الأمة| بعدما كان يُنظر في البداية إلي قانون الانتخابات الجديد في العراق على أنه مكسب عظيم للمحتجين، ويفسح الفرصة للمستقلين بالمنافسة على الساحة السياسية لتغيير الطبقة الحاكمة، وصف نشطاء ومحللين  قانون الانتخابات بأنه فخ نصب للإلتفاف على المحتجين الساعين للتغيير.

وتم التصويت في البرلمان على قانون الانتخابات يوم الثلاثاء الماضي بعد خلاف على المادتين 15 و 16 اللتان تحددان نظام الترشح وتقسيم العراق إلى دوائر عدة وليس دائرة واحدة بكل محافظة، وهو مطلب للمحتجين لكنه نفذ بطريقة يتخوف من أنها لن تأتي بالنتيجة التي ينتظرونها حسب مثقفين وخبراء قانونيين.

وينص القانون الجديد على الترشح بالنظام الفردي وليس القائمة كما كان معمولا في السابق، من أجل ضمان وصول المستقلين للبرلمان، ولكل 100 ألف شخص -وهو تعداد سكان القضاء- أن يمثلهم ناخب في البرلمان، بدلا من قائمة واحدة يختارها سكان المحافظة بأكملهم كما في نظام الانتخابات القديم.

ومن النقاط التي يعترض عليها المحتجون في القانون الجديد أن الفائز في قضاء ما سيكون الأعلى حصولًا على الأصوات وليس الحاصل على أكثر من 50 في المئة +1، بالإضافة إلى أن العراق لم يشهد حصرًا سكانيًا منذ نحو 20 سنة، وبالتالي فإن هناك حاجة للانتظار فترة طويلة من أجل إجراء تعداد سكاني بينما يطالب المتظاهرين بانتخابات عاجلة، أو إجراء الانتخابات على الوضع الحالي والذي لن يكون التعداد فيه دقيقًا خصوصا في المناطق التي شهدت حالات نزوح.

ووفق مركز العراق الجديد، المختص بالبحوث والدراسات الاستراتيجية، فإن من محاسن قانون الانتخابات الجديد في العراق أنه يتيح ترشيح مستقلين لا ينتمون لحزب سياسي أو تحالف انتخابي، لكن هذا في حالة “إذا كانت هناك ضمانة بعدم التفاف الأحزاب على تقديم مستقل وهمي يكون حليفا لاحقا”.

وحذر مركز العراق الجديد من أن قانون الانتخابات بصيغته الحالية يرسخ للأحزاب السياسية والدينية والميليشيات المسلحة نفوذها الأمني ويعزز تأثيرها السياسي بالمزيد من المقاعد البرلمانية، بعد ضمان تنافس على مستوى الأقضية في داخل المحافظة الواحدة وخاصة في المدن المعروفة التوجه السياسي والديني كمدينة الصدر في بغداد.

وأوضح أن الدوائر الانتخابية على مستوى القضاء ستكون مغلقة في أصواتها وتوجه ناخبيها في الاختيار، للتيار السياسي أو الديني أو المسلح الأكثر قوة والأشد سطوة، وسيكون للإرهاب والمال السياسي والتأثير العشائري كلمة في حرف إرادة الناخبين في الدوائر الانتخابية المختلطة في التمثيل السياسي على المستويات العشائرية والسياسية والدينية، ولاسيما في أقضية بغداد ستكون عرضة للتنافس الشرس حد استخدام السلاح لفرض إرادات معينة على الدوائر الانتخابية وأقضيتها، وسيدخل العملية الانتخابية بفوضى عارمة.

المركز البحثي لفت إلى أن أزمة الانتخابات القادمة في العراق لا تقتصر فقط على قانون انتخابات يتضمن عديد الثغرات، بل “اكتملت أزمته عندما توافقت الأحزاب على تعيين مفوضية قضاة خاضعة للمحاصصة تم اختيارهم بالقرعة، ويفتقر أعضاؤها لأبسط مقومات الخبرة لإدارة عملية انتخابية معقدة”، وقال إن هؤلاء القضاة “سيكونون جزءا من تزوير وتدليس إرادة الناخبين والتلاعب بأصواتهم”.

وتسائل مركز العراق، بالقول “-بعد أن- منعت الأحزاب السياسية المسيطرة والتحالفات الحاكمة إجراء تعداد سكاني للعراق، وقانون الانتخابات الجديد في العراق يقوم على تمثيل نائب لكل 100 ألف نسمة في دائرة انتخابية واحدة، فكيف سيتم معرفة تعداد القضاء؟ فيكون هنا التزوير حاضرًا وبقوة”.

ومن أبرز المعارضين لقانون الانتخابات إياد علاوي أول رئيس وزراء للعراق بعد عام 2003، حيث اعتبره يخالف للدستور، ولا يحقق مطلب الانتخابات المبكرة التي يطالب بها المحتجون.  

وأمس الأربعاء رفع المتظاهرون لافتة في ساحة التحرير بالعاصمة بغداد تعبر عن مطالبهم في قانون الانتخابات الجديد، لضمان عدم بقاء الأحزاب السياسية الحالية المتهمة بالتبعية لإيران في السلطة.

الصورة

وتحت وسم #قانون_الانتخابات_لا يمثلنا، نشر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي يعبرون عن رفضهم لقانون الانتخابات الجديد ويحذرون من أنه خديعة ولا يخدم مطالبهم.

https://twitter.com/DaniaSaif2/status/1209523079677972481

 

وطالب المتظاهرون منذ انطلاق احتجاجتهم في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بتغيير السلطة الحاكمة، والقضاء على تبعيتها لإيران، وإفساح المجال للقضاء على الفساد المستشري في البلاد، فيما لا يزال يكافح النشطاء والمحتجون لضمان عدم وصول أي شخصية غير مستقلة لمنصب رئيس الوزراء للحفاظ على مكاسب انتفاضتهم.

واليوم قدم الرئيس العراقي برهم صالح استقالته إلى البرلمان راهنا إياها بالموافقة على مرشح كتلة البناء لمنصب رئيس الوزراء أسعد العيداني، رغم دخول العراق في حالة فراغ دستوري نتيجة لانقضاء مهلة ترشيح رئيس وزراء خلفا لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي.

ورفض المحتجون في العراق أربعة أسماء رشحتهم الكتل البرلمانية، آخرهم قصي السهيل وزير التعليم العالي، وأسعد العيداني محافظ البصرة، لكونهم من الوجوه المنتمية للطبقة الحاكمة، التي يرفض المتظاهرين بقائهم في السلطة.

من عبده محمد

صحفي