الأمة| محمد أبو سبحةــ اعتبرت هيئة علماء المسلمين في العراق أن الحكومة الحالية ستكون “الأضعف” والأقل قدرة على مواجهة الفساد ، كما رأت في بيان متشائم أن أمد الصراع في العراق سيستمر في ظل التمكين للمشروع الإيراني في العراق والمنطقة.
ومضى أكثر من خمسة أشهر على انتهاء الانتخابات في العراق والتي شهدت مشاركة ضعيفة وتزويرًا أعيد على إثره عملية الفرز والعد لأصوات الناخبين، فيما مضي على إعلان الحكومة شهرًا بينما لم تكتمل تشكيلتها النهائية بعد إذ لا يزال هناك عدم توافق بين الكتل السياسية على الحقائب الوزارية المتبقية وخاصة الداخلية والدفاع.
وقال بيان لهيئة العلماء المسلمين اليوم الإثنين “ها هي (الحكومة) المعلنة تقطع شهرًا من عمرها بدون أن يُحسَ بها أو يُسمع لها صوت، ودون أن تستكمل تشكيلتها (الناقصة)؛ حيث لم يعلن عن تسمية أكثر من ثلث أعضائها؟!”.
حكومة عبر انتخابات مزورة
وركز بيان الهيئة على عدة نقاط فيما يخص العملية السياسة في العراق كان أبرزها، فيما يتعلق بتشكيل الحكومة السابعة بعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين، وجاء في البيان أن الحكومة الجديدة في العراق انبثقت عن “انتخابات ثبت تزويرها وبطلانها، وإصرار غير مستغرب على مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية، من رعاة العملية السياسية وأصحاب القرار النافذ فيها من دولتي الاحتلال الأمريكي والإيراني، اللتين توافقتا على بقاء حالة تقاسم السيطرة والتأثير على العراق إلى حين”.
بيان (1349)| أظهرت مشاورات تشكيل الحكومة والضغوط والمساومات التي رافقتها؛ أنها ستكون النسخة الأضعف من نسخ حكومات الاحتلال المتتابعة، وأنها ستكون عاجزةً عن محاسبة الفاسدين، وأنّ ما ترفعه من شعارات محاربة الفساد والمفسدين ما هي إلا متاجرة رخيصة وسمجة يأنفُ العراقيون سماعها. pic.twitter.com/ly3kzb6tn1
— هيئة علماء المسلمين في العراق (@amsiiraq) November 26, 2018
وأضاف “أظهرت مشاورات تشكيل الحكومة والضغوط والمساومات التي رافقتها؛ أنها ستكون النسخة الأضعف من نسخ حكومات الاحتلال المتتابعة، وأنها ستكون -بحكم تركيبتها المكونة من الكتل الوالغة في الفساد- عاجزةً عن محاسبة الفاسدين، وأنّ ما ترفعه من شعارات محاربة الفساد والمفسدين ما هي إلا متاجرة رخيصة وسمجة يأنفُ العراقيون سماعها”.
أيام سوداء
وتوقعت الهيئة نتيجة لذلك أن “تسخر ثروات العراق لخدمة من أتى بالحكومة وعمل على تشكيلها بهذه الطريقة البائسة. والمعطيات تشير بوضوح -للأسف- إلى أنّ أيامًا سوداء مظلمة بانتظار العراقيين، فالوضع يزداد مأساوية في شتى مجالات الحياة، التي لم تدخر فيها حكومات الاحتلال المتعاقبة جهدًا في تقسيم المجتمع العراقي وانتهاك حرماته وتعذيبه وإبادة مدنه وسحق الناس بالجملة، وتهجير من بقي منهم”.
واعتبرت هيئة علماء المسلمين في العراق أنه “لا تغيير يذكر في الواقع العراقي المرير في ظل هذه الحكومة؛ حيث.. ما جرى من تغيير بعض الوجوه في (حكومة الاحتلال السابعة)؛ ما هو إلا تنويع في سياق النمط الواحد الذي بُنيت عليه العملية السياسية، الذي يضمن ترسيخ القواعد العامة للخراب السياسي وتوابعه: الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويعزز وتيرة الهدم المستمرة في البلاد، وتبديد الجهود البشرية والمالية، ويستنزف الثروات والمقدرات”.
