دماء أخرى تسيل على أرض أذربيجان المسالمة.. العرض لا يزال مستمرًا على مرأى ومسمع من عالم يدّعي التحضر، والإنسانية!
أشلاء صحفيان أذربيجانيان تتطاير في الهواء سابحة لعنان السماء قبل أن تسقط بمنتهى القوة مرتطمة بتراب بلادها الذي دفع ثمن تحريره من قريب شهداء ومصابون بالعشرات وربما المئات، ومن قبل التحرير أوجاع التهجير والقتل على العرقية والدين!
الجمعة الماضية.. كان هذا هو الخبر بتلفزيون أذربيجان الرسمي، والذي تناقلته بعض وكالات الأنباء.. قتل صحفيان أذربيجانيان في انفجار لغم بمنطقة كالباجار المجاورة لأرمينيا، وإقليم ناجورنو قاراباغ، وقال مدير محطة «آز تي في» روشان ماميدوف عبر «فيسبوك»، «المصور في محطتنا سراج ابيشوف المولود عام 1989، ومراسل وكالة الأنباء الرسمية أذر تاج، مكارم إبراهيموف، قتلا في انفجار لغم خلال قيامهما بعملهما في منطقة كالباجار».
خبر من بضع كلمات.. يروي ببساطة مقتل صحفيين؛ لكنه لم يوقف الكثيرين على عمق المأساة!
لم ينتفض المجتمع الدولي، ولن ينتفض وكذا الدول التي تدعي احترامها لحقوق الإنسان، وتدين ليل نها مثل هذه الجرائم وأقل؛ ولكنها تدين ذلك في الدول التي لها خصومة معها، أو للضغط عليها لأجل مصالحها، فالمبادئ الإنسانية السامية المعلنة، تجزؤها المصالح، وكذلك الاختلاف الديني!
أرواح بريئة أخرى لا زالت تدفع ثمن الإجرام الأرميني، والمماطلة في تسليم خارطة الألغام، ولن تجيب قريبًا الهيئات الأممية ولا الدول الكبرى المهتمة بالمواثيق والأعراف الدولية على هذا السؤال: لماذا تماطل أرمينيا في تسليم خارطة الألغام؟ لماذا لا تسلمها الآن قبل الغد؟ ولما لم تسلمها أمس قبل اليوم؟
المنطقة المحررة من الاحتلال الأرميني مزروع بها ألغام، ومن بين الألغام ما أودى بحياة الصحفيين ليورثا ألمًا جديدًا لأسرتيهما ربما لن تمحيه الأيام وإن طالت، وهذه الألغام المنفجرة يوجد مثلها الآلاف، بل عشرات الآلاف قطعًا، بحسب علمنا ورصد العالم لطبيعة المحتل الأرميني المتوحشة والعنصرية.
أكاد أجزم أن شيئًا ما يدبر في الخفاء!
وأوقن أن هناك من يخطط بليل لأرمينيا كي تعيد مهاجمة الأراضي المحررة حتى مع وجود مراقبة مشتركة بين روسيا وتركيا كما أعلن منذ نوفمبر الماضي!
فالخبر الذي نقلته رويتر، في 28 مايو الماضي، والذي أعلنت فيه أذربيجان إصابة أحد جنودها بعدما أطلقت القوات الأرمينية النار على المواقع الأذربيجانية خلال الليل، وهو الأمر الذي نفته أرمينيا بطبيعة الحال؛ لكنه يؤكد أن مخاوفي في محلها.
وقالت وزارة الدفاع الأذربيجانية في بيان إن القوات الأرمينية أطلقت النار من عدة اتجاهات على مواقعها في ناخشيفان.
وجاء هذا التصريح الأذربيجاني في وقت عقد فيه وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو محادثات مع نظيره الأرميني فاغارشاك هاروتيونيان في موسكو، وقال إن روسيا تعتزم تعزيز التعاون العسكري مع أرمينيا.
من حق روسيا أن تحافظ على مصالحها التاريخية مع أرمينيا، وأن تخطط لاستعادة نفوذها بعد الانقلاب الأخير في أرمينيا، وتراجع دورها في السيطرة على القرار السيادي الأرميني؛ لكن لا يجب أن يكون ذلك على حساب الحقوق الأذربيجانية مجددًا، والروس مطالبون بإبداء حسن النية تجاه أذربيجان بالضغط الواضح على أرمينيا لتسليم خارطة الألغام التي زرعتها في أراضي أذربيجان التي احتلتها منذ العام 1992، وحتى سبتمبر الماضي، قبل أن يحررها أبطال أذربيجان وأبناء إلهام علييف في القوات المسلحة الأذربيجانية.
على أذربيجان حتى ذلك الحين ألا تأمن للروس، وأن تبني خططها البديلة من الآن، وأن تستعد للاستفزازات الأرمينية من حين لآخر، وربما هجوم مباغت لإسكات الداخل المؤجج بالكراهية لكل ما هو آذري.