سُئلْتُ عن حكم التدخين وزراعة نباته والاتجار فيه، وأقول ـ وبالله التوفيق ـ:

1ـ لقد ثبت أنّ التدخين مُضِرٌّ بالصحة، ويؤدِّي إلى أخبث الأمراض، مثل أمراض القلب وسرطان الرئة والرَّبو … وغيرها.

 

وقد رَوى غيرُ واحد مِن الصحابة؛ منهم ابنُ عباس وعُبادةُ بنُ الصامت وعائشةُ، أنّ رسول الله ﷺ قال: «لا ضرر ولا ضرار» (رواه ابنُ ماجه وأحمدُ والطبرانيُّ وغيرُهم).

 

2ـ وهذه الأمراض التي يُحْدِثها التدخين بسبب ما يحتوي عليه مِن مواد سامة، ولأجل هذا يُعدّ مِن الخبائث، وكلُّ خبيثٍ مُحرّمٌ في الشرع.

 

قال الله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157].

 

3ـ كما أنّه نوع من إلقاء النفس إلى التهلكة، وسبيلٌ إلى دمار الأنفس والأموال.

وقد قال الله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [سورة البقرة: 195].

 

4ـ والتدخين يُوهِن البَدَن، ويصيبه بالفتور والانحطاط، ويؤثِّر سَلْبا على عمل عددٍ من أجهزة الجسم، وهذا مما نهى عنه رسول الله ﷺ.

 

عن أمِّ سلمة قالت: «نَهى رسولُ الله ﷺ عن كُلِّ مُسْكِرٍ ومُفَتِّر»(رواه أبو داود). والمفتر: هو ما يَحدُث به الفتورُ في الأعضاء والانكسارُ.

 

5ـ وإضافةً إلى ما سبق: فإنّ التدخين إنفاقٌ للمال في غير موضعه، وهذا مما لا يرضاه لنا ربُّ العالمين.

 

عن أبي هريرة أنّ النبي ﷺ قال: «إن الله يرضى لكم ثلاثا، ويكره لكم ثلاثا، فيرضى لكم: أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا.

 

ويكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» (رواه مسلم).

 

6ـ وإنفاق المال على التدخين ينطوي على مجافاة الحكمة والعقل والمنطق، فهو كمن يمسك مالًا ويحرقه بيده، بل ربما كان إحراق المال مجردًا أقلَّ ضررًا مِن أنْ يشتريَ به المرءُ الدخانَ ثم يتعاطاه؛ لأنّ الأخير إحراق للمال مع إتلافٍ للصحة وإضرار بالبيئة !!

 

وهو بهذا يدخل تحت عموم النهي عن التبذير، الواردِ في قوله تعالى: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا } [الإسراء: 26، 27].

 

7ـ ثم إنّ الدخان يلوِّث الهواء، فهو ضارٌّ بالبيئة، وهذا مما يدخل تحت عموم النهي عن الإفساد في الأرض، الواردِ في قول الله تعالى: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 85].

 

8ـ وختاما: فإنّ التدخين بما يُحْدثه مِن إضرارٍ بالصحة، وإيذاءٍ للحياة والأحياء، وإتلافٍ للأموال؛ يفوِّت ويُعطِّل مصالح ضروريةً للناس اتفقتْ جميعُ الشرائعِ الإلهيةِ على رعايتها وصيانتِها، ومنها حفظ الأنفس والأموال.

 

وعلى هذا فإنّ الذي تطمئنّ إليه النفس: أنّ التدخين حرام شرعا.

 

كما أنّ زراعةَ النبات الذي يُستَخرج منه الدخان ويُصنَّع، والاتجارَ فيه أو الترويجَ له يحرم شرعا.

من د. إسماعيل علي

أستاذ الدعوة والأديان جامعة الأزهر