زعيم تنظيم القاعدة الدكتور ايمن الظواهري

تقارير

مقتل الظواهري انتصار لواشنطن أم تكريس لمأزق القاعدة؟

By عمر الكومي

August 03, 2022

بحسب إعلان الرئيس الامريكي جو بايدن تمكنت واشنطن اخيرا وعبر طائرة مسيرة من وضع حد لحياة زعيم القاعدة الدكتور أيمن  الظواهري بعد أكثر من عشرين عاما من المطاردة بعد توجيه اجهزة أمنية امريكية رفيعة المستوي اتهامات للرمز الجهادي المصري البارز  بالضلوع في التخطيط لإحداث الحادي عشر من سبتمبر وتفجير المدمرة الأمريكية يو اس اس كول ومن قبلهم استهداف السيارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام عام ٩٨

 

وقد كتبت عمليات استهداف الظواهري عبر صاروخ موجه “ننيجا ” نهاية مسيرة الظواهري الذي ظهر في المشهد السياسي  خلال نهاية ستينات القرن الماضي  مع بواكير تشكيل خلايا جهادية عنقودية تخللتها مواجهات دامية مع الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة وأنظمة حكم عربية عديدة في مقدمتها القاهرة والرياض عبر تفجير السفارة المصرية في إسلام اباد واستهداف قواعد عسكرية سعودية في الظهران والخبر .

استهداف الظواهري ومأزق بايدن

‏ اذ كان الرئيس الامريكي جو بايدن قد نسب لنفسه نجاحا في التخلص من الظواهري فان المراقبين ربطوا بين استهداف زعيم القاعدة والمأزق الشديد الذي يعاني منه ساكن البيت الأبيض حاليا والذي ظهر بشكل واضح في استطلاعات رأي الحزب الديمقراطي وأظهرت عدم تأييد الاغلبية الديمقراطية لترشح بايدن لولاية ثانية في البيت الابيض

وتؤكد عملية  استهداف الظواهري جاء في المقام الأول لتعزيز شعبية الرئيس الأمريكي الحالي وإنقاذ حظوظ الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر وليس لكون الظواهري يشكل خطرا جادا علي الولايات المتحدة أو أن تنظيم القاعدة مازال يمثل رقما في المعادلة منذ وفاة زعيمه الراحل الشيح اسامة بن لادن منذ اكثر من عقد .

أحداث سبتمبر

‏: فخلال العشر سنوات الماضية لم ينجح الظواهري في تقديم  نفسه كشخص مؤثر في تنظيم القاعدة حيث لعب الحصار الامريكي المضروب عليه منذ سقوط حكم طالبان عام ٢٠٠١دورا في تقليص نفوذه وتأثيره علي التنظيم وأذرعها المتناثرة في عديد من بقاع العالم الذي تحول خلال السنوات الأخيرة الي تنظيم لا مركزي للعلاقة له بالمركز الا العلاقة الروحية.

الظواهري وتراجع تأثير القاعدة

‏ويمكن القول إن إخفاق الظواهري في تسيير شئون القاعدة قد لا يعود في المقام الأول لقدراته التنظيمية وإمكانيات في التأثير علي قيادات التنظيم وأفراده بقدر ما يعود للصعوبات التنظيمية التمويلية التي تعاني منها القاعدة بسبب الحرب الامريكية الشرسة عليه حيث فشل الظواهري في التصدي لتمرد تنظيم الدولة في العراق والشام وكذلك تمرد جبهة النصرة في سوريا عام ٢٠١٨وتحولت معه أفرع القاعدة في جزيرة العرب وبلاد المغرب الاسلامية وفي مالي ونيجيريا والصومال  الي أذرع شبه مستقلة لا تأثير للمركز عليه واقتصار هذا التأثير علي الجوانب الروحية فقط .

