مما يجب التنبه له أن العدوان المتعدد الجهات الذي يستهدف الإسلام والمسلمين، وأهل السنة خصوصا، هو بسبب قوتهم وحضورهم وليس بسبب ضعفهم!

 

ذلك أن الحق قوي بذاته والباطل ضعيف بذاته، وهذه سنة كونية ربانية، فمن تأمل في سِير الأنبياء يجد أن أهل الباطل كانوا يعادون أهل الحق ويعتدون عليهم بسبب ضعفهم المعنوي والذاتي كما في قصة فرعون وموسى كليم الرحمن.

 

فرغم كل هيلمان فرعون وجبروته وطغيانه وجيشه إلا أنه كان عاجزا أمام قوة حجة موسى عليه الصلاة والسلام فلم يجد مفرا إلا بالتهديد والوعيد!

 

وهذا حال الجاهلية اليوم كما في فرنسا حيث تهدد مسلميها بالويل والثبور بسبب إيمانهم فقط ولبسهم الحجاب وأكلهم الحلال، مما يذكرنا بقوله تعالى عن قوم لوط: “أخرِجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون”.

 

واقعنا اليوم تظهر فيه قوة الإسلام والمسلمين المعنوية أو قوتهم الناعمة -بلغة علم السياسة- في أشكال وصور متعددة، وهذه القوة هي نتيجة لمسيرة عدة عقود ماضية من الصحوة والعودة لصحيح الدين.

 

من مظاهر قوة المسلمين وأهل السنة اليوم ما يلي:

 

– الإقبال الكبير على التزام شعائر  الإسلام وتعاليمه من الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة والصدقات والجهاد وطلب العلم والحجاب وحفظ القرآن ورعاية الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام والدعوة إلى الله وغيرها.

 

– البعد عن الربا وتحري الحلال ولذلك نما الاقتصاد الإسلامي وأصبح مطلبا عالميا لا يقتصر على المسلمين لإنقاذ البشرية من غول الربا الرأسمالي وذئب التأميم الشيوعي الاشتراكي.

 

ومعلوم أن محاربة الإسلام للربا تصيب قبيلة مالكي البنوك العالمية بمقتل مما يهدد عروشهم ويدمر إمبراطورياتهم المالية الضخمة.

 

– الإقبال المتعاظم من أبناء الشعوب والأمم غير المسلمة على الدخول في الإسلام للنجاة من مصائب الجاهلية الأولى أو الجاهلية المعاصرة في ظل العولمة وما بعد الحداثة.

 

– قمع كثير من أهل البدع بعد أن صدع أهل السنة بالحق، فها هم ملالي طهران يشنون الحملة تلو الحملة لمصادرة الأطباق اللاقطة لفضائيات أهل السنة وتكرار الفتاوى بتحريم مشاهدة قنوات مكافحة التشيع والطائفية.

 

وها هم غلاة الأشاعرة والصوفية لا يملكون حيلة إلا أن يكونوا ذراعا لمخططات دولية بعد أن بان عجزهم وفضح عوارهم في ساحة النقد العلمي.

 

– وفي نزالات الانتخابات في أي مكان تنحاز جماهير المسلمين لمن يرفع راية الإسلام، ولو كان مخادعا، مما حدا بدعاة الانفتاح والتعددية وتقبل الآخر على النكوص على أعقابهم والمطالبة بإقصاء الدين والمتدينين عن ساحة السياسة مع المطالبة بفتح المجال السياسي للملحدين والشواذ وعبدة الشيطان بحجة أن الوطن للجميع!

 

– ورغم كل المؤامرات وكل المكائد على طمس هوية الإسلام في قلوب وعقول المسلمين، لا يزال الإسلام حاضرا يقارع اليهود في فلسطين والشيوعية والبوذية والتبشير النصراني والعلمانية في كافة البلاد بيد عزلاء وظهر مكشوف، بينما هم يملكون السلطة والسلاح والمال.

 

المقصود تنبيه أهل السنة إلى أنهم يملكون القوة الحقيقية وهي قوة الحق والإيمان الصحيح الذي يستندون إليه في وجه الكفار أو الضلال، فلذلك إياكم واليأس أو القنوط.

 

إن إدراك حقيقة القوة التي نملكها وهي قوة الحق والحقيقة لهو مما يضاعف قدرة المسلم والمسلمة على مجابهة العدوان الظالم والباطل من الخصوم في الداخل والخارج.

 

إن إيماننا والتزامنا بالسنة النبوية هو في الحقيقة ما يخيف الأعداء، لأنه ينزع عن أهل الباطل بهرجتهم الغاشمة كما قال السحرة لفرعون لما آمنوا «قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقضِ ما أنت قاضٍ إنما تقضي هذه الحياة الدنيا».

 

كما أن التزامنا بديننا وسنة نبينا يهدم المكاسب والأرباح الطائلة لأهل الفساد والشر، وتخيل كم يخسر المبطلون بسبب الإيمان من ترك الربا والخمر والمخدرات وترك التبرج لغير المحارم وترك الملاهي الليلية والسياحة المحرمة والسينما الفاسدة و…

 

تخيل بالله عليك نتائج الإيمان والتزام السنة من التواضع والزهد وإطابة المطعم وترك الإسراف على أهل الشر، عندها ستعرف لماذا منظومات الفساد لا تتوقف عن محاربة أهل الحق، ولماذا لا تنتهي شبكات الدعارة والمخدرات والسلاح برغم كل أجهزة المكافحة!

 

الخلاصة؛ يهاجمون الإسلام وأهل السنة لأننا أقوياء بديننا وليس لأننا ضعفاء، وهذه أول خطوة في صد العدوان.

 

وللحديث بقية.

من أسامة شحادة

كاتب وباحث في شئون الفرق والجماعات الإسلامية