تتفق إحصائيات حكم الولي الفقيه في إيران على تسجيل الانهيار الاقتصادي الذي تمر به البلاد أرقاما قياسية بشكل يومي، لتضع بذلك علامة استفهام كبيرة حول وعود السيطرة على التضخم، التي اعتاد إبراهيم رئيسي على إطلاقها منذ تنصيبه قبل قرابة العامين.
تشير منظمة البرنامج والميزانية أن ديون الحكومة للنظام المصرفي تبلغ 1144 ألف مليار تومان فيما بلغ الدين للشركات الحكومية 1894 ألف مليار تومان، مما يعني زيادة في طباعة الأوراق النقدية غير المدعومة، والتي قدرها الرئيس السابق للبنك المركزي عبد الناصر همتي في فبراير الماضي بـ 124 ألف مليار تومان خلال تسعة أشهر من العام 2022.
وأعلن نائب مدير منظمة البرنامج والميزانية رحیم مُمبيني في اعتراف صادم أن عجز ميزانية الحكومة يبلغ 794 ألف مليار تومان، فيما سجل عجز الموازنة في مشروع قانون موازنة رئيسي لعام 2023 رقمًا غير مسبوق بلغ 460 ألف مليار تومان، الأمر الذي وصفه الخبراء بالانهيار الاقتصادي.
واعترف رئيس صندوق التنمية الوطني الخاضع لسيطرة النظام مهدی غضنفري في 11 مايو بأن خامنئي ورئيسي أفرغا صندوق التنمية الوطني ولم يتبق سوى 10 مليارات دولار من 150 مليار دولار.
تتضارب هذه الإفادات مع وعود رئيسي المتكررة بإصلاح الاقتصاد المنهار، حيث قال في يوم من الأيام بأنه يرى السيطرة على التضخم في متناول اليد، وفي يوم آخر انه يسعى إلى كبح جماح التضخم، وادعى في إحدى المناسبات إن السيطرة على التضخم الخطة الدائمة للحكومة حتى تحقيقها، وفي إحدى المناسبات أن الحكومة تحاول كبح جماح التضخم.
دفعت هذه الأوضاع قادة النظام للبحث عن حلول خارج الصندوق الذي يضيق يوما بعد يوم، ومن بين هذه الحلول خيار بيع الجزر الإيرانية، حيث توقع سجاد بادام المدير العام للتأمينات الاجتماعية المُقال من منصبه الوصول إلى بيع جزيرتي قشم وكيش ومحافظة خوزستان لدفع رواتب المتقاعدين.
ولتفاقم الأوضاع الاقتصادية صداه السياسي الذي يأخذ شكل الصراع بين ذئاب النظام، حيث ينتظر رئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف فرصة إلقاء اللوم على رئيسي، مشيرا إلى إهدار المديرين 104 مليارات دولار من الثروة سنويًا ـ أي أنهم يسرقون و لا يتركون أي أثر لـضياع المال ـ في الوقت الذي يرجح المسئولون انفجارا رهيبا في أية لحظة.
خيارات الولي الفقيه للخروج من المأزق محدودة، إما الموافقة على خطة العمل الشامل المشتركة (الاتفاق النووي) الأمر الذي يعتبره خامنئي طريقا للتدهور اللانهائي ومفتاحا للسقوط او ادخال يده أكثر في جيوب الناس وسرقة خبزهم برفع كلف الطاقة، الأمر الذي جربه في نوفمبر 2019 وأدى إلى غليان الشارع.
تترافق تعقيدات الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي أثبتت فشل خيار تنصيب رئيسي وانسداد أفق الولي الفقيه مع توجيه شباب الانتفاضة ووحدات المقاومة داخل إيران ونشاطات المقاومة الإيرانية في خارجها أعنف الضربات لجسد النظام المتعفن، مما يبقيه في حالة تآكل تنتهي بالتلاشي، وفتح صفحة جديدة من مستقبل إيران والإيرانيين.