ما ترونه من بطولة ورجولة وجهاد الأسد حازم ليس سوى قطرة من بحر أبيه، شيخنا الجليل صلاح أبو إسماعيل رحمه الله.. أقول هذا، لأن الأب جاهد بشجاعة نادرة، فى وقت خَرسَ فيه الجميع، إلّا قلّة حملت الأرواح على الأَكُفّ، إذ لم تكن تحميهم حشود ثائرة، فلم يكن أحد ينزل إلى الميادين حينها، باستثناءات قليلة للغاية.

وقد رأيت الشيخ صلاح لأول مَرّة، عام1987عندما استدعاه الدفاع، كشاهد نفى، فى قضية الاغتيالات السياسية، التى سَمّاها الإعلام “الناجون من النار” وهو اسم لتنظيم اصطنعته أجهزة التلفيق، واتهمته بمُحاولة اغتيال وزيرى الداخلية المصريين السابقين “نبوى إسماعيل وحسن أبو باشا” وانفردت -كمندوب لصحيفة مُعارضة- بنشر أقوال الشيخ صلاح أبو إسماعيل كاملة، لأن شهادته كانت صفعة شُجاعة مُدويّة على وجه الطُغيان، ولهذا امتنعت كل صُحُف السُلطة عن نشرها.. ومثلها شهادته الجريئة فى قضية قتل الرئيس السادات، لصالح الدكتور عمر عبد الرحمن، رحمه الله، وباقى المُتهمين..

كما كانت للشيخ صلاح رحمه الله، مواقف مشهودة فى مجلس الشعب، ضد الظلم والفساد، مثل الجلسة التى فضح فيها “أكاذيب” زكى بدر -وزير الداخلية البذيء- ورَدّ عليه بدر بألفاظ سافلة، وكالعادة لم يُحاسبه المخلوع، ثم أقاله بعدها، لأسباب أخرى، وليس لأنه شتم المُعارضين بأحط كلمات قاموسه الشهير..

وإلى جانب دوره السياسى، كان الشيخ صلاح من كبار العلماء المعدودين، علمًا وفضلًا وإخلاصًا ونزاهة، وجهرًا بكلمة الحق، رغم أنف النظام. وله دور كبير فى الصحوة الإسلامية (مع الأعلام الخالدين، كالشعراوى والغزالى والقرضاوى وكشك وغيرهم، رضى الله عن الجميع).

ومازلت أذكر آخر كلماته لى: (حَيّاك الله) رحمه الله وسائر موتانا، وجزاه كل خير عمّا قدّم لدينه وأُمّته، وفك أسر ولده، وكُل الأحرار الأطهار الأخيار.