د. هشام كمال
Latest posts by د. هشام كمال (see all)

مرتزقة سودانيون بالتنسيق مع حميدتي، وبمساعدة إسرائيلية

 

أكدت الجزيرة نت في 24 يوليو 2019 من خلال مصادرها الخاصة، ووثائق حصلت عليها، تجنيد ونقل الإمارات مرتزقة سودانيين عبر مطارات السودان بمساعدة حميدتي، حيث حصلت الجزيرة نت على معلومات خاصة تكشف طبيعة تجنيد حميدتي لمئات المرتزقة لصالح الإمارات من القبائل العربية في دارفور.

 

وقد استُخدمت في النقل طائرات عسكرية إماراتية من طراز C17 وC130، حيث طلبت الإمارات سماح السلطات السودانية بنقل العناصر المقاتلة من دارفور إلى عصب بإريتريا على مدار شهر يونيو 2019.

 

كذلك طلبت الإمارات تصريح نقل من الخرطوم إلى الخروبة بليبيا خلال يومي 25 و26 مايو 2019، حيث يكون مسار الرحلة بحسب الوثيقة: مطار أبو ظبي – الخرطوم بالسودان – الخروبة بليبيا – القاهرة بمصر مع مبيت ليلة هناك – مطار أبو ظبي.

 

كما تم الكشف عن نقل مرتزقة أفارقة، بما في ذلك مرتزقة من حركة تحرير السودان، ومن حركة العدل والمساواة، إلى معسكرات تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، لاسيما معسكرات بقاعدة الجفرة جنوبي ليبيا، بواسطة القيادي في الحركة جابر إسحاق، وتحت إشراف مباشر من الضباط الإماراتيين، وبتمويل من الإمارات والسعودية، وقد وصف تقرير الأمم المتحدة المعني بليبيا أن تلك المجموعات تشكل “تهديدا متناميا“.

 

الجدير بالذكر أن تقرير فريق الخبراء سالف الذكر، يعتبر أن جيش تحرير السودان قد أدى دورا أساسيا في مساعي ما يسمى “الجيش الوطني الليبي” التابع لخليفة حفتر من أجل السيطرة على “الهلال النفطي” الاستراتيجي في ليبيا، الذي يضم البلدات المرفئية الثلاث، رأس لانوف، وسدرة، والبريقة.

 

كما أُبرمت صفقة بقيمة 6 ملايين دولار بين الشركة الكندية “ديكنز آند مادسون Dickens & Madson”، التابعة لضابط الاستخبارات الإسرائيلية السابق آري بن ميناشي – اليهودي العراقي الأصل، والمولود بطهران عام 1951 – من جهة، وحميدتي – نيابة عن المجلس العسكري الانتقالي – من جهة ثانية، لتسويق المجلس العسكري الانتقالي، وتحسين صورته، وحصوله على اعتراف دبلوماسي دولي وتمويل مالي، مع نقل مرتزقة سودانيين إلى ليبيا كجزء من الصفقة.

 

(3-1-2) الدعم السياسي الإماراتي لحفتر:

 

في أبريل 2017، دعت الإمارات إلى رفع الحظر المفروض على توريد الأسلحة إلى ليبيا، لتسهيل مهمات ما وصفته بـ “حرب الجيش الوطني الليبي ضد الإرهاب”، مؤكدة على أن “الوقوف إلى جانب حفتر هو الخيار الصحيح الذي يتماشى مع هدف المجتمع الدولي في الحرب على الإرهاب “. وقد جاء ذلك خلال اجتماع جرى بين شخصية أمريكية رفيعة المستوى مع خليفة حفتر، في أبو ظبي، بوساطة الإمارات، خلال زيارة حفتر آنذاك إلى الإمارات.

 

تحدي الإمارات المستمر للحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على توريد الأسلحة إلى ليبيا منذ 2011، والذي تم تشديده منذ 2014، حيث كانت تقوم الإمارات بشحن الأسلحة إلى حليفها في ليبيا، وهو ما كان يتناقض مع تصريحات المسئولين الإماراتيين في تأييد الحراك السلمي والمصالحة الوطنية في ليبيا.

 

وقد فضحت صحيفتا نيويورك تايمز الأمريكية، والجارديان البريطانية، في نوفمبر 2015، أمر رسائل بريد إلكتروني بين مسئولين إماراتيين اعترفوا خلالها صراحة بأن حكومتهم كانت تشحن الأسلحة إلى حلفائها الليبيين، وهي السياسة التي قالوا عنها بأنها تخضع للإشراف على مستوى رئيس الدولة، وأنهم يخططون لإخفاء أمر تلك الشحنات عن فريق الرصد التابع للأمم المتحدة.

 

ومن ضمن هذه المراسلات، رسالة من الدبلوماسي الإماراتي الكبير أحمد القاسمي إلى لانا نسيبة مندوبة الإمارات لدى الأمم المتحدة، والتي قال فيها: “حقيقة الأمر هي أن الإمارات قد انتهكت قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن ليبيا، وهي تستمر في فعل ذلك”. وقال أيضا: “إن الإجابة على التساؤلات والامتثال للإجراءات المطلوبة من قبل الأمم المتحدة: “سوف “تكشف عن عمق مشاركتنا في ليبيا”، مضيفاً بأنه “يجب أن نحاول توفير غطاء لتقليل الضرر”.

