الشرطة الصينية - أرشيفية

تقارير

الغرب يواجه قانون هونغ كونغ بالانتقادات والعقوبات

By أبوبكر أبوالمجد

July 05, 2020

الشرطة الصينية – أرشيفية

كتب- أبوبكر أبوالمجد

قررت الصين استغلال حالة الفزع العالمية جرّاء تفشي فيروس كورونا المستجد –كوفيد19-، وآثاره الاقتصادية المخيفة، والتي تحتل الولايات المتحدة الأمريكية المرتبة الأولى في انتشاره، وهي أول وأكبر أعداء الصين قاطبة، لتعلن عن قانون هونغ كونغ.

وتجاوزت بكين سلطات المجلس التشريعي المحلي في هونغ كونغ عبر اعتمادها هذا القانون، والذي لم يتم الإعلان عن مسودته قبل تمريره، ما يعني أن الناس في المدينة لن يشاهدوا تفاصيل الإجراءات التي عليهم الآن الالتزام بها، وهذا ما يثير مخاوف المعارضة في المدينة من تراجع غير مسبوق في الحريات, منذ إعادة هذه المدينة إلى الصين في 1997. قرار متجاوز

وفي قرار غير مسبوق, أقر البرلمان الصيني الثلاثين من يونيو الماضي، تشريعًا للأمن القومي في هونغ كونغ, يمهد الساحة أمام تغييرات في المستعمرة البريطانية السابقة هي الأكبر منذ عودتها للحكم الصيني قبل قرابة 23 عامًا.

وجاء أقرار التشريع بعد سنة على التظاهرات الضخمة في هونغ كونغ ضد سلطة الحكومة المركزية، والذي يتيح قمع أربعة أنواع من الجريمة ضد أمن الدولة وهي: النشاطات التخريبية والانفصال والإرهاب والتآمر مع قوى أجنبية.

ودخل القانون الجديد حيز التنفيذ، مساء الثلاثاء الماضي، بعد إقراره من قبل البرلمان الوطني الصيني، وتوقيع الرئيس الصيني، شي جينبينغ عليه.

وفي أول رد فعل غربي استدعت بريطانيا، سفير الصين للتعبير عن مخاوفها بشأن فرض قانون أمني في هونغ كونغ.

وكتبت ديبورا هاينس على تويتر “عاجل: وزارة الخارجية استدعت السفير الصيني ليو شياو مينغ لاجتماع مع سايمون مكدونالد اليوم في شأن القانون الأمني في هونغ كونغ”.

وقال رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، إن تمرير القانون كان “انتهاكًا واضحًا وخطيرًا” للإعلان البريطاني-الصيني المشترك عام 1985.

وبناء على ذلك الإعلان سلمت هونغ كونغ إلى الصين في عام 1997، مع ضمان حريات معينة لفترة 50 عامًا على الأقل، بناء على اتفاق “بلد واحد، ونظامان”.

وعرضت بريطانيا الإقامة، ثم الجنسية فيما بعد، على نحو ثلاثة ملايين من سكان هونغ كونغ.

وقالت السفارة الصينية في بريطانيا: “إذا أقدمت بريطانيا على تغييرات من جانب واحد، بالنسبة لهذا القانون، فإن هذا يعد انتهاكا لوضعها وتعهداتها، وللقانون الدولي”.

القانون المثير

يتضمن القانون قمع الأنشطة “الانفصالية” و”الإرهاب” و”التخريب” و”التآمر مع قوى خارجية وأجنبية”.

وسيتعامل مكتب جديد في هونغ كونغ مع قضايا الأمن القومي؛ ولكن سيكون له أيضًا سلطات أخرى مثل الإشراف على التعليم حول الأمن القومي في مدارس هونغ كونغ .

إضافة إلى ذلك، سيتعين على المدينة إنشاء لجنة الأمن القومي الخاصة بها لتطبيق القوانين، مع مستشار تعينه بكين.

وسيتمتع الرئيس التنفيذي في هونغ كونغ بسلطة تعيين قضاة للنظر في قضايا الأمن القومي، وهي خطوة أثارت مخاوف بشأن استقلالية القضاء.

والأهم من ذلك ، سيكون لبكين سلطة في كيفية تفسير القانون، وإذا كان القانون يتعارض مع أي قانون في هونغ كونغ، فإن قانون بكين له الأولوية.

