في مارس 2005 كانت وفاة عميد اللغة العربية؛ الأديب واللغوي الكبير الدكتور شوقي ضيف رحمه الله، عن عمر ناهز الـ 95 عاما… ويومها كتبت هذه الأبيات… ثم فقدتها مع فقده بعد ذلك… ولكني وجدتها منذ قليل:

 

غيّب القبرُ عميدَ العُربِ والأدَبِ

فارس الضاد والتأليف والخُطَبِ

ناسك في محرابه قضى مِـن

عمره قرب قرنٍ… فلم يشـبِ

فيا قبر مالي أراك توراي من

بأمثالهم تعطّر البقاعُ… أو تَطِبِ

فارس لولا الشريعة بالدفن أتت

لكان مكانه بين أعالي الشُهُـبِ

يظل يطوي الليالي في مجمعه

من غير شكوى تُذاع ولا نصبِ

تنقيحٌ للعويصاتِ من لغتـي

تحقيقٌ للتراث، تأليـفٌ من الكتبِ

فهو بين الأئمة نار على علم

وهو بينـهم كالخليل أو قُطْرُبِ

فموت مثله معدود من البلوى

وموته إحدى الدواهي أو الكُرَبِ

فكم من أُحْجِيةٍ جاء بحلّـها

وكم فضّ بكارةَ مستورةِ الحُجُبِ

وكم تلعثم الناس في معيضلة

فشقّ لها طريقا منيرا بلا رَهَبِ

وكم تحاور القوم في مجامعهم

فقطعوا الحوار من ظلامِ غَيْهَبِ

فلما جاء الصباح أتى بـها

فارس الميدان والكل في سَغِبِ

فيصدر القوم عن ذاك الخوان

ملأى العقول،،، والعلم يَنْسَكِبِ

يظل يُبينُ ما اختلفت مداركهم

بحُسن بيانٍ ونصٍ غيرِ مقتضَبِ

ومن حلّ يوما على ساحِـه

فمن حسن الريّ… لابـد أن يَثِبِ

يا ابن دمياط لما ولدت يومها

كانت بلادي تعيش في تعـبِ

يظل المحتلّ يجني تمرها

ويبيت قومي جوعى فلا عجبِ

ويظل العدو يسرق علومها

ويبيت قومي جُهالا… فلا ثَـرَبِ

وجئت تسعى للعلوم تغترفِ

وتحمّلت شديد العناء والنَّصَبِ

لكن كعب الأصالة والتقى

لابد محفوظ من الضياع والعَـطَبِ

فوصلت ليلك بالنهار تطلعِ

ومن حاول مرارا… لابد أن يُصِبِ

حتى حللت بين أقرانك كلهم

في أعلى الدرجـات والرُّتَـبِ

وحملت زمام اللغة في بلدي

وكنت لها أمينا غيـر مُسْتَلَـبِ

فالله يجزيك عنا وعن لغتي

خير ما جزى الصالحين من نُجُبِ