أثار مشروع قانون الأحوال الشخصية في مصر حال من الجدل في جميع الأوساط حيث لاقيت بعض بنوده اعتراضا شديدة لاسيما التعقيدات الخاصة فيما يخص إجراءات الزواج لاسيما المتعلقة بضرورة  إجراء كشف طبي ونفسي للمتقدم للزواج وبيان  مدي صلاحيته  للزواج من الفتاة التي يريد الارتباط وإلزامه كذلك بضرورة الحصول علي موافقة من لجنة قضائية وأذن لما يسمي المأذون لإتمام عقد القران وهو ما اعتبر تعقيدا وتدخلا فجا من الدولة في شئون المواطنين  لتمرير أجندة داخلية وخارجية.

‏ ولعل أبرز الاعتراضات علي القانون برزت من جهة صندوق حماية  الأسرة والتي يتم بموجبه إلزام كل المتقدمين للزواج لتقديم مبلغ مالي قد يتجاوز بحسب التسريبات ما بين ١٠و٢٠ الف جنيه وذلك لضمان رعاية الأطفال حالة وقوع الطلاق في سنوات الزواج الاولي علي أن تلتزم الدولة بمبلغ مماثل قدره البعض بمليار جنيه كل عام لحماية الأسرة من تداعيات الطلاق خصوصا في السنوات الأولي للزواج  وهو ما اعتبر ورقة ضغط حكومية لتقييد مسالة الطلاق لاسيما أن التعديل ألزم بضرورة الحصول علي موافقة القاضي علي وقوع الطلاق الشفوي .

الأحوال الشخصية والسجال بين الأزهر والدولة

‏ ويعيد نص ضرورة موافقة القاضي كشرط لوقوع الطلاق الي الأذهان السجال الذي جري منذ مدة بين الرئيس عبدالفتاح السيسي والأزهر الشريف حول عدم الاعتداد بالطلاق الشفوي وهو ما رفضه الأزهر وهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الاسلامية باعتبار مخالفا للشريعة الإسلامية وإجماع القضاة وهو اعترض تعاملت معه الدولة بحالة من الصمت قبل ان تفاجئ الجميع بالالتفاف علي موقف الأزهر وفرصه بشكل او بأخر عبر مشروع القانون.

من جانبه انتقد  السفير فرغلي طه الدبلوماسي المصري السابق مشروع القانون قائلا:  بعد مقترح صندوق الزواج هناك تصريح منسوب للسيد وزير العدل بأن ” الطلاق فى أول ثلاث سنوات زواج لن يكون إلا بإذن القاضى ” .. يعنى إيه؟

– ومضي قائلا :يعنى قبل ما يقولها انت طالق يروح يقدم طلب فى المحكمة وإلا إيه ؟ . وإذا كان المقصود هو عدم صدور وثيقة الطلاق فإنكم بهذا سيادة الوزير ستوقعون المجتمع فى مشاكل جديدة لا حصر لها ، ليس فقط بالصندوق المقترح الذى يضيف إلى تكاليف الزواج و تأثيث منزل وأتعاب المأذون ، ولكن بأن عدة حالات طلاق ستحدث شفاهة وشرعا ولكن سيتم تعطيلها رسميا والمرأة والأطفال هم ضحية مرة أخرى لقراراتكم تلك ، لتعطيل الحقوق والحياة .. !

معدلات الطلاق في مصر

– وأضاف في تدوينة له علي فيس بوك :بالمناسبة لن يقلل ما تفعلون من حالات الزوج ولا من أعداد المصريين ولا من أعداد المسلمين خاصة ، ولن يقلل أيضا من حالات الطلاق .. ولكنكم يا دولة ويا حكومة تهدفون إلى الجباية فقط فى كل خطوة للمواطن وكل ورقة ومستند وكل لحظة فرحة توئدونها ولكن الله يفعل ما يريد فى النهاية .. مش مصدقين ومعتبرينها دروشة؟ .. ماشى ولا تزعلوا علي حد قوله  .. !

