د. ممدوح المنير

عمليا جماعة الإخوان المسلمين التي أسسها الإمام المجدد حسن البنا رحمه الله انتهت “تنظيميا” في مصر وعدة أقطار عربية وفق “الأهداف” التي قامت عليها.

 

لكن بمنطق اللافتة والمقر والألقاب الإعلامية والاحتفاليات الموسمية فهي موجودة و قوية وثابتة رغم الأعادي وستبقى مهما طال الزمن!!

 

بمنطق الفكرة فهي موجودة فعليا و تزداد رسوخا لكن كفكرة وليس كتنظيم فحجم التحديات التي واجهتها وانكشاف عورات الجميع والخلل الداخلي كل ذلك أعطى للفكرة نفسها زخما ونضجا يختمر الآن.

 

وعموما بمنطق التاريخ الأفكار لا تموت ولكن قد تضعف أو تنزوي حينا من الزمن وقد تعود أقوى مما سبق.

 

بمنطق الأهداف السياسية المؤسسة للجماعة، فهي قد تحولت في ظل الإدارة الحالية إلى جماعة وظيفية بامتياز لدى الغرب سواء أدرك القائمون عليها ذلك أم لم يدركوا.

 

وبالتالي هي في طورها الحالي ليس لها علاقة بالجماعة التي تأسست في بدايات القرن الماضي، اللهم سوى اللافتة والمقر وبعض جيل 1919 الذي يديرها الآن.

 

بمنطق أهداف العمل الاجتماعي والخيري فلا تزال الجماعة تؤدي دورها بشكل جيد رغم الصعوبات التي تواجهها في المنطقة العربية وهذا يختلف من قطر لآخر.

 

لذلك سيظل جيل الشباب تحديدا هم الأكثر حيرة وتخبطا بسبب الفجوة الكبيرة بين الأهداف المؤسسة والواقع الحالي أكثر من جيل كبار السن الذين عاشوا حياتهم كاملة داخل الجماعة فتوحدوا معها نفسيا وشعوريا ويصعب إن لم يستحيل عليهم تغيير قناعاتهم حولها.

 

لأن ذلك سيهدم داخلهم أشياء يريدون أن يعيشوا عليها و لو حتى وهما أو سرابا حتى يلقوا ربهم، فهم في العموم يعيشون الآن مستقبلهم.

 

وبالتالي ليس لديهم ما يخسروه فعليا إذا حافظوا على قناعاتهم كما هي وعاشوا في كنفها مرتاحين وقاوموا بشراسة أي يشخص يحاول التشكيك بها وعند هؤلاء مثلا ما اكتبه رجس من عمل الشيطان وكلام يقطب له الجبين وتمصمص له الشفاه و تحوقل عليه الألسنة!!!

 

النظام العالمي هو أكثر الناس حرصا على بقاء اللافتة والمقر وجيل 1919م* حتى يظل الاستخدام الوظيفي كما هو وهي المعارضة المدجنة التي لا ترفع حاجبا فوق ما هو مسموح لها وغير ذلك يمكنها أن تلعب وتتحرك كما تشاء ما دامت لا تتجاوز الخطوط الحمراء الموضوعة لها التي تضمن له السيادة والتفوق الدائمين.

 

الشباب الذين يعتبرون التنظيم أو الجماعة هدف وليس وسيلة لإقامة الدين ونصرة الحق ربما يصابوا بإحباط، والذين يعتبرونها وسيلة وليست هدف سيعتبرون كلامي هذا (تحدي) لتأسيس أول أو ثاني أو الثالث لوسائل جديدة أو تجديد ما هو قديم إن أمكن لتحقيق نفس الغاية إقامة الدين ونصرة الحق وعمارة الأرض بالعدل والحرية والإحسان.

 

 

*ملحوظة جيل 1919م كناية عن نماذج بعينها وليس تعميما وإلا فكل جيل فيه الصالح والطالح والقوي المقدام والمهزوم نفسيا المتأخر.

من د. ممدوح المنير

مدير ومؤسس المعهد الدولي للعلوم السياسية والاستراتيجية، خبير دولى فى مجال التنمية البشرية