راضي شرارة

المتتبع لحركة الإخوان منذ نشأتها يجدها حركة دعوية إسلامية، تحمل في داخلها مشروع سياسي،

لذلك.. يحدث كثير من التنازع عندما تتخذ الحركة مواقف سياسية «براجماتية» أو تتبناها،

وهى مواقف عادية فى عالم السياسة،

لكن.. ما يصنع الإشكالية هو الثوب الإسلامي الذي تلبسه الجماعة عندما تتخذ تلك المواقف،

وليست هي وحدها في ذلك بل كل جماعة تلبس ثوب الإسلام وتلعب نفس الدور،

 

السياسة ليست حكرا على طائفة أو مجموعة من الناس دون أخرى، أو حصرها في طائفة من العلمانيين أو اليساريين أو الليبراليين أو والعسكريين فالسياسة حق للجميع،

 

وبالأخص لمن ملك أدواتها ، ليس من المراوغة و«البراجماتية» ولكن من ملك القوة التي تساعده في اتخاذ القرار والحفاظ على أدنى حد من المبادئ المحترمة،

 

ليس خطأ أن تكون صاحب توجه إسلامي وتلعب سياسة،

لكن الخطأ إلا تملك القوة التي تحافظ بها على مبادئك،

وإلا سوف تقع في كل محظور من وجهة نظرك الإسلامية،

 

وانظر حولك منذ بداية القرن الماضي ودخول الإخوان المسلمون عالم السياسة،

ما وجد فخ إلا ووقعوا فيه، ليس لجهلهم كما يتصور البعض، بل لعدم وجود القوة الحقيقة لتفادى ذلك،

 

بل ووقع لغيرهم من الإسلاميين ممن كانوا يظنون أنهم لو مارسوا السياسة لن يقعوا في نفس الخطأ،

وقد حدث ووقعت السلفية في نفس الفخ،

 

لأنها أيضا لا تملك من أمرها شيئًا لكي تقرر بعض المبادئ أو ترفضها، فكل ما يملى عليها ينفذ وان أخرجت لأتباعها من الحجج ما يطيب خاطرهم ويسكن عواطفهم،

 

فهذه هي الحالة الضعيفة في ممارسة السياسة،

حركة الإخوان، حركة كبيرة ومتشعبة في كثير من البلدان، وتجدها تعمل في كل بلد بما يوافق وضعة،

دون نظرة كبرى أو ثوابت عظمى ، فكل شيء مباح عند الاقتراب من السلطة،

 

بل.. إن الجماعة تحمل من السيولة في التعامل السياسي ما يفوق كل العاملين بالسياسة،

والغرب والشرق والقاصي والداني  يعلم ذلك،

 

والأمثلة على ذلك كثيرة،

انظر إلى العراق وتونس،

كيف تعامل الإخوان مع الواقع؟

 

لذلك لا تستغرب كثيرا فيما حدث من حكومة سعد العثماني بالمغرب،

فهذه حكومة موظفين عند الملك، لا تحكم على الحقيقة وليس لها من أمرها شيء،

بل إنها لا تملك الحد الأدنى من الحق في تقديم الاستقالة للملك ،

سعد العثماني.. قبل أن يكون رئيس للوزراء فهو باحث في الفقه الإسلامي وله مؤلفاته، ولو ناظره أحد يتفوق عليه، فهو يملك من العلم والبلاغة ما يكفى،

 

فهل فعل ما فعل من توقيع هذا الاتفاق بدليل شرعي؟ أم هي السياسة المفروضة عليه؟ أم هو التنازل عن كل مبدأ في طريق السلطة؟

أم هو عجز القوة الذي جعل وصول الإسلاميين إلى السلطة هو مجرد مسخ لا قيمة له فى الحقيقة؟