ــ الصين تشرعن جرائمها من مواقف العالم الإسلامي والعربي

ــ الدول العربية باعت قضية تركستان الشرقية باتفاقيات تجارية مع الصين

ــ الحزب الشيوعي يحظر على الدول الإسلامية والعربية تقديم إغاثات لنا

ــ المخابرات الصينية عزلت تركستان الشرقية تمامًا عن العالم الخارجي

الأمةـ خاص| سيطرت الصين بقيادة الحزب الشيوعي على إقليم تركستان الشرقية منذ 1949، بعد إسقاط جمهورية تركستان الشرقية باتفاقياتها مع الاتحاد السوفياتي، وهو موطن مسمى، أتراك الأويغور التركية المسلمة، وتطلق عليه اسم «شينجيانغ»، أي «الحدود الجديدة».

وترتكب السلطات الصينية، أبشع الجرائم الإنسانية بحق المسلمين في البلاد، وسط مرأى ومسمع العالم أجمع، إذ تُشير إحصاءات رسمية إلى وجود 30 مليون مسلم داخل الصين، 23 مليونا منهم من الأويغور.

ومؤخرًا، عقدت دولًا عربية اتفاقيات شراكة مع الصين، في تأييد واضح لما تنتهجه سلطات بكين بحق المسلمين في الأويغور، وهو ما أكدته الخارجية الصينية.

وحول ما يعانيه المسلمين في الصين وسط صمت «مُخزي» من العالم العربي والإسلامي والمجتمع الدولي، أجرت «الأمة» حوارًا مع الباحث في حقوق الإنسان والعلاقات العربية الصينية، محمدأمين الأويغور. وفيما يلي نص الحوار:

   

إلى متى تستمر جرائم الصين ضد مسلمي الأويغور في تركستان الشرقية؟

○○ بصعود الرئيس الصيني الحالي شي جينبيغ، أعلنت السلطات الصينية سياسات عديدة نحو تركستان الشرقية، من أهمها «تصيين الإسلام» أو صيننة الإسلام، بصياغة الأصول الأساسية للإسلام وفق المبادئ الشيوعية الصينية. وبدأت السلطات بإجراءاتها بأشد القسوة منذ 2014؛ فنتيجة لذلك بدأت بتأسيس إنشاءات «معسكرات الاعتقال للتأهيل السياسي»، لغسل أدمغة المسلمين الملايين، بالإضافة إلى نزع الأطفال من أسرهم إلى معسكرات الأطفال لتربيتهم على الشيوعية والإلحاد.

باعتقادي أنا هذه الأزمة هي أزمة الهوية الإسلامية للمنطقة، كما هناك تصريحات عديدة من المسؤوليين الصينيين بـ«أن تغير المنطقة إلى صينية قلبا وقالبا..»، يقصد بها تغيير الديموغرافيا السكانية باستيطان الصينيين، وتحويل الإسلام إلى الشيوعية ومحوها من الجزور. ولا تنتهي هذه المظالم والجرائم حتى يفيق العالم العربي والإسلامي من سكرهما بالوعود الصينية، وأن يقوما بواجبهما، كشعوب وحكومات؛ لأن الصين تأخذ مشروعية هذه الجرائم الوحشية من مواقف العالم الإسلامي والعربي، وتبرر نفسها في المحافل الدولية بهذه المواقف المخجلة.

كيف ترى موقف الأنظمة العربية خاصة بعد الاتفاقيات والشراكات التي وقعتها دول مجلس التعاون الخليجي مع بكين وتأييدهما لسياسات الصين ضد مسلمي الأويغور؟

○○  كانت الدول العربية تنظر إلينا كجزء أساسي من العالم الإسلامي، وتذكر بلدنا باسمها الحقيقي تركستان الشرقية بدل (شينجيانغ بالصينية) قبل دخول الصين في منظمة التجارة العالمية (WTO) عام 2001، ومن هذا التاريخ بدأت تتحول هذه الدول بكل الوجوه؛ حيث تتجه إلى الصين كشريك استراتيجي، وبدت واحدة تلو أخرى من هذه الدول العربية تبرم الاتفاقية الثنائية مع الصين، تتبلور هذه العلاقات العشيقة بإعلان الصين مشروع «طريق واحد وحزام واحد»، وخاصة توقيع الدول الخليجية على الوثيقة الصينية العربية 2016 ببنود عشر، فأصبحت قضية تركستان الشرقية ثمنًا مقابل ما تقدمه الصين إليها.

كما جاءت تصريحات الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، نايف فلاح الحجرف بدعم الدول الخليجية لسياسات الصين على خلفية توصل الصين ومجلس التعاون الخليجي إلى اتفاق على إقامة شراكة استراتيجية واستكمال المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة في أسرع وقت ممكن، وعقد جلسة حوار استراتيجي بين الصين ودول مجلس التعاون وتبني خطة عمل لـ2022-2025 بغية «الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى جديد»، حسب وانغ يي؛ حيث إن الدول العربية وخاصة مجلس التعاون الخليجي تدعم سياسات الصين تجاه مسلمي الأويغور في تركستان الشقية (شينجيانغ).

