د. أبو يعرب المرزوقي

بصرف النظر عن مبدئية القضية التي لا يشكك فيها عاقل فإن الحسابات الخاطئة أضرت هذه المرة بالمجلس النيابي برمته مثلما أضرت بالإرث النضالي لأكبر الأحزاب فيه وأعرقها في أكثر الأوقات التي يحتاجان فيها إلى التفاف الكثير من حولهما درءا لما هو مخطط لهما.

 

ولن يكون من هذه الخيارات أي ربح لان حلفاء فرنسا يعلمون إلى أين هم ذاهبون وماذا يريدون وأين أخفاه البعض تحت عناوين براقة.

 

وهم يعملون بالتدريج على تفتيت مصادر القوة الشرعية لمن يرون فيه الإمكانية الوحيدة لصد نفوذهم بحكم ما يدعيه من تمسك بالهوية العربية الإسلامية.

 

ترك مصادر قوة فعلية من أجل وعود كاذبة هي أقرب إلى التهديد المبطن أمر غريب عندما يصدر ممن يدعي امتلاك تجربة في المناورة السياسية والمعلوم أن من يقبل التهديد في مثل هذه المسائل لن تجد له عزما في ما هو دونها قيمة رمزية ومبدئية ودونها إجماعا شعبيا.

 

والخسارة تكمن في الأمد القريب بتفويت فرصة فضح المتربصين وخاصة من حصل منهم على دعم شعبي لظاهر أقواله جراء أخطاء سياسية من نفس الفاعلين.

 

أما في الأمد الأبعد فهي فقدان ما تبقى من القوة وتحجيم الحزب ليصبح مجرد رقم بين مختلف الأرقام المتقاربة قولا وفعلا وعلاقة بينهما.

 

والأهم من كل هذا كان التفويت في فرصة تنويع التحالفات السياسية والعلاقات الاقتصادية وعكس مفعول هيمنة فرنسا عليهما حتى في ظل حصوله على الأرض لتقدم هي التنازلات في محاولة للإبقاء عليهما.

 

تدارك الوضع قد يتطلب مجهودا أكبر بكثير من الذي كان يتطلبه الأمر قبل البارحة بحكم غياب قيادات تاريخية عبرت بشكل واضح عن الخيارات دون مراوغات اقتربت في بعض الأحيان من التزلف المبطن لمحتل الأمس.

من د. أبو يعرب المرزوقي

فيلسوف عربي تونسي