كيف يكون مستقبل العلاقات الإيرانية الأمريكية مع إدارة بايدن؟!
كيف يكون مستقبل العلاقات الإيرانية الأمريكية مع إدارة بايدن؟!

كتب: سمير زعقوق

كيف يكون مستقبل العلاقات الإيرانية الأمريكية مع إدارة جو بايدن؟! وكيف سيتعامل بايدن مع الاتفاق النووي الإيراني؟

أسئلة كثيرة تتردد قبل تسلّم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن زمام السلطة في الولايات المتحدة،

من سلفه الجمهوري دونالد ترامب، والتحوّل المنتظر في السياسة الأميركية في المنطقة،

 

في البداية يتساءل صفوت بركات، أستاذ العلوم السياسية والاستشرافية، كيف نفهم توجهات بايدن والإستراتيجية الأمريكية تجاه إيران والخليج؟

 

ويقول إن الخلافات والتباينات في التحليل، مرجعها للفشل في فهم تطور الإستراتيجية الأمريكية، والتي لا تعرف الثبات ولا حتى التغير،

فهي إستراتيجية ذات ثوابت مرنة وتقوم على الأولوية الأولى، وهى الهيمنة ومواجهة المخاطر الوجودية، أولا،

بما يعنى أن تحديد الأمريكان للخطر الوجودي، الذي يهدد الهيمنة يأتي أولا من الصين،

وهو الخطر الذي لا يتعلق بالحزب الحاكم أمريكيا، ولكن هناك اتفاق وإجماع عليه تتغير طرق التعامل معه ولكن لا تتغير الغاية منه.

 

ويضيف، فإذا سلمنا بهذا نأتي لإيران والخليج، التابع لأمريكا، فملف إيران ملف صيني، لا ملف منفرد عن المواجهة مع الصين،

وبالطبع روسيا، فالفرس من زمن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، جناح كسرى وقيصر،

بهما يضرب وبهما يسالم،

وغاية الإستراتيجية الأمريكية هي احتواء إيران، أو جعلها حليف، لأن مفتاح النصر على الصين أو حتى توازن القوى معها تيوان وإيران..

وهنا تسبق إيران كغنيمة، وحليف سلمي لأمريكا، أهم من «إسرائيل» والخليج في الحقبة البيدانية..

 

ضم إيران للحلف الأمريكي

 

ويقول بركات لهذا العقل الإمبراطوري الأمريكي يفكر إذا لاحت فرص لضم إيران للحلف الأمريكي..

على حساب بعض الخسائر لـ«إسرائيل» والخليج فلن يتردد الأمريكان في تغريم الخليج و«إسرائيل»..

وخاصة أن تاريخ خروج إيران من الحلف الأمريكي، كان هو نفسه تاريخ مسارعة الصين في تفكيك الاحتكار التقني والتكنولوجي،

وردم الفجوة بينها وبين الغرب.. بل وسبقته.

 

ولهذا لا يجب النظر لملف إيران والغرب مستقلا وبمعزل عن الصين وروسيا وهو ما تمسكت به أوربا إلى آخر لحظة.

وهو ما يُلمح إليه تعيين وزير خارجية بايدن ومستشار الأمن القومي وهما أصحاب الفضل في الملف النووي الإيراني سابقا في عهد أوباما..

بما يعنى أن أي بادرة من إيران بالمضي في عقد التحالف سيدفع الخليج ثمنه ومعه «إسرائيل».

ولسوف نرى.

 

عودة إلى الاتفاق النووي

 

أما ستيف غولدفيلد، الكاتب السياسي الأمريكي، فيقول إن إداراة بايدن ستعود إلى الاتفاق النووي..

ولكن مراقبين يتساءلون حول طبيعة هذه العودة والشروط التي قد يقف عندها الطرفان،

وكذلك موقف الفرقاء الإقليميين في دول الخليج، وأيضاً العراقيل التي سيضعها اللكيان الصهيوني والضغوط التي سيمارسها لعدم الوصول للاتفاق.

 

فكيف تنظر إيران لمستقبل علاقتها مع الولايات المتحدة مع إدارة بايدن؟ وهل هناك من إمكانية لحلحلة الأمور والتفاوض من جديد، أم أن الأمور ستتجه إلى مزيد من التصعيد؟

 

انحسار العقوبات

 

إيران تنظر للإدارتين الديمقراطية والجمهورية على أنهما في عداء مستأصل معها.

فقد فرضت الولايات المتحدة العقوبات على إيران منذ انتصار ثورة الخميني عام 1979 وحتى الآن،

بحسب ما يقول مدير مركز الدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية والدبلوماسي السابق أمير موسوي،

موضحاً أنه بعكس المتوقع فإن الديمقراطيين فرضوا المجموعة الأكبر من العقوبات طيلة هذه الفترة مقارنة بالعقوبات التي فرضها الجمهوريون.

 

ولكن التغيير الحاصل في الإدارة الأميركية حالياً هو نعمة بالنسبة لإيران، بحسب موسوي،

الذي يؤكد أن أمام إيران وقت من الاستراحة تقريباً لالتقاط الأنفاس وترتيب الأوراق،

وهذا الأمر بحد ذاته نعمة، ولو لفترة معينة.

 

دعم غير محدود للكيان الصهيوني

 

لاشك أن دعم الإدارات الأميركية المتعاقبة للكيان الصهيوني،

يلعب دوراً كبيراً في صياغة العلاقة بين واشنطن والدول الإقليمية،

وهذا ما يتوقع أن يستمر بحسب الكثير من المحللين، وبسبب ما سمعناه من بايدن حتى الآن،

والذي لا ينوي أن يعدل في سياسة بلاده تجاه تل أبيب.

