كَشْفُ حقيقةِ بولس تحتاج إلى كتاب, ولضيق المقام, أُلقي الضوء على محطات أساسية توضح لنا حقيقة الرجل الذي تمثل كتاباته ورسائله حوالي 50% من العهد الجديد! اسمه شاول الطرسوسي, يهودي متعصب كان يُعذب ويَضطهد أتباع سيدنا عيسى عليه السلام, ولم يقابل المسيح أبدا.

1- حتى نتعرف على شخصيته لابد أن نقرأ ما قاله في رسالته الأولى لأهل كونثوس 20:9″فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ. وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ” اعتراف صريح منه بأنه كذاب ومنافق.

2- قصة كاذبة ادعاها بأنه كان في طريقه لدمشق فسمع صوتا (أي صوت يسوع) يقول له “شاول شاول لماذا تضطهدني؟” هذه القصة التي بناء على قبولها قد تم إعطاءه المصداقية, والتي استغلها أبشع استغلال في تشويه رسالة المسيح عليه السلام, هذه القصة مذكورة ثلاثة مرات, وفي كل مرة نجد تناقضات مع المرتين الأخيرتين!! فهكذا هم المنافقون يعتمدون على الكذب في الخداع والتدليس, المرة الأولى في أعمال الرسل 4:9 وفيها يقول إن الذين معه سمعوا الصوت الذي يكلمه ولكنهم لا يرون أحدأ أو شيئا!! والصوت يقول له “قُمْ وَادْخُلِ الْمَدِينَةَ فَيُقَالَ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ” أما المرة الثانية في أعمال الرسل 7:22 ” قال إن الذين معه رأوا نورا في السماء ولكنهم لم يسمعوا الصوت”!! تناقض واضح, في المرة الثالثة في أعمال الرسل 14:26 كان يحكي نفس القصة لملك اسمه “أغريباس” وهنا لم يذكر الذين معه لا بخير ولا بشر!! ثم قال إن الصوت قال له ماذا تفعل بالتفصيل! ناسيا ما قاله سابقا بأنه سيقال له ماذا تفعل عندما يصل للمدينة! فهذه التناقضات كفيلة بأن تسقط مصداقيته ويعلم الناس إنه كذاب أشر, ويبدو إن معاصريه أو على الأقل بعضهم في مدينة روما, قد عرفوا حقيقته بأنه كذاب, فقد كتب لهم في رسالته الى أهل رومية (رومية 7:3) فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ، فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟! يبرر كذبه بخطيئة, وكأن الله تعالى يحتاج لكذاب وكذبه ليزداد مجد الله!!

3- ينبغي أن نعرف إن بولس الكذاب لم يعرف أو يخطر بباله يوما, إن بعض رسائله سيتم تجميعها, ليرى الناس حقيقته, فضلا عن أن يعتبرها الغافلون والضالون إنها كلام الله تعالى!! هذه النقطة في غاية الأهمية وتفسر لنا الكثير.

4- بولس الذي يَكنُّ كراهية شديدة للمسيح عليه السلام وأتباعه الموحدين, وجد إن التعذيب والسجن والجلد, لا يأتي بالنتيجة المرجوة, فأراد أن يدمر ويشوه رسالة المسيح من الداخل, وأعتقد إنه قد نجح في ذلك, حتى إن عقائد النصرانية المختلفة من تأليه المسيح وعقيدة الصلب والفداء وغيرها, مصدرها بولس الكذاب, فقد تتبع رسالة المسيح وتعاليمه بممحاة (أستيكة) ليبدل ما دعا إليه المسيح إلى الكفر والوثنية.

وجدير بالذكر إن “مايكل هارت” مؤلف كتاب “العظماء مئة..أعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم” قد جعل بولس شريكا للمسيح في النصرانية!!

5- أول ما دعا إليه بولس هو التبشير ب”المسيح ابن الله”! ومعروف عنه ثقافته الواسعة وإطلاعه على الأديان وثقافة الشعوب والتي في معظمها وثنية, تؤمن بتجسد الآلهة وتعددهم وموت الآلهة ووجود ذرية للآلهة, فكلمة “ابن الله” بالنسبة لليهود مثلا تعني المؤمن بالله أو “عبد الله” وهذا موجود في ثنايا الكتاب المقدس بعشرات الأمثلة ومنها مثلا إن “آدم ابن الله”! ولكن بالنسبة للوثنيين تعني شيئا آخر, وعليه فقط اعتمد بولس على التدليس واللعب بالألفاظ والكذب ليكسب أتباعا مهما كان الثمن ومهما كانت الطريقة القذرة التي يتبعها كما اعترف سابقا.

6- دعا إلى الاقتداء به كما في رسالته الأولى لأهل كورنثوس 1:11″كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أَنَا أَيْضًا بِالْمَسِيحِ.” أي ترك المسيح وإتباعه هو!!

7- كما دعا إلى تأليه المسيح, وهذه أول ضربة قاضية لرسالة التوحيد التي جاء بها المسيح وجميع الأنبياء, فقد تلاها بولس بتحريم الختان! ثم تبعها بالدعوة لعدم إتباع الشريعة أي التوراة! بل بكل صفاقة وكفر يسب التوراة ويصفها باللعنة ” في رسالته إلى أهل غلاطية 10:3 “لأَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَعْمَالِ النَّامُوسِ هُمْ تَحْتَ لَعْنَةٍ،لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ لاَ يَثْبُتُ فِي جَمِيعِ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ النَّامُوسِ لِيَعْمَلَ بِهِ».!!

8- ولم يكتف بسب وشتم التوراة وحي الله تعالى وتنفير الناس منها بل تعداه الى سب المسيح عليه السلام ووصفه بنفس الوصف القميء أي لعنة! فأولا أقنع الناس بأن المسيح إله ثم أقنعهم بأن مهمة المسيح كانت الموت على الصليب لفداء البشرية حتى إذا صدقوه قاله لهم في رسالته إلى أهل غلاطية 13:3 “اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ». لعنة الله على بولس ومن يتبعه ويصدقه.

المفاجأة الحقيقية ليست في معرفة حقيقة بولس الكذاب, فهذا أمر معلوم وهناك كتب كثيرة ومقالات كثيرة توضح للناس حقيقته ولكن المفاجأة في رأيي هي في حديث سيد الأنبياء وإمام المرسلين صلى الله عليه وسلم الذي قال:

(يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان، فيساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس، تعلوهم نار الأنيار، يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال) رواه الترمذي، حسنه الألباني.

ودمتم.

من أشرف عبدالمنعم

كاتب وباحث في الأديان