كتب الأستاذ محمود سلطان مقالا في جريدته “المصريون” يقول فيه بالرغم من إنه مسلم إلا إنه يفضل أن يعيش في نظام حُكم عالماني!! بل لا يمانع أن يحكم المجتمع المسلم حاكم نصراني أو ملحد أو يهودي!! وقبل أن أرد على هذه المقولة الغير منطقية، لابد أن أذكر أنه قبلها كتب سلسلة من المقالات بعنوان “من دفتر يوميات الخلافة” وفيها من الأكاذيب والمغالطات والخلط والهرتلة والتدليس ما لا يليق برجل، عرفناه كيسا فطنا وكاتبا متمكنا مدافعا عن الإسلام حتى انقلب على عقبيه هو وأخوه الأستاذ جمال، قبيل الانقلاب العسكري المشئوم،

 

المهم في كتاباته التي يُنَفِّرُ الناسَ من “الخلافة الإسلامية” رددت عليه وغيري من المعلقين بأننا نريدها كما أخبرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم أي “خلافة على منهاج النبوة”! والرجل يأبى إلا أن يُدلس ويأتي بأخبار إن صحت فهي تماثل أفعال الطغاة من أمثال بلحة الأخرق، ولكن الكاتب الهمام لا يستطيع أن ينتقد بلحة، وسألته في التعليقات وقلت له لماذا لا تُعرب عما تود قوله صراحة ودون مواربة؟ وبعدها كتب المقالة المشار إليها أعلاه ثم حذفها من الجريدة!!

 

ورغم أني كتبت سابقا عن العالمانية بتفاصيل كثيرة وكذلك عن معنى كلمة “دين” بمعانيها الكثيرة، إلا أن كلام الأستاذ محمود، ربما يكون فرصة جيدة لإعادة التأكيد على أمور من المفترض أن تكون بديهية عند كل مسلم، فكلمة دين من ضمن معانيها “ما يتدين به الرجل أي يتعبد به ويتخذه دينا وأيضا العادة والشأن والسيرة والطريقة والنظام العام في البلاد وتعني أيضا الحساب والجزاء” وباختصار شديد من يقول أنه مسلم يعني أن دينه الذي يؤمن به ويتعبد به ويراه المنهج الأمثل في الحياة هو الإسلام لله تعالى أي الإنقياد والطاعة لما أمر الله به في كتابه الحكيم أو على لسان رسوله الكريم”

 

أما العالمانية باختصار شديد أيضا تعني الدنيوية وليس لها علاقة بكلمة “العِلم” والتي يدلس بها العالمانيون ويكتبونها “علمانية”!! ولا عجب في ذلك، فكل دين وضعي لابد أن تصحبه الأكاذيب ليتم ترويجه بين الناس! ولن تجد غير الإسلام يعتمد الصدق في منهجه عموما وفي كل تفصيلة من تفاصيله .

 

فالعالماني رافض لكل دين عدا العالمانية! ويتراوح الرفض ما بين الحرب على الأديان بغرض سحقها ومحوها الى السماح بوجودها شريطة بقاءها داخل حدود دور العبادة، ومنع سلطتها على التأثير في الحياة العامة، فالدستور الوضعي حل محل كتاب الله، وأقوال الفلاسفة والمنظّرين حل محل سنة الأنبياء والرسل!!

 

فالذي يعلن إنه عالماني، يعلن في نفس الوقت خروجه من الإسلام! فكما ليس هناك “يهودي مسلم” أو”بوذي مسلم” فليس هناك “عالماني مسلم” فضلا عن أن يدعو للعالمانية! فالذي يدعو للهندوسية هندوسي والذي يدعو للنصرانية نصراني والذي يدعو للإسلام مسلم والذي يدعو للعالمانية عالماني!! وتأمل معي قوله تعالى “مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ…” والمعنى أي لا يجتمع اعتقادان متغايران متنافران متناقضان مختلفان في قلب رجل أبدا! ومن يدعي ذلك فهو منافق كذاب

 

وحتى نُبَسِّط المسألة للمعترضين، نسأل العالماني المتدين جدا سؤالا! ما رأيك في زواج المسلمة من غير المسلم؟! كمسلم متدين جدا سترفض جدا لأن هذا الزواج باطل وتحرمه الشريعة الإسلامية التي تؤمن بها! وكعالماني ستوافق لأن المسألة تدخل في باب الحريات التي يقرها الدستور العالماني!! فهل تقبل أم ترفض؟ فإذا رفضت فهذا يعني إنك لست عالمانيا، وإذا قبلت فهذا يعني إنك غير مسلم. وكمسلم سيكون هدفك في الحياة إقامة الدين في نفسك وفي أسرتك وفي مجتمعك! فهل الحاكم الملحد أو اليهودي أو النصراني ستختاره ليقيم ويحمي الإسلام الذي لا يؤمن به؟ إنه الهراء والكذب وهو ديدن كل منافق ولا عجب أن نقرأ في كتاب الله:

{إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}!

 

ودمتم.

من أشرف عبدالمنعم

كاتب وباحث في الأديان