 

ويرى أمير موسوي في هذا السياق أن «بايدن وترامب وجهان لعملة واحدة» لصالح الكيان الصهيوني ولأمنه..

لكن ترامب ترك النفاق وبرز في المواجهة بوجه واضح،

وعرّى الإدارة الأمريكية المنافقة في العهود السابقة وبيّن الخط الواضح للهيمنة الأمريكية،

ولدعم إدارته للكيان الصهيوني.

 

ويشدد موسوي يجب أن لا ننسى أن الديمقراطيين هم الذين طالبوا بنقل السفارة الأميركية إلى القدس الشريف،

وهم الذين شجّعوا الاستيطان لكن بألفاظ أخرى وسياسات ناعمة وهادئة تختلف عن سياسة ترامب المباشرة.

 

وتابع موسوي لكن الفرق أن إيران استفادت من بعض الفجوات،

واستطاعت أن تقنع الديمقراطيين أن يتفاهموا معها حول قضايا أساسية ضمن مصلحة الطرفين، وليس على حساب المبادئ.

فالمبدأ الأمريكي هو دعم الكيان الصهيوني حتى النهاية.

 

ضمانات العودة للاتفاق النووي

 

ولكن، هل من الممكن أن توافق إيران على إجراء تعديلات على الاتفاق النووي، كما طالبت بعض الدول الأوروبية؟

يجيب الدبلوماسي الإيراني إذا أراد بايدن العودة إلى الاتفاق النووي الذي خرج منه ترامب،

فعليه تعويض إيران عن الأضرار التي لحقت بها بسبب العقوبات.

وأعرب عن اعتقاده أنه إذا ما عاد بايدن إلى الاتفاق عليه أن يعطي ضمانات قوية ودامغة،

لوضع آلية لتنفيذ بنود الاتفاق، لأن إيران ستطالب بضمانات لاستمرارية الاتفاق.

 

وأكد الدبلوماسي الإيراني أن بلاده ستلتزم بكل بنود الاتفاق النووي إذا ما التزمت الإدارة الأميركية والدول الأوروبية ببنود الاتفاق،

وهي مع ذلك لم ولن تسمح بإضافة أي شرط آخر على بنوده إن كان في موضوع القوة الصاروخية أو التحالفات الإقليمية،

وما إلى ذلك، مشدداً على أن إيران سترفض رفضاً قاطعاّ الحديث في هذين الملفين اللذين يخصان السيادة الإيرانية.

 

الحرب ضد إيران مطروحة دائماً وتأخيرها بسبب قوة طهران

 

وعن إمكانية حصول حرب وشيكة ومواجهة بين إيران و«إسرائيل» أو بينها وبين الولايات المتحدة،

أشار الدبلوماسي الإيراني إلى أن الحرب هي دائماً مطروحة ضد إيران،

وهم دائماً يكررون أن هذا الخيار مازال موجوداً على الطاولة، وبكل الظروف،

حتى أن الديمقراطيين كانوا يلوّحون بها، ويقولون بأن هذا الخيار لا يزال موجوداً على الطاولة،

 

ولكن موسوي أعرب عن اعتقاده أنهم متى ما أحسّوا بضعف إيران فإنهم سيضربونها،

لكن التأخير في ضربها يدل على ما تمتلكه إيران من أوراق مؤلمة وكبيرة ومؤثرة،

وباستطاعة هذه الأوراق تغيير المعادلة في المنطقة، وربما في العالم.

 

ولفت موسوي إلى أن الأمريكي ليس لديه الرأفة الإنسانية وأنه لا يضرب ولا يهجم،

هو مستعد دائماً ليضرب أي قوة تخالف سياساته، لكن الشيء الذي يمنعه من التجاسر على إيران بصورة كبيرة هو خوفه من قوة الردع الخفية التي تمتلكها إيران،

وهو لا يستطيع أن يعرف القوة التي تمتلكها إيران ولا الأوراق الردعية إذا ما حصلت حرب.

 

منع إيران من تطوير أسلحة نووية

 

في المقابل، رأى ماركو بوهوركيز العضو في الحزب الجمهوري، ومرشح الحزب السابق لمقعد سيناتور في فلوريدا،

أن منع إيران من تطوير أسلحة نووية سيكون أحد أكبر تحديات السياسة الخارجية، والأمن القومي التي تواجه إدارة بايدن.

 

وأشار بوهوركيز إلى أن الدبلوماسية والتهديدات مع إيران لم تحقق أي انتصار في هذه المهمة،

وفشلت كل الإدارات الديمقراطية والجمهورية في ردع إيران عن برنامجها النووي.

وفشلت الدبلوماسية في جعل إيران تتخلى عن طموحاتها النووية.

 

لكن النائب الجمهوري أعرب عن اعتقاده بأن القوة المحدودة ضد النظام الإيراني يمكن أن تنجح.

 

ورأى أن بايدن سينطلق في تعاطيه مع إيران بشكل خاطئ، وهو العودة إلى الاتفاق النووي الذي وصفه بـ”«الكارثي»،

وقال، يبدو أن بايدن مستعد لتخفيف الضغط على إيران لإغراء النظام بالعودة إلى طاولة المفاوضات المحكومة بالفشل.

 

وأضاف، لكن برأيي لا مصلحة حتى للإيرانيين بالعودة لهذه المفاوضات إلا بعد رفع العقوبات التي وضعها ترامب عليهم..

من هنا فالمفاوضات لن تنجح وستستمر المماطلة التي سيدفع ثمنها الشرق الأوسط.