 

استمرار الإمارات في تحدي الحظر الأممي وتوريد الأسلحة إلى ليبيا في هجوم حفتر على طرابلس في أبريل 2019، فقد صرحت السيدة ستيفاني ويليامز، وهي دبلوماسية أمريكية سابقة وتشغل منصب نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، لصحيفة الإندبندنت البريطانية من طرابلس يوم الإثنين 15 أبريل 2019 بأن لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة تحقق في مزاعم تفيد شحن الإمارات حمولات من الأسلحة لدعم قوات حفتر في شرق ليبيا في 12 أبريل، بالإضافة إلى مزاعم أخرى عن إرسال أسلحة إلى القوات الليبية الغربية التي يقاتلون للدفاع عن العاصمة ضد هجومه الذي بدأ يوم 4 أبريل.

 

إمالة الإمارات لمبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون لطرفها، للعمل على خدمة وتعزيز موقف حفتر في ليبيا، وهو ما عد فضيحة كبرى وقتئذ، وما زال صداها يتردد حتى الآن، حيث إن شراء ذمة مسؤول أممي كبير بهذا الحجم لم يكن بالأمر الهين من جهة، ومن جهة أخرى فإن الأمر يتعلق بنزاع في بلد نفطية كبرى مثل ليبيا، مع ما يترتب على ذلك من تداعيات عالمية كبرى.

 

لقد تسربت رسائل بريد إلكتروني بين ليون ومسؤولين إماراتيين خلال فترة عمل الأول كمبعوث أممي للسلام في ليبيا خلال عامي 2014 و2015، وظهر فيها الميل الواضح من ليون إلى الإمارات وحليفها حفتر في ليبيا، محاولا – ليون – نزع الشرعية عن حكومة الوفاق الوطني على حد تعبيره في المراسلات، حيث كان قد قبل عرضا من الإمارات بالعمل مديرا لأكاديمية الإمارات الدبلوماسية التي يترأس مجلس أمنائها وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد، والتي تعمل على تعزيز السياسة الخارجية والعلاقات الاستراتيجية لدولة الإمارات وتدريب دبلوماسييها، وذلك مقابل راتب شهري يتعدى 50 ألف دولار أمريكي وبدل سكن يتجاوز 96 ألف دولار أمريكي سنويا. وكان قبول العرض أثناء عمله كمبعوث في ليبيا، مما أثار لغطاً كبيراً واستنكاراً رسمياً من طرف حكومة الوفاق وقتئذ، حيث إن وظيفة ليون في ذلك الوقت في الإمارات تدعو إلى التشكيك في حياده بصفته “كبير صانعي السلام في الأمم المتحدة”.

 

لقد أرسل ليون رسالة عبر البريد الإلكتروني الشخصي في 31 ديسمبر 2014 (بعد استلامه مهمته كمبعوث للأمم المتحدة إلى ليبيا بخمسة شهور فقط) إلى وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد يخبره فيها أنه “بسبب السير البطيئ لمحادثات السلام في ليبيا، فإن أوروبا والولايات المتحدة كانتا تطالبان بخطة بديلة، وهي مؤتمر سلام تقليدي، وهذا من وجهة نظري خيار أسوأ من الحوار السياسي، لأنه سيعامل الطرفين كنظيرين متكافئين”. ويواصل ليون القول بأن خطته تعتمد على “كسر التحالف الخطير للغاية” بين تجار مصراتة الأثرياء والإسلاميين الذين يعملون على دعم حكومة الوفاق الوطني. وقال: إنه يريد إعادة تعزيز مجلس النواب بطبرق (الموالي لخليفة حفتر، والمدعوم من قبل الإمارات، ومصر).

 

وقال بوضوح وصراحة بأنه “لا يعمل على خطة سياسية تشمل الجميع” وأنه يعمل على استراتيجية “لنزع الشرعية بشكل كامل” عن حكومة الوفاق الوطني. واعترف بقوله: “كل خطواتي واقتراحاتي تمت بمشورة مع – وفي حالات كثيرة بتصميم من – مجلس النواب وعارف نايض ومحمود جبريل (رئيس الوزراء الليبي السابق الذي كان يتخذ من الإمارات مقرا له).

 

وقال أيضا: “لقد نصحت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي للعمل معك أنت”.