‏ تراجع دور تنظيم القاعدة لم يقتصر علي هذا المحور بل ان التنظيم مازال يعاني منذ صدمته  ثورات الربيع العربي وما عكسه من قدرة الجماهير علي احداث تغيير سلمي -أفلح ولو مؤقتا -في زلزلة عروش الطغاة العرب واسقاط أنظمته فهذه الثورات ورغم عدم قدرتها علي إكمال الطريق لنهايته الا انها جعلت الرأي العام ينفض عن دعم العمل المسلح كأداة للتغيير بشكل كانت له تداعيات كارثية علي الحركات الإسلامية الراديكالية

تفجير السفارة الأمريكية في نيروبي

هذه التداعيات كانت لها تداعيات كارثية علي  القاعدة بشكل أضعف قوتها وقدرتها علي العمل الفاعل وتأمين التمويل  اللازم لعملياتها وفاعليات أذرعها في بلدان المنطقة مما اضعف الصلات بين المركز والاطراف بل وقلص تأثير تنظيم القاعدة بشكل كبير وأن لم يقض عليه بشكل تام حيث سيبقي التنظيم او خلاياه النائمة مستعدا لاستئناف نشاطه أو بحثت زعامة التنظيم  الجديدة عن آليات جديدة يستعيد فيها التنظيم قدرته وتأثيره

‏ ولعل ما يضعف تأثير غياب الظواهري علي القاعدة أن التنظيم أخفق بقيادة الجهادي المصري البارز طوال عشر سنوات في أن يلعب دورا مهما في استعادة زخم التنظيم او القيام بعمليات مؤثرة تستهدف المصالح الامريكية او ترد علي عمليات اجهزة الاستخبارات الأمريكية ضد رموز التنظيم سواء في باكستان او افغانستان او مالي والصومال واليمن بشكل  كشف العوار الذي شاب اداء التنظيم خلال ولاية الظواهري فضلا عن الأخير فشل في الرد علي أنظمة الثورة المضادة التي انقضت علي الربيع العربي واردته قتيلا أو المجازر التي أدارتها هذه الانظمة ضد شعوبها بشكل أفقدها اي نوع من التعاطف الشعبي.

تفجير يو اس اس كول

ولعل ما يضاف الي مشكلات تنظيم القاعدة ويثير تساؤلات حول قدرته علي استعادة زحمه تحوله لهدف رخو لأجهزة الاستخبارات العالمية حيث ذكرت تقارير عن قيام المخابرات الأمريكية يرصد عودة الظواهري  لأفغانستان عبر الحدود الباكستانية في بداية العام الحالي إذ تحول لهدف في المتناول  لهذه الأجهزة خصوصا ان الظواهري قد خفف كثيرا من القيود الأمنية  التي دأب علي الالتزام  بها منذ أحداث سبتمبر 2001خلال تحركاته في العاصمة الافغانية ظنا منه ان حرص واشنطن علي التزام حركة طالبان باتفاق الدوحة قد يغل يديها  عن استهدافه متجاهلا تاريخا طويلا من عدم احترام واشنطن الاتفاقيات الموقعة ولا سيادة الدول خصوصا انه ليس هناك التزام من واشنطن بشكل صريح ضمن اتفاقيات الدوحة يمنعها من القيام بهذه العمليات.

القاعدة والموت السريري

‏ وفي المقابل أدانت حركة طالبان استهداف الولايات المتحدة للسيادة الوطنية وقيامها بعمليات تخالف اتفاقيات الدوحة والقانون الدولي متحدثة عن تأثيرات سلبية لهذا النهج المستمر منذ اكثر من ٢٠عاما علي الفرص المتاحة لإعادة الاستقرار مشددة في الوقت نفسه واحترامها لكل الاتفاقيات الموقعة مع واشنطن وهو ما فسره مراقبون بعدم وجود نص صريح في اتفاق الدوحة ينص علي قطع الصلات بين الحركة والقاعدة بل تأكيد فقط علي عدم استخدام الاراضي الافغانية الاصرار بالمصالح الأمريكية.

في ظل هذه الأجواء المعقدة لا يبدو ان استهداف الظواهري سيكون له تأثيرات ذات قيمة علي العلاقات الأمريكية مع حركة طالبان ولا علي قدرة تنظيم القاعدة علي نفض غبار الضعف والعودة إلي التأثير بشكل فاعل أيا  كانت هوية خليفة الظواهري فالتنظيم يعاني موتا سريرا منذ سنوات وهو وضع مرشح للاستمرار حتي اشعار اخر.