أعتبر أنا والمتخصصون الاستراتيجيون أن هذه التصريحات بهذا الشكل عار للمسلمين العرب، وبالنسبة للأنظمة العربية هي أكبر مشينة سياسية للعالم الإسلامي والدول العربية بالخصوص، لم ير مثلها عبر التاريخ الإسلامي.

تقدمت الدول العربية إلى بيع قضية مسلمي تركستان الشرقية وغمض عيونهم عن الإبادة الجماعية مقابل تلك الاتفاقيات التجارية، رغم أنها زجت مواقع التواصل الاجتماعية وقنوات الأخبار بانتقادات شديدة لاذعة نحوها، صدور الفتواى الخاصة فيها.

حسب وكالة «أسوشيتد برس»، فإن وزراء خارجية دول الخليج والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، نايف فلاح الحجرف، أعربوا عن دعمهم بقوة لـ«مواقف الصين المشروعة بشأن القضايا المتعلقة بتايوان وتركستان الشرقية/ شينجيانغ (منطقة ذاتية الحكم يقطنها الأويغور) وحقوق الإنسان». بالإضافة إلى أن هؤلا أعربوا عن معارضتهم للتدخل في شؤون الصين الداخلية ومحاولات تسيير الرياضة، وأكدوا دعمهم لاستضافة الصين الألعاب الشتوية القادمة التي تنطلق في بكين في الرابع من فبراير، والتي قاطعتها الكثيرة من الدول الكبرى دبلوماسيا حول العالم، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الإبادة الجماعية في إقليم تركساتان الشرقية (شينجانغ).

هل تقدم المنظمات الإسلامية الدولية دعمًا للقضية وماذا عن موقف الأزهر الشريف؟

○○ يا للأسف الشديد لم تكن هناك أية أنشطة إغاثية من الدول الإسلامية أو العربية، لا من داخل ولا من خارج؛ لكون الحزب الشيوعي لا يسمح لأية أنشطة اجتماعية كجماعة أو تأسيس منظمة تلعب دورا في الحركات الإغاثية والتبرع. ولأن تركستان الشرقية مغلقة تمامًا من حيث الحدود أو التواصل الاجتماعي بالخارج؛ فمثلا أنا كطالب انقطعت التواصل مع أسرتي منذ 2017. ووسائل التواصل كلها محذورة إلا البرامج المرتبطة بالمخابرات الصينية التي تصد التواصل من الخارج. 

وبالإضافة إلى أن السلطات الصينية لا ولم تسمح لأي منظمة أو صحفي لزيارة الإقليم بإرادتهم، وهذا تسبب لانتقادات كثيرة ولوم، ولكنها تتجاهل ولا تبال بها.

وأما موقف الأزهر الشريف بالنسبة لنا كتركستانيين، أصبحت كإحدى مؤسسات الصين، حيث ترسل إلى الصين من يعمل لصالح الصين تحت الرقابة الحديدية من جهتها لتجميل صورتها في العالم العربي، وهناك قليل نادر جاء بعد 2012 إلى مصر ليدرس بمصر والأزهر إلا أن السلطات المصرية بمشاركة من الجهاز الأمني الصيني اعتقلوهم في ليلة 5 يوليو من عام 2017، ثم سلموهم -24 طالبا وطالبة- إلى الصين، وقتلت السلطات الصينية فتاة وشابين منهم بالتعذيب الوحشي في المعسكرات الاعتقالية. ولم نسمع أي تصريح من الأزهر تجاه هذه الجريمة، سواء تنتقد مصر أو الصين بهذه الأفاعيل.

○هل لديكم إحصائيات عن أبشع الجرائم التي تُرتكب بحق مسلمي الأويغور؟

 ○○ في حين يتحدث العالم عن انتهاكات حقوق الإنسان ضد مسلمي الأويغور والجرائم التي ترتكبها الصين ضد الإنسانية، والتي تستهدف من خلالها محو الإسلام والمسلمين في المنطقة. إذ تأتي معسكرات الاعتقال والسجون بلا محكمة عدلية لملايين الناس. فحسب التقارير الدولية

لمنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش: ثلاثة ملايين مسلم متواجدين في المعسكرات الصينية. قد يتم إلقاء التركستانيين في هذه المعسكرات والسجون وإعدامهم والحكم عليهم بالسجن مدى الحياة، ووضعهم في معسكرات حيث يخرجون منها متوفين.

ثم تأتي معسكرات الأطفال الأويغور، التي تجمع أكثر من 800 ألف طفل أويغوري محتجزون فيها، يلقون التعاليم الكونفشية والشيوعية ومدائح لكبار الحزب الشيوعي. بتبرير أن هذه المعسكرات تجمع أطفالا لا أبا لهم ولا أما؛ وهنا يأتي سؤال بأن أين أبواهم؟، والجواب واضح بأنهم في السجون والمعتقلات. بالتأكيد إن الصين تحاول القضاء على الجيل من خلال أخذ الأطفال إلى معسكرات أخرى لتصيينهم.

