التغذية السليمة للأطفال

الأمة | لم يعد التلوث وحده السبب الأساسي في إضعاف صحة أطفالنا وجهازهم المناعي، بل أصبح ينافسه بقوة الڤيروسات العابرة للقارات كورونا بكل متحوراتها، وأدوار البرد والحساسية التي تزداد في فترات الانتقال بين الفصول، فتتغير وتتبدل صحة الأبناء، ويكونون في أشد الاحتياج إلى تقوية جهازهم المناعي.

فكيف نرفع مناعة أطفالنا ونقويها من الصغر؟ وما الأطعمة المناسبة لمناعتهم وصحتهم؟ وكيف نحميهم من الأمراض والفيروسات؟ تساؤلات وجهناها إلى المختصين.

الدكتور عبد الهادي مصباح أستاذ المناعة والميكروبيولوچي يقول: إن أطفالنا بحاجة إلى تقوية المناعة، خصوصا مع انتشار الفيروسات، ومنها فيروس كوفيد 19، حيث إن النظام المناعي بالجسم يساعد على محاربة الأمراض ومنع التعرض إلى البكتيريا والفيروسات، والكثير من الأطفال يكونون أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد والأنفلونزا.

ويعد الغذاء الصحي من طرق رفع المناعة لدى الطفل بشكل كبير، ولذا يجب أن نقدم إلى الطفل الأطعمة المهمة كافة التي تعزز الجهاز المناعي، ومنها الفواكه والخضروات والأسماك واللحوم والبقوليات والحبوب الكاملة، والتي تحتوي على المغذيات المهمة لتقوية المناعة والتقليل من فرصة الإصابة بنزلات البرد والأنفلونزا والأمراض الأخرى، وممارسة الرياضة التي تؤدي إلى تفعيل عمل الهرمونات داخل الجسم، وتتفاعل مع الجهاز المناعي، مما يساعد على الوقاية من الإصابة بالأمراض المختلفة التي من الممكن أن يتعرض لها الطفل.

بينما ترى الدكتورة نجلاء صلاح استشاري طب الأطفال والتخاطب بجامعة عين شمس أن تعرض أطفالنا للشمس يرفع مناعتهم، فالأشعة فوق البنفسجية تساعد على تحفيز الجسم على إنتاج فيتامين د، والذي يساعد على تقوية المناعة وخصوصا عند الأطفال ذوي الهمم.

كما ننصح باستخدام حليب الأطفال المدعم بالحديد منذ الولادة وحتى عمر أربع سنوات على الأقل. فاستخدام الحليب الخالي من الحديد عند الأطفال الأقل من ستة أشهر له مضار على المدى الطويل. ولابد من إعطاء الطفل في مرحلة ما بين سنة إلى أربع سنوات حليبا يحتوي على معدل عال من الحديد، ولا ننسى أيضا أن الالتزام بإعطاء الطعوم الفيروسية والبكتيرية هو من أهم طرق الوقاية من الأمراض في هذا العمر.

ويمكننا زيادة مناعة الأطفال في مقاومة الأمراض بعدة خطوات يجب اتباعها وتطبيقها في آنٍ وهي:

يجب على الأم تقديم الكثير من الخضروات والفاكهة في طعام طفلها، لأن هذه الأطعمة تحتوي على نسبة عالية من الفيتامينات والأملاح المعدنية اللازمة لتكوين المناعة الطبيعية، وتقوم الفيتامينات بدور مهم في قيام جهاز المناعة بوظيفته على الوجه الأكمل·

ولقد لوحظ أن نقص فيتامين (أ) ينتج منه ضمور في الغدة «الثيموسية»، ويصاحب ذلك قصور في وظائف الخلايا المناعية، كما أن بقية الفيتامينات مثل: (ج)، (ب2)، (ب21)، وحمض الفوليك، كلها تؤثر سلبيا على نشاط الجهاز المناعي عندما تنخفض كميتها بالجسم، كما أن نقص الأملاح المعدنية مثل الحديد والنحاس والزنك يقلل من نشاط جهاز المناعة·

