يمثل صناعة الفراغ واستثماره وإعادة احتواءه داخل المحيط العالمي احد أهم محاور السياسة الاستعمارية لدى الصهيونية العالمية ومراكز الفكر لديها.

 

تعتمد النظم الفاشية اقتصاديا وسياسيا على عدة سياسات في الواقع المعاصر بعضها قد يصادم البعض من خلال ما يعرف بنظرية الصدمة التي من توابعها صناعة الفراغ داخل الشعوب أفراد أو جماعات أو دول إقليمية أو أقاليم على خريطة الجغرافيا مظنة إعادة التشكيل للعقول والمفاهيم والجغرافيا والسياسة حسب رؤية الصهيونية العالمية الماكرة.

 

من مقدمات صناعة الفراغ داخل الأمة لإحداث حالة من الارتباك الكوني داخل المنظومة العالمية عند البلاد الأسيرة تحت ردود الأفعال التي تقوم بها دول المحور الارتكازي في السياسة المعاصرة عدة آليات ماكرة تدعمها أجهزة البغي الفكري على العقول والقلوب ومراكز اتخاذ القرار والتي منها.

 

هدم المحاضن الجامعة لمقومات الأمة مثل المكونات العامة لحفظ المجتمع كلغة والأخلاق والاقتصاد والدين والعقد الاجتماعي الجامع للأمة المكون لفكر القبيلة أو الإمارة أو الدولة أو الخلافة.

 

كسر محاضن الاستقرار أهم أدوات صناعة الفراغ الخادم للصهيونية العالمية وأهمها الاستقرار الجماعي للأمة داخل منظومات حارسة للفلك العام المجتمع مثل محور الاستقرار الاقتصادي أو السياسي المتمثل في مراكز الفكر الصانع لتوجهات القادة حسب مراد الشعوب أو موروث الأمة ثوابت أو متغيرات.

 

هدم الكتل الصلبة في الأمة أحد أهم أدوات الصهيونية العالمية في صناعة الفراغ ثم السعي مكرا نحو الاستثمار فيه لخدمة الكيان الصهيوني العالمي عن طريق الاستثمار في نكبات الأمة في مراحل تدافعها العشوائي نحو الصلاح أو الإصلاح .

 

ومن ثم فمظنة النجاة ليست في الخمول وعدم التغيير فالثبات على العلل درب من دروب الترسيخ والتكيف مع الأمراض المباشرة والغير مباشرة كسبيل من سبل التعايش الخدمي والانتكاسة الممنهجة لخدمة صناع الفراغ أو المستثمرين فيه.

 

بل السعي الممنهج نحو إدارة الإصلاح مع الحفاظ على عدم حدوث الفراغ أو الاستعداد لشغله حسب رؤية علمية مسبقة تعتمد المنهج الاستشرافي لقراءة تاريخ أو واقع أو مستقبل أحد أهم محاور الاهتمام التي يجب أن تعيش معها الأمة الإسلامية المعاصرة بعيدا عن الأطروحات الفكرية الطائفية التي تراهن في غالبها على خيارات أحادية خاصة بكل حزب أو جماعة أو دولة مختزلة في عقل ديكتاتور رمزي أو حقيقي.

 

الغرب سوف يسعى ماكرا على غرار ما فعل بالعراق لإحداث فراغ بعد إزالة السنة من سدة الحكم وتدمير الجيش العراقي أداة التوازن العالمي يوم كان موجودا في الواقع كانت جغرافيا العراق والشام والخليج مستقرة رغم وجود العلل.

 

لكن هل قبلت الصهيونية ذلك؟

 

كيف تقبل وهي تسعى ماكرة لصناعة فراغ هادم للأمة ترثه شياطين الخمينية وتسبح في مياه جنود الإفساد مجموعات بلاك ووتر الخدمية للصهيونية العالمية ومراكز البغي الاقتصادي في واشنطن ولندن وباريس.

 

كسر آخر الحصون عند الأمة والبلاد العربية والإسلامية يتمثل في إزالة قوة الجيش المصري وضرب محاور التلاقي بينه وبين الشعب عن طريق الحرب الفكرية المنظمة لهدم العمق النفسي بين أبناء الوطن الواحد ليتم صناعة فراغ من توابعه؛ تدمير حجر الزاوية مصر وإسقاطها في تيه الفوضى الهدامة والخادمة لصقور صناعة الفراغ بني صهيون المتربصين بمصر الكنانة حفظها ربي من كل سوء.

 

أمريكا تصنع فراغا لتعيد تشكيل المنطقة حسب نبوءات التوراة وأهازيج الإنجيل المحرف وأوهام التلمود استثمارا منهم لحالة السيولة الفكرية عند المسلمين الغرقى في تيه النزاعات حول ثوابت أغرقوها في بحار أهواء المتغيرات.

 

من يوقف شياطين صناعة الفراغ وغربان الاستثمار فيه؟

 

هل مجرد البكاء يعد عملا مفيدا؟

 

هل التعامل بأحادية يوازي الخطر الداهم على الأمة سواء قائم أو قادم؟

 

متى تدرك الحركة الإسلامية المسؤولية الكونية لها في إدارة شر الشرين أو خير الخيرين؟

 

هل ينجح رموز الحركة الإسلامية المعاصرة في علاج الفراغ بين رواد العمل الإسلامي المعاصر؟

 

التوافق بين الحركة الإسلامية المعاصرة ومراكز القوة الموجود رغم الخلاف أفضل مليار مرة من الخلاف والصراع الذي قد ينجح الخصوم في استثماره حين نعجز عن إدارة النصر فنصل إلى قمة الهزيمة.

من عبد المنعم إسماعيل

كاتب وباحث في الشئون الإسلامية