ويخشى معارضو القانون أن يُـستخدم لقمع أي معارضة وإنهاء وضع شبه الحكم الذاتي الذي تحظى به المدينة وتقويض الحريات التي يتمتع بها سكانها، فهم يحذرون من أنها ستقوض استقلالية هونغ كونغ القضائية وتدمر الحريات الفريدة للمدينة، التي لا تُرى في الصين.

وفي هونغ كونغ، أعلن الناشط جوشوا وونغ، انسحابه من الحزب السياسي الذي شارك في تأسيسه في عام 2016، في أعقاب التقارير حول إقرار القانون المثير للجدل.

كما أعلنت نائبة الحزب السابقة ناثان لو، التي تم عزلها من المجلس التشريعي المحلي في عام 2016، والناشطة أغنيس تشو انسحابهما أيضًا.

وكتب وونغ على فيسبوك، أن تمرير القانون يعني أن “قدرا قاسيا أمامي. لا أعرف حظي وأنا بحاجة لإظهار شجاعتي”، وأضاف، الثلاثاء، على تويتر، “إذا لم يسمع صوتي قريبا، آمل أن يواصل المجتمع الدولي التحدث باسم هونغ كونغ وأن يكثف جهوده الملموسة للدفاع عن آخر جزء من حريتنا”.

والتقى وونغ ونشطاء آخرون بدبلوماسيين أجانب، وقدم شهادته بشأن حريات هونغ كونغ، أمام الكونغرس الأمريكي، منذ اندلاع الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية على نطاق واسع الصيف الماضي.

وأورد المصدر أنه عددا من مستخدمي موقع “تويتر” عطلوا حساباتهم، فيما أعلنت أحزاب سياسية عن حل نفسها، بما في ذلك الحزب الذي تأسس على يد الناشط الشاب، جوشوا وونغ.

أما المطاعم والمقاهي فأزالت ملصقات وصورا تدعم ناشطي الديمقراطية، بعدما صارت تخشى من رد فعل السلطات، في ظل سريان القانون.

وقال الناشط السياسي، وو شي واي، وهو رئيس الحزب الديمقراطي في هونغ كونغ، إنه شعر بحزن كبير وهو يشهدُ على ميلاد القانون في الثلاثين من يونيو، بحسب ما نقلت “واشنطن بوست”.

وأضاف “لم يحرمونا فقط من الحلم بنظام سياسي ديمقراطي، بل لم نعد نتمتع أيضا بحقوقنا في الصحافة والتعبير والتظاهر، كل هذا سينتهي”.

بينما تقول الصين إن القانون ضروري لمعالجة الاضطرابات وعدم الاستقرار في المدينة, وترفض الانتقادات باعتبارها تدخلًا في شؤونها، وتضيف، إن القانون يعد ردًا على احتجاجات مطالبة بالديمقراطية خرجت في هونغ كونغ العام الماضي، وتحول بعضها للعنف، كما يهدف إلى مواجهة التخريب والإرهاب والنزعة الانفصالية والتواطؤ مع القوى الأجنبية.

عقوبات وانتقادات غربية

بالرغم من التنديد في الغرب، فإن أكثر من 50 دولة، في مقدمتها كوبا، أيدت الصين، في الأمم المتحدة هذا الأسبوع.

فوصفت رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، القانون الصيني بالوحشي، وقالت: “القانون وحشي، وهو حملة كاسحة على الشعب في هونغ كونغ، ويهدف إلى تدمير الحريات التي وعدوا بها”.

ووافق مجلس النواب في الكونغرس الأمريكي على حزمة عقوبات جديدة تتعلق بهونغ كونغ، بعد فرض بكين قانونا أمنيا جديدا فيها، نددت به دول في أنحاء العالم.

ويعاقب الإجراء، الذي أُقر بالإجماع، البنوك التي تتعامل مع المسؤولين الصينيين.

ويجب أن يوافق مجلس الشيوخ على التشريع قبل إرساله إلى الرئيس ترامب.

ويفرض التشريع عقوبات على البنوك التي تتعامل مع مسؤولين صينيين، ممن يشاركون في قمع المحتجين المناصرين للديمقراطية في هونغ كونغ.

وقالت بيلوسي إنه كان يجب ” الرد بسرعة على تمرير الصين لما سمته بقانون “الأمن الوطني” الذي يهدف إلى هدم الحريات الديمقراطية في هونغ كونغ”.