وكذلك  قوبل مشروع الاخير بموجة من الانتقاد  الشديد حيث اعتبره الكثيرون حملة علي القانون القديم الذي كان يستند للشريعة الإسلامية حيث اعتبر أن  نص القانون علي عدم وقوع الطلاق الشفوي يشكل عدوانا علي الشريعة ومخالفة لإجماع الفقهاء والعلماء وبل عدوانا مبيتا علي كيان الاسرة في المجتمع المسلم باعتبارها أخر حصون المواجهة مع الغرب الذي سعي منذ عقود لفرض مشروع السيداو الذي يعتبر القانون تنفيذا ناعما للعديد من بنوده.

‏ لم تتوقف الانتقادات عند هذا الحد حيث اعتبر مراقبون أن إعلان الدولة أن الهدف الأول لمشروع القانون هو مواجهة معدلات الطلاق العالية جدا في المجتمع التي تجاوزت ملايين الحالات سنويا مردود عليه بان التعديل قد يمنع وقوع الطلاق بشكل رسمي لكن الكيان الأسري قد تفكك فعليا بالطلاق الشفوي فضلا تداعيات استمرار الأسر المفككة علي الأبناء والأطفال

قانون الأحوال الشخصية وهدم أخر أركان الشريعة

‏ مما زاد الطين بلة ان عديدا من الدوائر اعتبرت القانون لا هدف له الا الجباية وانتزاع مليارات الجنيهات من جيوب المصريين الذي تضربهم ازمة مالية طاحنة بدون اية ضمانات باستخدام هذه الأموال في حماية الاسرة وأطفالها حال وقوع الطلاق في السنوات الأولي وبل برزت تساؤلات حول حقوق الزوج في استرداد هذه الأموال حال استقرار الأسرة وعدم وقوع الطلاق في ظل حالة شديدة من انعدام بين السلطة وملايين المصريين خلال السنوات الماضية.

‏ رغم السواءات العديدة للقانون إلا أن الاعتراضات اقتصرت علي شبكات التواصل الاجتماعي فقط دون أن تترجم هذه الاعتراضات في شكل مواقف جادة من القوي السياسية والحزبية وحتي منظمات حقوق الإنسان وصولا للحركات الإسلامية فلم تظهر وجهة نظر متكاملة تواجه التصريحات الرسمية عن القانون وهو أمر اثار استغراب مراقبين الذين اعتبروا الامر تدليلا علي حالة من اللامبالاة التي يعاني منها ملايين المصريين  ويأسهم من امكانية استماع السلطة لوجهة نظرهم وتركيزهم علي الهموم الاقتصادية التي تقض مضاجعهم.

شيخ الازهر

وفي هذا السياق انتقد المحامي المصري البارز ممدوح إسماعيل حالة الصمت من جانب جميع القوي السياسية والإسلامية وحتي العلماء حيال القانون حثت فى المواقع والصفحات لعلى أجد تعليقاً من الشيوخ على بدع وضلال السيسى فى عقد الزواج فلم اجد؟؟؟؟!!!!

وتابع متسائلا :فمن يعثر على تعليق من شيخ الأزهر أو علمائه الرسميين فليخبرنى او تعليق للشيوخ محمد حسان او مصطفى العدوى او حسين يعقوب او الحنبلى او غيرهم ممن يتحدثون الآن فى داخل مصر او تعليق من الاخوان او الشيوخ خارج مصر  فليدلنى عليه مشكور.

وأضاف :فإنى أتعجب من الصمت على هدم أخر لبنة فى مايتعلق بالشريعة فى قانون الأحوال الشخصية متسائلا :هل تعود الناس على الاطاحة بالشريعة؟ ام الخوف؟ ام المداهنة؟ أم عدم المبالاة؟فمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؟؟

 

.