في الوقت الذي تحارب فيه مليشيات إيران وحزبها في لبنان الطائفية الثورة العربية في سوريا واليمن والعراق تفاجأت طهران والضاحية الجنوبية -مقر حزبها في لبنان – بإنفجار الشارع العربي الشيعي نفسه في العراق رافعا شعارات الربيع العربي وثورة شعوبه في ساحات بغداد والبصرة وكافة المدن العراقية الشيعية ليمتد هذا الغضب والحريق ليصل إلى لبنان معقل حزبها ومليشياته الطائفية ليجدوا أنفسهم وفي معاقلهم الطائفية أمام ثورة لطالما وصموها بالمؤامرة الأمريكية الصهيونية.

 

إن تظاهرات الشعبين العراقي واللبناني هي في حقيقتها العميقة إعلان شعبي بسقوط النموذج السياسي الطائفي في كلا البلدين.

 

فالنموذج السياسي الطائفي في لبنان صاغته ورعته فرنسا إبان الاحتلال الفرنسي لسوريا ولبنان والذي أقام الدولة اللبنانية على أساس سياسي طائفي تتحاصص فيه الطوائف الدينية المناصب والثروة في لبنان، واستمر النموذج اللبناني الطائفي برعاية دولية وإقليمية وتم تأكيده بعد نهاية الحرب الأهلية في اتفاق الطائف.

 

وأما النموذج السياسي الطائفي العراقي فقد وضعت أسسه أمريكا بعد احتلالها العراق واستمدت الفكرة من النموذج الفرنسي في لبنان فوضعت دستوره على أسس طائفية برعاية الحاكم الأمريكي بريمر والذي سمي الدستور باسمه.

 

إن أسوأ ما يواجهه الشعبان العراقي واللبناني هو أنظمة وظيفية بلباس سياسي طائفي، فكلا النموذجين في العراق ولبنان صممه ورعاه المحتل الأجنبي وفتح طريق الحكم للأقليات الطائفية لتستمر الهيمنة والنفوذ الأجنبي ونهب الثروات على حساب الشعوب وحرياتها.

 

لقد كشف المشهد السياسي في العراق ولبنان وسوريا واليمن أنه أينما حل رجال المشروع الصفوي الطائفي حل معه الدمار والفقر والتخلف ليس على السنة فقط وإنما أيضا على أبناء الشيعة العرب والذين أصبحوا وقودا لهذا المشروع الطائفي الوظيفي في ساحات الثورة العربية.

 

ومع هذه الثورة في العراق ولبنان واليمن قبلهما لم تعد تجدي نفعا شعارات المقاومة وتحرير القدس والموت لأمريكا التي ترفعها إيران ومليشياتها في العراق وحزبها في لبنان وحركة الحوثي في اليمن فهم اليوم يواجهون في معاقلهم السياسية والفكرية ثورة ستسقط التشيع الصفوي الذي لا يمت للتشيع العلوي بصلة على حد تعبير المفكر الشيعي علي شريعتي.

 

‏﴿مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾

من سيف الهاجري

مفكر وسياسي - الأمين العام لحزب الأمة الكويتي