د. أبو يعرب المرزوقي

ليس في تونس وحدها سيطر الحل السحري في سياسة الأزمات بحكومات الكفاءات.

وما رأيت في حياتي كذبة أكبر من هذه.

ذلك أنها تحجب أمرين لا معنى للكفاءة فيهما إذا لم تسبق عليهما الخيارات السياسية:

 

1- الأمر الأول، هو أن الكفاءات إن اعتبرناها تقتصر على ما هو تقني من السياسي؛ لا بد لها قبل العلاج التقني الذي يتعلق بالأدوات، أن يقدم لها العلاج السياسي الذي يتعلق بالغايات.

 

2- والأمر الثاني، هو أنه حتى لو سلمنا بأن الأدوات والمناهج تقنية الطبيعة، فإن الكلفة في السياسة لا يكفي لتحديدها ما هو تقني ومنهجي، بل لا بد فيه من تحديد الكلفة السياسية التي هي عين قيام القوى السياسية الممثلة لإرادة الجماعة.

 

وهذه الكلفة لا تقتصر على الكلفة المادية، بل هي في الغالب قيمية ومعنوية، وذلك هو جوهر السياسي.

 

وإذن فالكلام على حكومة الكفاءات، إذا كان صادقا، فهو كلام على أمر ممتنع، إلا إذا اعتبرناه يخفي وراء الكفاءات خيارات سياسية مسكوت عمن يحددها في الخفاء، وهو الذي يريد أن يستعمل من لا يمثل إرادة الجماعة، حتى يكون “الخبراء المزيفون”، مجرد أدوات ودمى بين أيدي مراكز قوى، وهي بصورة صريحة، المراكز الخمسة المتحكمة في كل شيء في تونس:

▪︎ اثنان داخليان

هما اتحاد العمال واتحاد الأعراف

▪︎ واثنان خارجيان

هما إيران وإسرائيل

▪︎ والخامس هو الراكب على الموجتين أي المافيات

التي توجد وراء الجميع

والتي ما تزال تدين لحزب فرنسا بالولاء .

 

لذلك فنصيحتي للجملي

إذا كان فعلا صادقا مع نفسه ولا يكذب على الشعب، أن يعترف بأنه هو بدوره دمية بين أيدي هذه المراكز التي أفشلت كل اتفاق بين الأحزاب؛ لإفشال كل من يعبر عن إرادة الشعب الذي اختارهم، من أجل تطبيق إرادة:

▪︎ المافيات

▪︎ ومن يمثلهم

▪︎ مع الاتحادين والاختراقين.

 

ومن يقول عكس ذلك يكذب ولا معنى لحكومة كفاءات.

 

والأهم من ذلك؛ لا شيء يثبت أن الكفاءات كفاءات حقا، ولا شيء يثبت أنها ليست مسيسة، ولا شيء يثبت أنها يمكن أن تحقق شيئا يذكر؛ لأن ما عليه حال البلاد من غرق،

▪︎ في الديون

▪︎ وفي العبث بكل شيء

▪︎ وخاصة في إثقال كاهل الدولة ومؤسساتها بالبطالة المقنعة، أو التوظيف الذي يضاعف الحاجة إلى الموظفين والعملة، حتى صارت الدولة ومؤسساتها “تكايا” لأبناء هذه المراكز الخمسة التي ذكرتها، لم يعد لها علاج من دون شجاعة سياسية تقدم على مصارحة الشعب،

▪︎ بأن الدولة قد أفلست

▪︎ وبأنها عادت إلى الكوميسيون المالي

ولعل الخبر المتعلق بما يجري في مراقبة البنك المركزي والسيطرة عليها، وأعمق من ذلك السيطرة على “الإفسادات” التربوية التي تسمى إصلاحات

▪︎ فتونس صارت محمية أكثر مما كانت قبل الاستقلال، لأن ما تقدم على الاستقلال لم يكن ذا علاقة بمسخ ثقافتها والقضاء على مرجعيتها الروحية .

 

فإذا لم يعزم الشعب، فيقرر اختيار الحرية والكرامة، والمعلوم أن شرطيهما الاعتماد على الذات بشجاعة وصبر وذلك في،

▪︎ الإصلاح الجذري للدولة وخدماتها السيادية والخدماتية

▪︎ وتحريرها من عقلية الدولة الحاضنة لتصبح الجماعة معيلة لنفسها وحامية لكيانها

فإن النهاية ستكون ما حصل في اليونان: تقييد فلسة.

لكن اليونان وراءها أوروبا وألمانيا خاصة.

أما تونس فما وراءها شيء من ذلك بل إن من يشدها إلى الخلف هم هم

▪︎ عبيد إيران وعبيد إسرائيل من العرب في المشرق

▪︎ وعبيد هؤلاء العبيد من الأحزاب، التي هي دريقة المافيات وخاصة بعد الثورة.

من د. أبو يعرب المرزوقي

فيلسوف عربي تونسي