أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)، أنها وضعت 8500 جندي في حالة تأهب قصوى تحسبا لاحتمال نشرهم بشرق أوروبا دعما لحلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) في حال أقدمت روسيا على غزو أوكرانيا، في حين نددت موسكو بما سمتها هستيريا في الغرب بشأن عمل عسكري روسي محتمل ضد الجارة الغربية.

فقد قال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي إنه لم يتخذ بعد قرار نهائي بإرسال هؤلاء العسكريين خارج الولايات المتحدة، وإن ذلك سيتم في حال قام الحلف الأطلسي بتفعيل قوة الرد السريع التابعة له، والتي تضم 40 ألف عسكري، أو في حال حدثت تطورات فيما يخص الحشود العسكرية الروسية على الحدود الأوكرانية.

وأضاف كيربي أن وضع هؤلاء العسكريين في حالة تأهب قصوى بأمر من وزير الدفاع لويد أوستن يقصّر إلى النصف المدة اللازمة لهم للاستعداد لمغادرة الولايات المتحدة إلى الخارج، أي من 10 أيام إلى 5 أيام فقط.

وتابع المتحدث الأميركي أن الخيار الدبلوماسي لا يزال قائما فيما يخص التحركات العسكرية الروسية على حدود أوكرانيا، وأشار في هذا السياق إلى استمرار المحادثات بين واشنطن وموسكو، بيد أنه أكد أن الروس ليست لديهم حاليا نيّة لخفض حدة التوتر.

وتأتي تصريحات كيربي بينما قال البيت الأبيض إن الرئيس جو بايدن لا يزال يعتقد أن روسيا قد تنفذ عملية عسكرية ضد أوكرانيا في أي وقت.

وأجرى بايدن مساء الاثنين مشاورات عبر الفيديو مع عدد من القادة الأوروبيين للتنسيق بين واشنطن وحلفائها عبر المحيط الأطلسي للرد على الحشد العسكري الروسي على الحدود مع أوكرانيا.

وشملت المحادثات المغلقة كلا من رئيسة المفوضية الأوروبية، ورئيس المجلس الأوروبي والرئيس الفرنسي، والمستشار الألماني، ورئيس الوزراء الإيطالي، وكذلك الأمين العام لحلف الناتو، والرئيس البولندي، ورئيس الوزراء البريطاني.

وقد جدد القادة الغربيون خلال المحادثات دعمهم غير المشروط لوحدة أراضي أوكرانيا وتوعدوا روسيا بعواقب وخيمة إذا ما شنت عدوانا على جارتها الغربية.

وقال الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ عقب المحادثات إنه تم الاتفاق على أن أي عدوان روسي جديد على أوكرانيا ستكون كلفته باهظة.

وتؤكد الولايات المتحدة ودول حليفة لها أن روسيا نشرت نحو 100 ألف جندي تساندهم أعداد كبيرة من الآليات على حدود أوكرانيا استعدادا لمهاجمتها، الأمر الذي تنفيه موسكو.

ووفقا لصحيفة “نيويورك تايمز” (The New York Times)، فإن الرئيس الأميركي جو بايدن يفكر في نشر آلاف من الجنود الأميركيين وسفن حربية وطائرات للناتو في دول البلطيق وأوروبا الشرقية، وأنه قد يتخذ قرارا بهذا الشأن مطلع الأسبوع الجاري.

وأوضحت الصحيفة أن الخيارات تشمل إرسال ما بين ألف جندي و5 آلاف إلى أوروبا الشرقية مع إمكانية رفع ذلك العدد إلى 10 أضعاف إذا تدهورت الأوضاع.

بدورها، نقلت شبكة “سي إن إن” (CNN) عن مسؤولين أميركيين قولهم إن إدارة بايدن باتت في المراحل النهائية من عملية تحديد الوحدات العسكرية التي تعتزم إرسالها إلى شرق أوروبا.

ونقلت الشبكة عن هؤلاء المسؤولين أن الإدارة الأميركية بصدد صياغة الأوامر العسكرية الخاصة بهذا الشأن في مسعى منها لردع روسيا التي حشدت عشرات الآلاف من قواتها على الحدود مع أوكرانيا.

وأوضحت أنه لم يتم اتخاذ القرار النهائي مشيرة إلى أن الهدف من إرسال تعزيزات عسكرية إلى أوروبا الشرقية هو توفير الردع وطمأنة الحلفاء.

وفي تحرك عسكري لافت، أعلن حلف شمال الأطلسي الاثنين أنه يهيّئ قوات احتياطية لتكون في حالة تأهب، وأنه سيرسل طائرات وسفنا لتعزيز القدرة الدفاعية للحلف في شرق أوروبا.

وقال الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ إن الحلف سيواصل اتخاذ كل الإجراءات اللازمة للحماية والدفاع عن الدول الأعضاء.

ويتزامن قرار الناتو مع مناورات عسكرية بدأها الحلف في البحر المتوسط تستمر حتى 4 فبراير/شباط المقبل.

كما يأتي القرار بعد ساعات من اجتماع الرئيس الأميركي بفريقه للأمن القومي، والذي ناقش نشر قوات في دول البلطيق وشرق أوروبا.

وفي رد الفعل الروسي، قال ألكسندر غروشكو، نائب وزير الخارجية الروسي، إن إرسال الناتو قوات إضافية إلى دول شرق أوروبا دليل على أن الحلف يتبنى نهج التهديد والضغط العسكري.

وأضاف غروشكو أن محاولات الحلف الأطلسي رسم صورة عدوانية لروسيا هدفها تبرير الأنشطة العسكرية للحلف في أقصى شرق أوروبا.

في المقابل، قال الناطق باسم الرئاسة الروسية (الكرملين) ديمتري بيسكوف إن واشنطن والحلف الأطلسي يصعّدان التوتر عبر “هستيريا الإعلانات” و”الخطوات الملموسة”، مشيرا إلى أن خطر شن قوات أوكرانية هجوما ضد الانفصاليين الموالين لروسيا مرتفع للغاية.

ونفى بيسكوف أي نية لدى بلاده لقطع إمدادات الغاز عن أوروبا في حال أقدمت الدول الغربية على فرض عقوبات على روسيا.

وقد أعرب الكرملين عن قلقه إزاء الوضع في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا، ودعا كييف إلى عدم التفكير في تسوية النزاع بالقوة.

وقال إن سلطات كييف نشرت أعدادا كبيرة من القوات والمعدات العسكرية على خط التماس بين القوات الأوكرانية والانفصاليين الموالين لموسكو.

ميدانيا، أبقى الجيش الأوكراني قواته في المواقع المتقدمة بجبهة إقليم دونباس على درجة عالية من الاستعداد واليقظة تحسبا لأي تطور عسكري محتمل هناك.

وقالت وزارة الدفاع الأوكرانية إن جنديا أوكرانيا أصيب بجروح متوسطة على جبهة دونباس حيث خرق الانفصاليون وقف إطلاق النار 10 مرات في الساعات الـ24 الأخيرة.

وفي الإطار نفسه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الاثنين إن الوضع شرقي البلاد تحت السيطرة ولا داعي للذعر.

وأكد زيلينسكي عقب اجتماع لمجلس الأمن القومي لبحث التوتر مع روسيا أن بلاده مستعدة لكل شيء.