ولقد وجد أن أكثر المواد الغذائية تأثيرا على المناعة هي المواد الدهنية، فمثلا ارتفاع نسبة الكوليسترول يعمل على إضعاف جهاز المناعة، وعلى ذلك فإن الإقلال من المواد الدهنية والإكثار من الخضروات والفاكهة التي تحتوي على الفيتامينات والأملاح المعدنية يوفران ظروفا مناسبة لأداء الجهاز المناعي لدوره بكفاءة عالية·

ويؤكد الدكتور حازم مصطفى استشاري طب الأطفال أن الاهتمام بالنظافة الشخصية والابتعاد عن مصادر العدوى خصوصا في مثل هذه الفترة التي يمر بها العالم أمر مهم لتقليل الضغط على الجهاز المناعي للطفل· ويعتمد ذلك على تعليم وتعويد الطفل اتباع العادات الصحية السليمة، ومراعاة قواعد النظافة العامة والصحة العامة مثل: غسل الأيدي قبل الأكل وبعد قضاء الحاجة، وبعد اللعب، وتغطية الفم والأنف عند السعال، والتخلص من إفرازات الفم والأنف في المناديل الورقية، وعدم الاستخدام المشترك للأدوات الشخصية.

إضافة إلى الابتعاد عن الأماكن المزدحمة والاهتمام بتهوية غرف المنزل، وتجنب الاختلاط بالمرضى، واستشارة الطبيب دوريا أو عند ظهور أي عرض مرضي·

وأكد ضرورة النوم الهادئ والمريح للطفل· فخلايا الجسم تتجدد أثناء النوم، كما أن معدل هرمون النمو الذي يساعد على تكوين البروتين الخاص ببناء الأنسجة يزيد أثناء الليل، كما يقل معدل الهرمون الذي يسبب هدم الخلايا وتحللها، كما ثبت علميا أن النوم العميق له تأثير إيجابي على الصحة العامة·

كذلك فالتغيير في عدد ساعات النوم يجعل الطفل أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، وعلى الأم أن تعلم أن الطفل حديث الولادة يحتاج إلى 18 ساعة على الأقل من النوم الهادئ، ويبدأ تدريجيا في تقليل ساعات نومه، ففي السن الأكبر قليلا يحتاج من 12 إلى 13 ساعة، وفي سن ما قبل المدرسة يحتاج إلى 10 ساعات فقط· كما أن دخان السجائر الذي قد يستنشقه أطفالنا يحتوي على مواد يمكن أن تقتل خلايا الجهاز المناعي، ومادة (النيكوتين) لها تأثير مدمر على خلايا الجهاز المناعي، فهو يثبطه ويجعله مهيأً للإصابة بالأمراض المناعية المختلفة مثل: (مرض السكر).

مع الالتزام بالرضاعة الطبيعية لأطول مدة ممكنة·

فقد جعل الله في لبن الأم آيات كثيرة، فهو يحتوي على كل العناصر الغذائية اللازمة لنمو الطفل من بروتينات ودهون وفيتامينات وأملاح معدنية وغيرها، والتي لا تتوافر بالمعدلات نفسها في أي لبن صناعي·

فهو يلبي حاجات الطفل حسب عمره وحجمه· كما أنه يرفع نسبة الذكاء عندهم، ويوجد به بعض الهرمونات التي تساعد على تنمية الشعور بالارتباط بين الرضيع وأمه، وهرمونات تحمي من التخلف العقلي· كما أن لبن السرسوب أو لبن المسمار، الذي يفرز بعد الولادة مباشرة يحتوي على (3) ملايين كرة من كرات الدم البيضاء في المللميتر الواحد، وهذه هي الخلايا المتخصصة في حماية الجسم من الميكروبات، كما يحتوي على تركيز عال من الخلايا الالتهامية المناعية وهي من أهم أنواع الخلايا المناعية، ولقد وجد العلماء أن هذه الأجسام المناعية التي يحتويها هذا السائل العجيب تحمي الطفل حتى سن سنتين.