قد تكون انتهاكات حقوق النساء الأويغوريات من أسوأها في العالم؛ حيث يجبرن على عملية «نزع الرحم» ووضع اللولب لمنع الحمل وتناول الأدوية الكيمياوية للعقم، مما تضرر أكثر من 500 ألف أويغورية من هذه العملية. فقانون منع الولادة من القوانين الأساسية للدولة، إذا هرب أحد منه يتهم بالإرهاب وعاقبته السجن مباشرة. وقد كُشف عن عمليات تعقيم النساء القسرية الهائلة داخل المخيمات وخارجها، ووسائل منع الحمل القسرية، فرضت على المنظمات غير الحكومية والباحثين والناشطين الاعتراف بجريمة إبادة جماعية، على أساس اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948، التي تُعرِّف الإبادة الجماعية على أنها جريمة تُرتكب «بقصد تدمير مجموعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية كليا أو جزئيًا».

كذلك هدم المساجد واقع رهيب جدا في الإقليم؛ إذ يثبت التقارير أنه تم هدم 16 ألف مسجد وجامع من إجمالي 24 ألف مسجد وجامع، أو تحويلها إلى ملهى ومراكز الثقافة التي تجمع السكان لتلقى التعاليم الشيوعية. نتيجة لتلك الضغوط تمارس الصين هناك سياسة استيعاب ومحاولة تدمير كلهم من تلك الأراضي.

كيف ترى عزم السلطات السعودية ترحيل إثنين من الأويغور إلى السلطات الصينية كانا قد ذهبا إلى المملكة العام الماضي لأداء العمرة؟

  ○○ هذه أزمات إنسانية أخرى تتأتى لمسلمي الأويغور في المنفى من الدول العربية مثل السعودية التي تزعم أنها تقود الدول الإسلامية؛ حيث أصبحت الصين يصطادهم واحدا واحدا عبر هذه الدول. وهذا كأن الدول العربية أصبحت كإحدى ولايات الصين تستعملها لتكميم أفواه التركستانيين بحديث جرائيمها. على سبيل المثال، في الآونة الأخيرة، توترات نفسية وقلق بالغ أرهبت جميع التركستانيين منذ انتشار خبر الاحتجاز لشخصين أويغوريين حمد الله ولي ونورمحمد روزي، وقد ذهبا إلى المملكة السعودية العام الماضي لأداء العمرة؛ حيث أعلنت جهة الأمن السعودية بتسليمهما إلى الصين دون أي تبرير أو محاكمة.

تستخدم الصين في هذا الشأن كل الوسائل التي تمتلكها، كاستغلالها الشراكة الاقتصادية في طريق الحرير والتبادلات الثنائية بين الطرفين مقابل مجاملة الدول العربية أمامها دون نظرة في خطورة عواقبهم والأزمات الإنسانية التي تنتظرها المرحلون التركستانيون، من قتل واختفاء قسري وتعذيب وحشي وسجون بلا نهاية.

هل توجد تطورات في أزمة الأويغوري إدريس حسن الذي يعتزم المغرب ترحيله أيضًا إلى الصين؟

 ○○ الحالة نفسها للأخ الأويغوري إدريس حسن الموقوف في المغرب منذ ستة أشهر، والمهدد بإعادة قسرية إلى الصين. وفي الآونة الأخيرة، قد تلقينا خبرا بأن صدر القرار 3/1799 بتاريخ 2021/12/15، بواسطة محكمة النقض؛ بناء على الطلب الرسمي من طرف السلطات القضائية الصينية الرامي إلى تسليمها إياه إدريس حسن AISHAN YIDIRESI، حسب مذكرات مزعومة في حقه رفعت إلى قائمة النشرة الحمراء للشرطة الدولية İnterpol من قبل السلطات الصينية. على الرغم أنه شطب اسمه من هذه القائمة الحمراء عام 2019 نظرا في برائته التامة مما اتهمت به الجهة الصينية.

وقد أصدر العلماء والمؤسسات الكثير من الفتاوى الخاصة بحرمة تسليم مسلم أويغوري إلى الصين، ونظمت احتجاجات على الصعيد الدولي، ونوقشت المسألة سياسيا ودينيا، والدول العربية على علم تام بهذه الأزمة الإنسانية وقبلها الإسلامية. وقد أقدمت الأنظمة العربية إلى مواصلة السكوت لتلك الجرائم، بل تصفيقها على الجرائم الإنسانية والإبادة الجماعية مجاملةً ذليلة مقابل المصالح التي تعرضها الصين. رغم ذلك كله يبقى السؤال دائما من أين تأتي هذه الجرأة الشنيعة بدعم الدول العربية لسياسات الصين الفاشية والإبادة الجماعية بحق مسلمي الأويغور في تركستان الشرقية؟؟

اقرأ أيضًا: ترحيل «إدريس حسن» إلى الصين.. إعادة قسرية للتعذيب بتوقيع المغرب!