د. ممدوح المنير

«تفاءل خير.. تلاقي خير» هذا عنوان أنشودة للفنان حمود الخضر، وكلماتها تدعو إلى التفاؤل وقت المحن وتذكر المسلم بالصبر والرضا.

 

هذه الأنشودة من عرفني عليها ابنتاي التوأم لينه ولين -خمس سنوات- حين كان يلحَاني عليّ فجأة وبدون مقدمات أن أسمعهما إيّاها وهما ينطقانها ببراءة الأطفال وتلعثم لسانهما وأسنانهما المتساقطة التي حان أوان تغييرها.

 

فبحثت على الساوند كلاود عن هذه الأنشودة فوجدتها وأسمعتهما إيّاها وهما يحاولان الترديد خلف حمود الخضر فلا يعيان كلمات الأغنية فيبدآن في اختراع كلماتهما الخاصة التي تتماشى مع اللحن وهما مبتهجتان وأنا متحير في علاقة طفلتين عمرهما خمس سنوات بأنشودة إيمانية تخاطب الكبار!

 

لقد فهمت أنها رسالة لي بالتفاؤل وحسن الظن بالله وربما كانت إعداد لمرحلة سأحتاج فيها إلى تجاوز محن الأيام و خطوبها بعبادة التفاؤل وحسن الظن.

 

كما فعل سيدنا يعقوب حين فقد يوسف ولم يعلم له مكانا وابيضت عيناه من الحزن ثم فقد ابنه الثاني حين بقي مع سيدنا يوسف، فقال الأب المكلوم {عسى الله أن يأتيني بهم جميعا} ثم كانت عاقبة حسن  ظنه بالله أن جاءه  قميص يوسف وعاد له بصره والتقى بإبنه بعد طول  فراق.

 

في غار حراء  يقول سيدنا أبو بكر رضي الله عنه: قلتُ للنبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الغار: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا!، فقال صلى الله عليه وسلم: (يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما) رواه البخاري

 

إنه اليقين الممزوج بحسن الظن بالله، لقد أصبح فؤاد أم موسى فارغا من الهلع على ابنها التي فقدت أثره رغم أن الله هو من أوحى إليها بإلقائه في اليم!!

 

لكن الله المحب يربط على قلبها ثم يحرم عليه المراضع ثم يجعل أخته تدلهم على أمها لكي ترضعه لكي يعود إليها حتى تقرّ عينها ولا تحزن.

 

وهكذا  تمضي قصة الحياة، الله يدبر لخلقه ويقضي فيهم قضاءه وهم مطالبون بحسن الظن به وحسن التوكل عليه.

 

فيا ابنتيا حبيبتا القلب والروح والفؤاد.. في شهر ميلادكما الخامس، أسال الله أن يديم عليكما حفظه ورعايته وأن ينبتكما نباتا حسنا وأن يصنعكما على عينه.

 

حين تتفتح أعينكما على الدنيا و تختبرون حلوها ومرها،  أجعلا نظركما دائما إلى السماء وليس إلى طين الأرض ووحلها.

 

يا مهجتا القلب  إن خير ما يورثه الأب لأبنائه هو عمله الصالح، انه الكنز المدفون الذي يحفظه الله لكما تحت جدار الحياة  الصعب (و كان أبوهما صالحا) الكهف.

 

فدعائي له  عزل و جل أن يهدينا لطاعته و يختم لنا بالصالحات فهي نعم الورث والميراث.

 

تذكرا دائما حين تكوناني قادرتين على قراءة هذا الكلمات أن لكما أبا محبا عاشقا، حبا يغار منه مجنون ليلى، لكنه حبا نبيلا جميلا لا يذهب العقل ولا يفسد الدين.

من د. ممدوح المنير

مدير ومؤسس المعهد الدولي للعلوم السياسية والاستراتيجية، خبير دولى فى مجال التنمية البشرية