محمد رأفت والي

أقلام حرة

محمد رأفت والي يكتب: فكرة الموت تُرعبني

By محمد رأفت والي

September 30, 2022

كثيرًا ما كانت ترعبني فكرة الموت في حَدِّ ذاتها، وأظنُّها لا تزال..

فكرة تحوُّل الكائن الحي الذي ينمو ويضحك ويتحرّك إلى مجرد جسم ساكن لا روح فيه..

ولكنني -وبرغم هذا- لم أجد أكثر من استدراك ما بعد هذا المصير مُواسيًا لخَوْفي..

بمعنى أنهُ إن كان الموت أمرًا مكتوبًا علينا ولا رجعةَ فيه، فلا مناصَ لي حينئذٍ من التركيز على ما ينفعني ويشفع لي من الأعمال؛

إذ لم يكن الموت في حد ذاته سببًا للخوف كما كنتُ أظن، ولكن ما بعد الموت هو الأحرى بالخوف والعمل والإعداد.

وبناءً على هذا صِرتُ أَغبطُ كل شَيَبَةٍ شابَت في سبيل الله،

وأشفِقُ على كل ذي شيبةٍ شابَ في غير ذلك..

ولم تَعُد نفسي تجزَع من الموتِ بقدر ما تَجزع لحالة المَيِّت، أشَقَيٌّ هو -معاذَ اللهِ- أم سعيد؟!

أَعَلى الصراط المستقيمٌ هو -إن شاء الله- أم من المغضوب عليهم أو الضَّالِّين؟!

وحينما أسْقِطُ هذا المعنى على فقيدٍ كالشيخ القرضاوي،

أراني بين شعورين متناقِضَيْنِ يعودانِ إلى أصلٍ واحدٍ يَدُلُّ على ثِقَلِ الشيخِ ومتانَتِهِ وقوةِ تأثيرهِ الإيمانية في الحياة.

فأما الشعور الأول،

هو الحزن الذي ينشأ تلقائيًّا من فراق عالمٍ فَذٍّ من رعيلِ الأشاوس

كالغزالي والشعراوي والندَوِيّ والبشير الإبراهيمي والطاهر بن عاشور وغيرهم ممن يصعب تعويض الفراغ العلمي والفكري الذي تركوه.

وأما الشعور الثاني،

فهو الغبطة التي نغبطُهُ بها على حياتهِ التي قضاها فيما يرضي جناب اللهِ من الدعوة والفقهِ والتزكيةِ والإرشاد.

ولمثل هذا الشعور الثاني؛ تحلو مرارةُ المَوْتِ وإن ثَقُلَت، وتطمئنُّ النفس وإن فَزِعَت، وتنشأُ أفراحُ الرَّوح التي تغَرِّدُ على أغصانِ البشرى وهي تقول «غَدًا نلقى الأحِبَّة، محَمَّدًا وحِزْبَه»

اللهم ارحم عبدك يوسف القرضاوي وجميع علماء المسلمين، وارحمنا نحنُ إذا صرنا إلى ما صارَ إليه،

وإنا للهِ وإنا إليه راجعون.