إن المعركة في ليبيا هي معركة تركيا ومعركة ثورة الربيع العربي ضد أعدائهم من القوى الدولية الاستعمارية والنظام العربي الوظيفي.

 

الثورة في ليبيا نجحت في الصمود أمام مخططات القوى الدولية لضرب الثورة من الداخل بدعمهم للجنرال حفتر لسببين أساسيين:

 

الأول: إسقاط الثورة لنظام القذافي ومؤسساته بشكل جذري بحيث حرمت أي تآمر دولي من وجود موضع قدم كما في مصر واليمن.

 

الثاني: تمسك قوى الثورة بسلاحها خارج الترتيبات السياسية التي جرت بعد سقوط القذافي.

 

وهذا منح تركيا فرصة لدعم ليبيا لمواجهة هذا التآمر الدولي والإقليمي في خطوة سيكون لها أثر هائل ليس على مستقبل ليبيا فقط وإنما على تركيا وثورة الربيع العربي في كل الساحات.

 

ستصبح ليبيا بعد الدعم التركي نموذجا للتعاون والتكامل بين تركيا وقوى ثورة الربيع العربي وسنراه يتكرر في كل المنطقة العربية من الخليج إلى المحيط.

 

نجاح هذا النموذج هو أشد ما تخشاه القوى الدولي والنظام العربي لذا بدأوا يتحدثون عن ضرورة الحوار وحل الصراع بين الثورة ورجل الثورة المضادة الجنرال حفتر لقطع الطريق على التدخل التركي.

 

الغرب وخاصة أوربا في صدمة من عودة تركيا إلى ليبيا وهي التي أخرجت قوات الخلافة العثمانية منها إبان الاحتلال الإيطالي لليبيا عام 1911م.

 

لذا تسابق القوى الدولية الزمن وستعمل على إرسال وزراء خارجيتها والمبعوثين الدوليين والأوربين لطرح مبادرات سياسية قبل الدخول الرسمي لقوات تركيا دعما للحكومة الشرعية في طرابلس ليصبح هذا الدخول تحت ترتيباتهم المشبوهة ليحققوا بالسياسة ما عجز عنه حفتر .

 

وكما احتفظ الثوار بقوتهم وسلاحهم ولم يلتفتوا لدعوات القوى الدولية لتسليمها ورأوا ثمرة ذلك اليوم، فعليهم الحذر من هذه المبادرات السياسية التي تطرحها القوى الدولية ودعوات الحوار مع الجنرال حفتر رجل نظام القذافي البائد فالثورة لا تحاور الطغاة ولا رجالهم ولا من يقف ورائهم {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ}.

 

فالمعركة في ليبيا ليست معركة ثروات النفط والغاز في ليبيا والبحر المتوسط وإنما هي معركة أمة، وهذا ما أدركته تركيا بعد أن رأت التآمر الدولي لحصارها من كل الجهات لعزلها عن العالم العربي الثائر.

 

ولذا فأحداث إدلب الأخيرة هدفها الأساسي هو إشغال تركيا ومنعها من نصرة الشعب الليبي.

 

الأحداث في العالم العربي وفي تركيا مترابطة ومؤثرة في بعضها البعض، ومع ثورة الربيع العربي وتحرر تركيا رجع هذا الترابط والتآزر والتناصر من جديد بعد قرن من سقوط الخلافة الإسلامية العثمانية ليصدق فيهم حديث النبي عليه الصلاة والسلام

(مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)

من سيف الهاجري

مفكر وسياسي - الأمين العام لحزب الأمة الكويتي