التمكين للمشروع الإيراني
وأكدت أن حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ستعمل كسابقتها على “التمكين للمشروع الإيراني في العراق والمنطقة، وتجديد دمائه على مستويات: التشريع والتنفيذ عن طريق الأحزاب والميليشيات الإرهابية الموالية له، والساعية إلى تقوية نفوذها بكل الوسائل الممكنة، وهو ما تحقق لهم في الدورة الانتخابية الأخيرة والحكومة الناشئة عنها، التي عززت هذه الميليشيات وجودها وهيمنتها فيها أكثر من سابقاتها، وجعلتها رهينة بيدها. ومن هنا نفهم لماذا كان من أوائل أعمال الحكومة، مكافأة ميليشيا الحشد والدعوة إلى تحسين ظروفها وتقويتها ودعمها”.
ورأي البيان أن الحكومة العراقية الجديدة “ستعمل على إدامة الصراع وسفك الدماء والسلب والنهب في البلاد وجرّها لكارثة إنسانية خطيرة قد تتجاوز آثارها العراق”، مشددًا على أنه “لا منجى مما يعانيه العراقيون؛ إلا بواقعٍ جديدٍ لا يمت بأيّ صلة لواقع العملية السياسية الحالية التي عصفت بالبلاد والعباد، وماتزال منذ أن فُرضت بالقواعد والمحددات المعدة سلفًا، والقوالب المجهزة بعيدًا عن خيارات العراقيين”.
إيران الفائز الأكبر في العراق
وتشير تشكيلة الرئاسات الثلاث إلى أن إيران أكبر الفائزين من توزيع المناصب الرئاسية في العراق فيما لم يكن للولايات المتحدة نصيب كالعادة من العملية السياسية في العراق، فمنذ الجلسة الأولى للبرلمان العراقي حرص رئيسه محمد الحلبوسي على إطلاق تصريحات قرأها قطاع كبير على أنها بمثابة إعلان الولاء لإيران وترحيب باستمرار دورها في العراق.
وكان رئيس البرلمان قال في اتصال مع رئيس مجلس الشورى الإسلامي بتاريخ 16 سبتمبر/ أيلول الماضي، إن الشعب وأعضاء البرلمان “يقدرون الدعم الإيراني المفتوح للعراق في السابق والآن لاسيما المساعدة في تحرير العراق من داعش”. وأضاف أن النواب يعارضون ممارسة أي ضغوط -أمريكية- وحظر اقتصادي على إيران ويعتبرونه ظالمًا وسيواصلون وقوفهم الى جانب الشعب الايراني.
أما رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي فهو قيادي في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وأسهم في تأسيسه بإيران عام 1982 بعد وصول الخميني إلى السلطة، ويضم المجلس كل الفصائل الشيعية المشتركة بالعملية السياسية في العراق. وكان قد شغل عبد المهدي منصب وزير المالية ممثلا لهذا المجلس في حكومة إياد علاوي، وقبل ذلك كان عضوا مناوبا عن عبد العزيز الحكيم في مجلس الحكم.
حكومات طائفية تخدم الفساد
وتعاقبت على العراق منذ سقوط نظام الرئيس صدام حسين عام 2003، حكومات وصفت جميعها بـ “الطائفية” و”الفساد” و”العمالة” لإيران، وهو ما كان ينتظر العراقيون عدم تكراره في الحكومة الجديدة منذ أن وعد مقتدى الصدر الذي يقود تحالف “سائرون” رفضه حكومة المحاصصة وسعيه لتشكيل حكومة ائتلافية، قبل أن يتخلى شرط “الكتلة الأكبر” ويوافق مرشح الكتل الموالية لإيران رئسا للوزراء.
ويرى محللون وسياسيون وكتاب عراقيون أن الكتلتين الأكبر في البرلمان والأحزاب نفذوا وصايا المرجعية الشيعية العراقية في اختيار الرئاسات الثلاث .
وإيران بحاجة إلى التواجد في المشهد السياسي العراقي واستمرار السيطرة على أطرافه لتبقي على نفوزها الإقليمي ولمواجهة العقوبات الاقتصادية الأمريكية التي أعيد فرضها من جديد، لذلك كانت المنافسة مع الخصم الأمريكي على أشدها وربحت طهران في النهاية.
-
تقرير: حكومة العراق تستخدم سلاح الاختفاء القسري ضد المعارضين والحقوقيين
-
العراق يرفض الالتزام بالعقوبات على إيران.. هل تبلورت الخطة الثنائية؟