وقبل توقيع مسودة التشريع، بدأت الولايات المتحدة في إنهاء الوضع الخاص لهونغ كونغ، فأوقفت الصادرات الدفاعية، وفرضت قيودًا على سبل الوصول إلى منتجات التكنولوجيا المتقدمة.

وكانت الولايات المتحدة قد وقعت العام الماضي تشريعًا بشأن حقوق الإنسان والديموقراطية، لتأييد المحتجين الموالين للديمقراطية في هونغ كونغ.

ومن جانبه، أعلن، وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الاثنين الماضي، أن الولايات المتحدة لن تصدر بعد اليوم إلى هونغ كونغ معدات عسكرية حساسة، ولم تعد تتعامل مع هذه المدينة على أنها كيان منفصل عن بكين التي شددت قبضتها عليها.

وقال بومبيو في بيان: “لم يعد بإمكاننا التفريق بين تصدير هذا العتاد إلى هونغ كونغ وبين تصديره إلى بقية أنحاء الصين”.

إلى ذلك أضاف أن الحكومة الأمريكية ستتخذ أيضًا “خطوات تفرض بموجبها على هونغ كونغ نفس القيود التي تفرضها على الصين في ما يتعلق بالتقنيات الأمريكية الدفاعية، وتلك ذات الاستخدام المزدوج، المدني والعسكري”.

وأتى القرار الأمريكي بعيد ساعات من إعلان بكين فرض قيود على منح تأشيرات دخول لرعايا أمريكيين “تصرفوا بشكل سيئ” عبر انتقاد قانون الأمن القومي.

وجاءت الخطوة الصينية بعيد أيام من إعلان إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، أنها ستفرض قيودًا على منح التأشيرات لعدد غير محدد من المسؤولين الصينيين بسبب انتهاكات متعلقة بالحكم الذاتي لهونغ كونغ.

ومن جانبها حذرت الصين الولايات المتحدة من “تقويض” مصالحها في المدينة.

وفي سياق متصل، قالت بريطانيا إنها ستقدم لحوالي ثلاثة ملايين من سكان هونغ كونغ فرصة الإقامة لديها، والحصول في نهاية المطاف على الجنسية البريطانية.

كما أن أستراليا “تبحث بجدية” تقديم ملاذ آمن لسكان هونغ كونغ، وقال رئيس الوزراء، سكوت موريسون، إن هناك اقتراحات “سيبحثها مجلس الوزراء قريبا”.

وكانت اليابان من بين الدول التي انتقدت القانون، ووصفته بأنه “مؤسف”.

وقالت، وزيرة الخارجية، توشيميتسو موتيغي: “القانون سوف يضعف الثقة في مبدأ “بلد واحد، ونظامان”.

ومن جانبه، وصف كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوشيهيد سوغا، التقارير حول تمرير الصين لقانون الأمن القومي لهونغ كونغ بـ”مؤسفة”، مشيرًا إلى أن “اليابان ستواصل الاتصالات الوثيقة مع الولايات المتحدة والصين”.

وقال سوغا، في مؤتمر صحفي، الثلاثاء، إنه “من المؤسف أن قانون (الأمن القومي) تم سنه على الرغم من المخاوف القوية للمجتمع الدولي وسكان هونغ كونغ”، وأوضح المسؤول الياباني، أن القانون “سيضر بالثقة الدولية بمبدأ الدولة الواحدة بنظامين. واليابان تود الاتصال مع الدول ذات الصلة لاتخاذ الإجراءات المناسبة”.

وصرّح، رئيس المجلس الأوروبي، تشارلز مايكل، إن الاتحاد “يستنكر” القانون، مضيفًا أنه ستكون له “آثار ضارة على استقلال القضاء والقانون”.

وأفاد، رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، الجمعة الماضية، إن كندا علقت معاهدة تسليم المجرمين مع هونج كونج بسبب القانون ووصف القانون بأنه “خطوة كبيرة إلى الوراء” بالنسبة للحرية.

وقالت سفارة الصين في أوتاوا في بيان على موقعها الإلكتروني، إن كندا “تدخلت بقوة” في الشؤون الصينية، وأضافت أن التشريع الجديد سيضمن الأمن في هونج كونج.

