

إلهاء الشعب بموضوع خارجي، لصرف الأنظار عن مؤامرات تحدث بالداخل، أحد ملامحها الخروج المفاجئ لموضوع (الأنوثوية).. وهو أمر لم يأت عبثا ولا مفاجأة ، بل له دوائر تحركه ، لإسقاط قانون الأسرة بالمادة 7، وسلطة الشعب.

 

الهدف الثاني:

أما الهدف الثاني، فهو استعمال الشعب من طرف قطر وأنصارها من موجهي الحراك، لتصفية حسابات مع الإمارات.. وهي حسابات لا تعنينا الآن.

 

ومن شكّ في هذا الكلام، فليرجع إلى من أطلقه ، ليدرك أنه من الموالين لقطر، سواء من أشخاص أو من قنوات.

 

وهنا يجب أن نفهم، أنّ الكثير من مناطق ليبيا تحكمها اليوم ميليشيات موالية لقطر وتركيا، وهي مهددة بالمسح من طرف حفتر وجيشه.. وهو ما كشفه مؤتمر باليرمو بإيطاليا.

 

لذلك، تريد قطر وتركيا الزج بحراك الشعب الجزائري لإحداث ضغط على حفتر.

 

حفتر متجه بجيشه للسيطرة على العاصمة طرابلس، مرورا بمدينة غريان التي تحاذيها، والتي صورها بعضهم على أنها مدينة حدودية مع الجزائر، وأوقع الكثير من البسطاء في هذه الخدعة، حتى لكأنه يتحدث عن (غدامس).

 

مشكلة بعض القراءات أنها تحمل تهافتها داخلها.. وأصحاب نظرية أن حفتر يتحرش بحدود الجزائر بدعم من الإمارات، وبالتالي يجب قطع العلاقات مع الإمارات، هم أنفسهم من يقولون إن قايد صالح له علاقات مميزة مع الإمارات.

 

فكيف تغري الإمارات حفتر بالتشويش على حلفائها المفترضين ، وهم قيادة الجيش الجزائري، في هذه الفترة التي تراهم فيها يصارعون جبهات عدة؟

أي منطق سياسي هذا؟

 

ولكي تظهر الصورة واضحة، أقول:

بوتفليقة كان قبل مجيئه سنة 1999 يعيش في الإمارات، ويشغل منصب مستشار لزايد.. وقد حبكَ الأمر مع الإمارات التي اقترحته على فرنسا وأمريكا، وبذلت لذلك أموالا كبيرة.

 

وبعد وصوله لسدة الحكم، حدث أن زار بعض ندمان وأصدقاء بوتفليقة الجزائر بدعوة منه، وبصفة غير رسمية.. وبعد قضائهم أياما في الجزائر، وتوجههم إلى المطار راجعين، طلب منهم أحد كبار الموظفين في المطار رشوة، لتسهيل تمرير بعض ما يحملونه من مقتنيات، وهو جاهل بماهيتهم.

 

وبعد رجوعهم إلى الإمارات، سألهم سفير الجزائر هناك عن زيارتهم، فأخبروه بما كان من أمرهم في المطار، ليفتح تحقيق سري كبير، طارت فيه رؤوس.

 

مع العلم أنّ الإمارات في عهد بوتفليقة هي المتحكمة بتجارة (التبغ) في الجزائر.

 

وحين تحركت المسيرات، كان على قيادة الجيش أن تنهي الأمر مع الإمارات حول استمرار بوتفليقة، منعا لأي إشكال خارجي لفرنسا وغيرها من حلفاء الإمارات.. لذلك تكررت الزيارات إلى هناك.

 

الإمارات دولة سوء.. وهي التي كانت تقف وراء العصابة، في الكثير من فسادها وتبييضها للأموال عن طريق دبي.. والبحرين التي تعد أكبر نقطة للتبييض في الشرق الأوسط.

 

لذلك، أقول إنّ استدراج الحراك من طرف بلدان خارجية لتصفية حسابات خليجية، أمر خطير، وهو فتح للباب للمال الخليجي للفاسد لتعفين الأوضاع، وشراء ولاءات، وتوجيه الأمور نحو مآلات تخدم تلك البلدان.

 

تحويل الجزائر إلى ساحة للصراع الخارجي عن طريق أخبار خاطئة، وقراءات متضاربة ، كارثة عظيمة.

 

ولم أكن لأعير لأمير حفتر اهتماما.. لكن للأسف.. رأيتُ أن الكثير من الجزائريين أكل الطعم.. وصار مركوبا لجهات خارجية لتصفية حساباتها.

 

أعود لأقول: ارجعوا إلى تغريدات الذين نفخوا في قضية حفتر.. والذين طالبوا بقطع العلاقات مع الإمارات.. والذين أوهموا الناس بأن غريان الليبية مدينة حدودية ، وسترون أنهم ينتمون إلى جهة واحدة.

 

وبين قصة (الأنوثويات) التي تحركها فرنسا عبر الدولة العميقة.. وقصة حفتر التي تحركها جهات خليجية عبر وكلائها من معارضين جزائريين.. يبقى الحراك يتعرض لمحاولات استخدام دولية لتحقيق مآرب أطراف خارجية.

 

فكن ذئبا.. وارفع رأسك..وانظر بعيد لترى.. فالذئاب تمسح الأرض حولها مسحا حين تنظر.