• ما هو العناد:

هو إصرار الأبناء على رأيهم وعدم طاعتهم لأوامر الوالدين أو استجابتهم لطلباتهما؛ سواء بالإقناع أو الإكراه، وقد يصاحب ذلك سلوكيات كالصراخ او التذمر وإساءة التصرف.

 

وقد يكون هذا السلوك بدون سبب واضح وقد لا يكون عناداً وإنما رغبة في الاستقلال أو وسيلة للفت النظر إليه.

 

والعناد من الاضطرابات السلوكية التي لا ترتبط بمرحلة عمرية معينة، فقد تكون لفترة محدودة كالطفولة أو المراهقة مثلاً، أو تستمر كنمط ثابت في شخصية الأبناء حتى الأشخاص الراشدين، خاصة إذا كانت وراثية.

 

وهو شيء طبيعي بنسبة كبيرة في مرحلة النمو النفسي، ويساعد الأبناء على الاستقرار واكتشاف النفس وقدراتها أو إمكانياتها في التعامل مع الواقع والتأثير فيه، فليس شيئاً مرضياً بالضرورة.

 

  • أسباب العناد:

 

لابد أولاً أن نعرف ما هي الأسباب التي غالبا ما تنشئ العناد في نفوس أبنائنا وتزيده وتغذيه، مما يسهل معرفة العلاج بتقليل هذه الأسباب، وهي باختصار:

 

▪︎ عدم تقويم سلوكيات أبنائنا وترقيق قلوبهم صغاراً بالمعاني الدينية والقرآنية كبر الوالدين والخلق الحسن والصحبة الصالحة وغيرها فلها أبلغ الاثر في حبهما وطاعتهما.

 

▪︎الأبناء يمتلكون نفس السمات العقلية كالكبار منذ ولادتهم، لكنهم يفتقرون إلى الخبرة حول طرق الفهم والتفكير وكيفية التصرف والتعامل، وهو ما يكتسبونه من الآباء، وتضعف هذه العملية مع انشغال الآباء الدائم، فيستعيض الأبناء عنها بما يكتسبونه من الروضة أو المدرسة، وهذا فضلاً عن أنه ليس كافيا إلا أنهم يكتسبون معها سلوكيات قد لا يتقبلها الوالدان مما يتسبب في حالة من الصدام معهما قد تتطور إلى عدم تقبل الابن لإملاءاتهما وأوامرهما، مما يترجم إلى العناد.

 

▪︎الإفراط في التدليل وتلبية كل طلبات الأبناء، وأسوأها فيما استجد في مجال التربية هو ترك الموبايلات والإنترنت وأجهزة الألعاب ونحوها في أيديهم، فهي تورث الكثير من الأمراض النفسية والسلوكية الخطيرة أشدها الاكتئاب وأقلها العناد.

 

▪︎ اتخاذنا كآباء لقرارات أو طلبات غير مناسبة للواقع أحياناً والإصرار عليها، مثل الإصرار على ارتداء ملابس معينة قد تكون مزعجة لهم أو غير مناسبة للطقس أو البدء بمذاكرة مادة معينة قبل غيرها أو نحو ذلك.

 

▪︎ السيطرة الأبوية المرضية وكثرة الأوامر والتدخل في كل كبيرة وصغيرة من حياتهم وكذلك عدم تلبية طلباتهم بشكل دائم، مع ملاحظة رغبة أبنائنا في الاعتماد على أنفسهم وتحقيق استقلالية حياتهم.

 

وهناك أسباب أخرى وبطبيعة الحال فقد توجد متفرقة او مجتمعة وعلينا معرفة ماهو الاغلب في تعاملنا مع أبنائنا وما هو الأنسب لطباعهم الفطرية.

 

  • علاج سلوك العناد

 

كثير من الآباء يلجئون إلى أساليب التعنيف والإيذاء البدني والمعنوي لحسم الأمور كالتوبيخ والسب والضرب، ولكن هل هذا صحيح؟! وهل يتعدل سلوك الأبناء بذلك؟ وما الواجب عمله؟

 

١- تكرار تذكيرهم بالله وأهمية بر الوالدين والبعد الديني في علاقتهم بهما.

 

 

٢- أهمية القدوة في تقبل النهي عن سلوك ما، فأبناؤنا مرآة تصرفاتنا، كما أن مخالفة سلوكياتنا لكلامنا يفقدهم الثقة فينا وبالتالي يقطع شريان الإمداد الخلقي والسلوكي والتربوي بيننا وبينهم.

 

والعناد كسلوك يقوم جزء منه على تصورات وأفكار خاصة نتيجة البيئة وتصرفات الوالدين؛ كالإساءة البدنية أو اللفظية من بعض الآباء للأمهات أمام الأبناء، مما يخلق شخصاً عدوانياً ويترجم ذلك بضرب زملائه أو أهانتهم.

 

٣- نقل الخبرة والتجارب وتوضيح عواقب الأمور وأفضل الطرق للتصرف وتذكيرهم إذا خالفوها بصواب رأي الوالدين السابق، ويقتضي ذلك توفير الآباء الكثير من الوقت والجهد للحديث مع أبنائهم وبناء علاقة صداقة متبادلة والاستماع إليهم أكثر من إلقاء التوجيهات، مما يؤهل شخصياتهم ويزيد ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على تحمل المسئولية.