وقال متحدث في البيان “تتدخل بعض الدول الغربية ومنها كندا في شؤون هونج كونج بذريعة حقوق الإنسان، وهو ما ينتهك بشدة القانون الدولي والأعراف الأساسية للعلاقات الدولية”.

ورفض مسؤول صيني رفيع المستوى أمس الانتقادات الأجنبية، قائلًا إن شؤون هونغ كونغ الداخلية “ليست من شأنكم”.

وأعرب مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن قلقه إزاء اعتقال المتظاهرين في هونغ كونغ، بعد اعتماد الصين لقانون أمن قومي جديد للمنطقة الإدارية الخاصة.

وقال المتحدث الرسمي باسم مكتب حقوق الإنسان في جنيف، روبرت كولفيل للصحفيين في جنيف يوم الجمعة، إن مكتب المفوضة السامية لحقوق الإنسان يواصل دراسة القانون الجديد بعد دخوله حيز التنفيذ يوم الأربعاء، فيما يتعلق بامتثاله للالتزامات الدولية لحقوق الإنسان: “أعتقد أنه تم اعتقال عدة مئات من الأشخاص منذ بدء الاحتجاجات يوم الأربعاء.

وأشار، المتحدث الرسمي باسم مكتب حقوق الإنسان، إلى تعريفات “غامضة وواسعة بشكل مفرط” لبعض الجرائم في القانون الجديد الذي اعتمده مجلس النواب الصيني.

وأوضح أن “هذا قد يؤدي إلى تفسير وإنفاذ تمييزي أو تعسفي للقانون، مما قد يقوض حماية حقوق الإنسان”.

ومكررًا مخاوف المفوضية بشأن القيود المفروضة على حرية التعبير التي كانت قد سلطت الضوء عليها المفوضة السامية ميشيل باتشيليت، قال كولفيل إنه يجب “عدم استخدام مثل هذه القوانين لتجريم السلوك والتعبير الذي يحميه القانون الدولي لحقوق الإنسان”.

وأضاف، كولفيل، أن الجرائم التي تنشأ بموجب قانون الأمن القومي الجديد يجب أن تمتثل لمبدأ الشرعية المنصوص عليه في المادة 15.1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

وقال: “قد يؤدي ذلك إلى تقييد المساحة المدنية وإمكانية ممارسة الجهات الفاعلة في المجتمع المدني لحقها في المشاركة في الشؤون العامة”.

“يمكن أن تؤدي هذه الأحكام أيضا إلى تجريم المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء لممارستهم حقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي”.

وفي ذات السياق، اعتبرت منظمة العفو الدولية، في بيان لها، الثلاثاء، أن تمرير قانون الأمن القومي “هو لحظة مؤلمة لشعب هونغ كونغ ويمثل أكبر تهديد لحقوق الإنسان في التاريخ الحديث للمدينة.

وأضافت المنظمة الحقوقية الدولية، أن “السرعة والسرية التي تعاملت بها الصين في هذا التشريع، تؤكد المخاوف من أن بكين صنعت قانونًا قمعيًا لاستخدامه ضد منتقدي الحكومة، بما في ذلك الأشخاص الذين يعبرون فقط عن آرائهم أو يحتجون سلميًا”.

واعتبرت منظمة العفو الدولية أن “حماس الصين لتمرير هذا القانون بسرعة، هو أيضا إشارة مشؤومة للانتخابات التشريعية القادمة في هونغ كونغ في سبتمبر أيلول المقبل، مع تهديد بإمكانية استخدام القانون الأمني ضد المرشحين المؤيدين للديمقراطية”.

وطالبت أمنستي، بأنه “من الضروري ألا يتم استخدام قانون الأمن القومي لإهدار حقوق الإنسان، وتقويض الحريات التي تميز المدينة عن الصين”.

أول تطبيق للقانون

بعد ساعات من تمرير القانون، بدأت الشرطة في هونغ كونغ أول الاعتقالات.

وأعلنت شرطة هونغ كونغ، الأربعاء الماضي، أنها اعتقلت رجلاً كان يحمل “علم استقلال” هونغ كونغ، ليصبح أول شخص يتم توقيفه بموجب القانون الجديد.

كما كتبت الشرطة على تويتر إلى جانب صورة الرجل والعلم: “لقد اعتقل رجل لأنه حمل علم استقلال هونغ كونغ بما ينتهك قانون الأمن القومي الجديد”، واعتقل حوالي 360 آخرون خلال مسيرة محظورة.