«من يذهب إلى القدس من المسلمين آثم آثم.. والأولى بالمسلمين أن ينأوا عن التوجه إلى القدس حتى تتطهر من دنس المغتصبين اليهود»..

 

هل يصدق أحد أن صاحب هذه العبارة الإمام الجليل جاد الحق علي جاد الحق، شيخ الأزهر الأسبق، هو نفسه الذي أيد اتفاقية كامب ديفيد ودافع عنها بضراوة لدرجة اعتبار أن عار كامب ديفيد هو صلح الحديبية، مستشهدا بقول الله تعالى “وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا”!..

 

فالشيخ الذي يعتبره الكثيرون آخر شيوخ الأزهر المحترمين، قد كان للأسف أحد علماء السلطان في أثناء حكم الرئيس السادات والسنوات الأولي من عهد خلفه مبارك!.

 

حيث أفتي بعد تعينه مفتيا للجمهورية بشرعية القانون رقم 44 لسنة 1979م وهو المعروف باسم “قانون جيهان للأحوال الشخصية”!.

 

علي الرغم من المعارضة الشرسة من غالبية علماء الأمة لهذا القانون المخالف لشرع الله و سنة نبيه صلي الله عليه وسلم، والذي مكن المرأة بعد طلاقها بقوة القانون من زوجها، بسبب تزوجه من أخرى، بالزواج من رجل آخر، ولأن طلاق المكره لا يقع (فلا يجوز إكراه الرجل علي تطليق زوجته دون سند شرعي)، فقد أصبحت المرأة علي ذمة رجلين في وقت واحد!.

 

ومن أجل ذلك تم مكافئته بوزارة الأوقاف ثم بمشيخة الأزهر في أوائل عهد مبارك!..

 

ومع ذلك أراد الله له الحسنى في سنواته الأخيرة وختم له مدافعا عن قضايا الأمة العربية عامة، والقضية الفلسطينية على وجه الخصوص، فقد أعلن رفضه لقرار الكونجرس بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ورفض لقاء الرئيس الإسرائيلي عيزرا وايزمان خلال زيارته للقاهرة في أوائل التسعينيات وأفتى بعدم زيارة القدس، وأكد أن تحرير القدس لن يتم إلا بالجهاد والاستشهاد في سبيل الله، وعارض بقوة نظام الرئيس مبارك في قضية فوائد البنوك وغيرها!..

 

واليوم نري أحمد الطيب شيخ الأزهر يدافع عن تراث الأمة ويجهر بكلمة الحق؛ بعد المواقف المخزية منذ تأييده التام لكنز إسرائيل الاستراتيجي “حسني مبارك” والوقوف مع الحاكم الجائر في ثورة يناير 2011م، والدعوة لعدم الخروج عليه (سبقه إليها الشيخ جاد الحق مع السادات) ثم وقوفه بجوار بابا الكنيسة لإضفاء الشرعية لمشهد الانقلاب علي الرئيس المنتخب الشرعي للبلاد في يوليو 2013م؛ وصمته المشين علي القتل والاعتقال لأبناء الأمة والتطبيع السافر مع العدو الصهيوني والتفريط في أراضي وثروات البلاد من قبل النظام الحالي!..

 

فهل آن الأوان أن يسير الطيب علي خطى جاد الحق ليختم الله له بالحسني؟!، وهو الذي دعا الله أن يختم له بها في كلمته في مؤتمر الأزهر العالمي لتجديد الفكر الإسلامي.