 

٤- لا تجعل أبناءك يشعرون أنك عدو لهم بالصراخ أو السب والتعنيف مما يجعل الطفل أكثر عنادًا، فالإنسان مجبول على الدفاع عن نفسه ضد المهددات بشكل عام أياً كان مصدرها، كما أن ذلك يترسخ في نفوسهم دفاعياً فترة ضعفهم صغاراً، لينعكس هجومياً حين يقدرون على ذلك فترة قوتهم وضعف الآباء كباراً.

 

فلابد من شرح وجهة نظرنا بهدوء لأبنائنا وتفهم وجهة نظرهم ومن ثم الاتفاق على أنسب الحلول للمشكلة الحالية وغيرها وكسب حبهم وثقتهم وتدريبهم على كيفية اتحاذ القرارات السليمة المدرسة وتعزيز ثقتهم بأنفسهم.

 

٥- الصبر والحكمة في تقدير الموقف

فسلوك العناد هو أمر صحي في الأصل ويتسم به غالب الأطفال، والأصل هو محاولة تعديل سلوكياتهم تدريجياً، أي توجيه هذه الصفة نحو تحدٍ موضوعي رياضي أو علمي أو ثقافي أو اجتماعي.

 

وأما السلوكيات الأبوية الغاضبة خاصة إذا ترجمت إلى عنف جسدي أو معنوي لإرغام الأبناء على تقبل قواعدنا وقوانينا؛ فقد تزيد الأمور سوءً لأنها صفة حادة تعمل في نفس اتجاه العناد، كما أنها قد تعزز الخوف المرضي من الأبوين فحسب، مما يقلل أو يعدم استفادتهم، وهو ما يخلق شخصيات ضعيفة وجبانة، أو متمردة.

 

فمن الممكن أن نتجاوز عدم طاعتهم مرات كثيرة لا بأس بذلك، فالموضوع ليس مسألة كرامة شخصية، خاصة إذا قام الطفل بإحراج والديه أمام الآخرين، وانما نحن أمام مشروع بناء إنسان سوي من لحمنا ودمنا.

 

فيجب التحلي بالصبر والهدوء و محاولة التحدث للأبناء ومعرفة سبب عنادهم وإن كانت استجابتهم بعد النقاش سيئة فيمكن عندئذ اللجوء للعقاب في إطار معين.

 

٦- المرونة وعدم الإكثار من الأوامر للأبناء أو إرغامهم على الطاعة، ومحاولة احتوائهم بالحب والحنان.

 

٧- التدرج في منع الأجهزة الحديثة والألعاب والإنترنت مهما كان ذلك صعباً ويسبب من إشكالات فهي أس البلاء، وملء الفراغ مكانها بأنشطة بدنية وترفيهية واجتماعية ورياضية وثقافية، بمعنى أصح لابد من إرهاق ذهني وبدني نافع ومفيد للأبناء ومعوض عن تلك الأجهزة.

 

٨- استخدام العقل والعاطفة كمداخل أساسية لنفوس الأبناء.

 

فاستخدام النقاش للوصول لعقولهم والحوار مع أحدهم كإنسان كبير وإشعاره بأهميته ككيان له احترامه، وتوضيح النتائج السلبية لعناده ضد مصلحته.

 

واستثارة عاطفة الحب في قلوبهم لوالديهم، وتذكيرهم بحبهم لهم وما يسببه عنادهم من ألم في قلوبهم.

 

٩- في حالة عدم فائدة العقل والعاطفة، يجب عقابهم بالحرمان من شىء محبب بعد السلوك السيئ مباشرة، ويمكن ان يكون العقاب الذي ننص عليه هو حرمانهم من التقدير الذي منحناهم إياه بالحوار والنقاش لأنهم لم يعودوا يستحقونه (لفترة على الأقل)، فضلاً عن حرمانهم من الخروج أو المصروف أو الزيارات العائلية أو اللعب بلعبهم أو مع أصدقائهم ونحوها مع عدم المبالغة في العقاب.

 

١٠- يجب على الآباء تعليم أبنائهم الأخذ والعطاء أو بعبارة أخرى؛ التبادل كمشاركة الألعاب مع أصدقائهم منذ الصغر، أو معاونة الأم في شؤون المنزل وغيرها من الأمور التي تساعد على نبذ الأنانية و تعزز خلق الكرم والعطاء.

 

١١- احترام أبنائنا يعلمهم الاحترام ولا يعني كونهم صغاراً أنهم لا يستحقون الاحترام، ولكن ذلك لا يتنافى مع وجوب الحزم في بعض المواقف:

 

> وذلك بمراعاة نفسياتهم ومكافئتهم على التصرفات والسلوكيات القويمة والإيجابية، وأقلها وربما أهمها كذلك المدح فهو من أكثر ما يعززها.

 

> عدم مقارنتهم بإخوتهم أو بغيرهم فهذا ينمي الحقد ولا يعالج العناد.

 

> عدم ذكرهم بسوء أو وصفهم بالعناد أمام أحد

 

١٢- أهمية إيجاد البدائل التي تؤدي الغرض المطلوب في موقف معين، وذلك للتحايل على الصدام الناتج عن رفضهم، والذي ينتهي بكسر هيبة الوالدين أو كسر نفسية الطفل نفسه.

 

[ad id=’435030′]

من د. خالد سعيد

أحد أبناء الحركة الإسلامية - مصر