منذ أن أطلق الإمام أحمد رحمه الله مقولته الشهيرة والتي رواها الدار قطني (بيننا وبينكم يوم الجنائز) حينما تصدى لأهل البدع والضلال في القرن الثالث الهجري وهذه المقولة الخالدة تتجلى في جنائز علماء الأمة ومجاهديها كجنازة الإمام أحمد نفسه وجنازة شيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم من أئمة الأمة ممن لا زالت تذكرهم وتدعو لهم.

 

وبعد قرون لا زالت هذه المقولة تتجدد…

 

فمع انطلاق ثورة الربيع العربي سارعت الجماعات ودعاتها إلى ركوب موجتها، وقدمتهم الشعوب ثقة بهم ليتصدروا المشهد السياسي في كل ساحات الثورة، ولم تدرك الشعوب حقيقة دور هذه الجماعات الوظيفية في الثورة من الداخل وتفاهمها مع النظام الدولي لإعادة إنتاج النظام العربي من جديد بمبادرات سياسية تحت رعاية ودعم القوى الدولية.

 

لكن أخيرا كشفت جنائز الطغاة مشهدا آخر…

 

ففي جنازة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي رجل نظام بورقيبة وبن علي أبّنه هؤلاء بأنه الرجل الذي ترك تونس على المحجة البيضاء والصراط المستقيم في حين أنه الرجل الذي أكد على علمانية الدولة وأنه لا علاقة له لا بالدين ولا بالقرآن.

 

وفي جنازة الجنرال الجزائري قايد صالح شهد له هؤلاء بحسن الخاتمة وهو من كبار جنرالات فرنسا الذين انقلبوا على الشعب الجزائري عام 1992م وارتكبوا المجازر في العشرية السوداء وهو منفذ العملية السياسية الأخيرة بترتيب دولي وإقليمي لاحتواء ثورة الربيع العربي في الجزائر ليصبح عند هؤلاء اليوم حاميا للوطن وداعية سلام .

 

لينكشف للشعوب بموقف هؤلاء من جنائز الطغاة أن شعارات الحرية والديمقراطية والدولة المدنية التي يرفعوها ما هي إلا مكاء وتصدية عن الثورة لإعادة إنتاج الاستبداد تحت هذه الشعارات برعاية النظام الدولي وقواه الاستعمارية.

 

فمن سار خلف جنائز الطغاة

فلن يسير في طريق الثورة

فهما فسطاطان لا يجتمعان.

 

{لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ}

من سيف الهاجري

مفكر وسياسي - الأمين العام لحزب الأمة الكويتي