- بسام جرار يكتب: جريمة الزنا - مايو 7, 2019
- المصارف - أبريل 27, 2019
- أكاد أخفيها - مارس 11, 2019
جاء في الآية 275 من سورة البقرة:” الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبّطه الشيطان من المس”.
لسنا هنا في مقام تفسير الآية الكريمة، ولسنا في مقام مناقشة القول بأنّ الشيطان من مسببات الجنون، ولكننا في مقام التأكيد على أنّ الآية الكريمة لا تصلح دليلاً لمن يقول بأنّ المس (الجنون) ناتج عن فعل الشيطان. وقد دعانا إلى هذا ما رأيناه من مساجلات بين القائلين بانحصار تأثير الشيطان في الوسوسة- مستندين في ذلك إلى ما ورد في الآية 22 من سورة إبراهيم: وقال الشيطان… وما كان ليَ عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي.. – والقائلين بأنّ له تأثيراً يتعدّى الوسوسة، مستندين إلى هذه الآية وأدلّة أخرى.
عندما تقول: “مات فلانٌ من العطش”، فإنك تقصد أن تقول إنّ العطش كان مسبباً للموت، أي أنّ العطش مقدّمة والموت نتيجة، وهذا كما ترى في غاية الوضوح. فإذا أعدنا النظر في فهم الآية الكريمة على ضوء هذا الكلام، يتّضح لنا أنّ المس مقدّمة والتخبّط نتيجة، انظر قوله تعالى:”يتخبّطه الشيطان من المس”، أي يتخبّطه الشيطان بسبب ما به من مس.
فالتخبط إذن مسبوق بالمس. من هنا لا يكون الشيطان فاعلاً للمس ولكن فاعلاً للتخبّط، والذي هو سير على غير هدى ومن غير اتزان. عندما تضعف الضوابط العقليّة يسهل على القوى الشيطانيّة أن تتخبط الإنسان وتجعله يسير على غير هدى، سواء كانت هذه القوى الشريرة من الجِنّة أو من الناس. وكلّما قوي العقل وانتشر العلم والوعي الحقيقيان تزداد المناعة ضد تلاعب القوى الشريرة في الفرد أو الجماعة أو المجتمع. وإذا كانت التقوى ضمانة وحصانة من التخبّط فإنّ الوعي والعلم وسلامة العقل ضمانة أخرى، بل إنّ التقي الجاهل عُرضة لتلاعب أهل الشرّ به من جهة جهله لا من جهة تقواه.