 

لقد تورطت شركات تتخذ من الإمارات مقراً لها في انتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، بما في ذلك شركة Adcom، التي سبق الحديث عنها بتوريد طائرات بدون طيار لليبيا، وشركة Morrison Commodities، والتي قد تورطت مع شركة سعودية تدعى “الشركة السعودية الدولية للخدمات العسكرية المحدودة”، والتي شارك في تأسيسها وكان يرأس مجلس إدارتها الأمير منصور بن ناصر بن عبد العزيز آل سعود الذي كان مستشاراً بدرجة وزير للملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ويشغل حالياً منصب سفير المملكة العربية السعودية لدى سويسرا منذ 10 فبراير 2019، في خرق الحظر. وقد حثت الولايات المتحدة دولة الإمارات على اتخاذ تدابير فورية لوقف عمليات نقل أسلحة من هذا القبيل، حسبما تم تسريبه من رسائل بريد إلكتروني رسمية بين السفارة الأمريكية ومسؤولين إماراتيين في 2015.

 

(4-1-2) دعم أيديولوجي لمعسكر خليفة حفتر:

 

دعمت الإمارات عدداً من الرموز الليبية ذات التوجه المعادي للإسلاميين، والذين تحالفوا مع خليفة حفتر، من أمثال عارف نايض، الذي شغل منصب سفير ليبيا لدى الإمارات، وهو صاحب توجه صوفي معادي بشدة للإسلاميين في ليبيا، وهو يصف الإخوان المسلمين بالفاشيين.

 

وأيضا رجل الأعمال واسع الثراء والنفوذ حسن طاطاناكي، الذي يمتلك قناة “ليبيا الآن” ذات النفس المعادي بشدة للإسلاميين، والذي يرى ضرورة فصل الدين عن السياسة، وقال قبل ذلك بأنه يرغب في رؤية الإسلاميين كخارجين عن القانون مثلما حدث في مصر.

 

لطاطانكاي مكتب في الإمارات، وتدعمه الإمارات بشدة، وهو يصف نفسه بأنه شريك لحفتر، وتجدر الإشارة إلى أنه كان يعمل مع سيف الإسلام القذافي قبل 2011. وقد صرح في 2014 لجريدة فاينانشيال تايمز بقوله: “هذه حرب ضد المتطرفين الذين يحاولون السيطرة على ليبيا واستخدامها كنقطة انطلاق لتوسعهم في أماكن أخرى”.

 

طاطاناكي مؤمن بشدة بأهمية الحرب الإعلامية، وهو يستغلها – بدعم كبير من قبل الإمارات – بشكل هائل يصفه كأنه مماثل للجانب العسكري، وبأنه يمكن من خلاله تغيير دفة تفكير وآراء الأشخاص بشكل كبير وسريع. ويؤكد على أن الدعاية على مدار عقود من حقبة القذافي قد جعلت الليبيين يرون الإخوان المسلمين وأي جماعة إسلامية على أنها ليست من نسيج المجتمع وليست حركات سياسية أو اجتماعية، بل يرونها حركات إرهابية بالفعل، وهو ما يساعد قضيته. حسبما صرح للصحيفة.

 

(5-1-2) الدعم الإعلامي الإماراتي لمعسكر حفتر:

 

لم تكتف الإمارات بدعم قناة طاطاناكي “ليبيا الآن”، بل دعمت العديد من القنوات الإعلامية الموالية لخليفة حفتر، والتي تعمل على وصفه بأنه “محارب الإرهاب”، وتتخذ العديد من القنوات الإعلامية من الإمارات ومصر وتونس والأردن مقرات لها، علاوة على دعم مالي كبير من دولة الإمارات. حيث كشفت دراسة ليبية عام 2016 عن سيطرة أبو ظبي على 70% من الإعلام الليبي، وأنها قد أنفقت عليه مبلغاً يوازي 74 مليون دولار أمريكي.

 

(2-2) مصلحة الإمارات في دعم حفتر:

 

لقد أخذت الإمارات على عاتقها محاربة ثورات الربيع العربي ودعم الثورات المضادة، بما في ذلك الانقلاب العسكري في مصر بقيادة عبد الفتاح السيسي، ودعم حفتر للانقلاب على مكتسبات الثورة الليبية.

 

احتل حفتر مكانة بارزة لدى الإمارات بسبب شنه حرباً ضد الإسلاميين على اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم، وبالتالي راهنت الإمارات – وكذلك مصر – عليه وعلى جيشه، كما وفر حفتر بعض الاستقرار في المناطق التي سيطر عليها، لذلك تتجه الدولتان لدعمه.

 

كما تستغل الإمارات الساحة الليبية كحرب بالوكالة بينها وبين كل من قطر وتركيا، والتي ترى الإمارات أنهما يدعمان حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دولياً، كما أنهما – حسب الرؤية الإماراتية – تدعمان الإخوان المسلمين، وهو ما تخشاه الإمارات من اتخاذ الإخوان لليبيا ملاذاً آمناً كما تتخذ الجماعة من قطر وتركيا.

 

كما تستفيد الإمارات من النفط الليبي، لاسيما عن طريق شركة ليركو، وتطمع في نفط الجنوب، وتحاول أن تزيد نفوذها في منطقة فزان الغنية بالنفط والمعادن. علاوة على ذلك تستحوذ الإمارات على عقود إعادة الإعمار في بنغازي، وتتطلع إلى المزيد.

من د. هشام كمال

‏كاتب مصري وباحث في مجال العلوم الشرعية والإنسانية‏