اطلعت على مقال (العدالة مع حزب العدالة) لمعالي الدكتور/ محمد إبراهيم السعيدي

وهو أستاذ الفقه المعروف، وهو كاتب ذو توجه أصولي، وله كلام كثير في الأفكار الإسلامية،وناقد جيد في الحركات الإسلامية، وحركات الإسلام السياسي بمفهوم المصطلح،

لكن هذا المقال، أجده من حيث أراد العدل بمفهومه هو مع حزب العدالة والتنمية، قد بطر الحق، وغمط الناس، بل وأراد أن يفسد على المسلمين فرحتهم بعز من أراد أن يعتز بالإسلام، أو بمفهوم أقل،

(عدالة، مع من أحب أن يطبق العدالة )

إن معالي الدكتور تكلم عن الصراع في الحالة التركية في فترة ما قبل 2002 بموجز بسيط عن صراع أربكان والجيش

دون أن يذكر أي معاناة للشعب التركي المسلم الذي كان يحاول التخلص من ظلم العلمانية التي حرمته من أهم شيء في حياته وهو ممارسة شعائره الدينية،

والتي وضعت على كاهله ترسانة من القوانين الظالمة لكي تفصل بينه وبين دينه من إباحة الدعارة، واللواط، والمثلية،

وشرب الخمر، وحتى غطاء الرأس عند الرجال من لف العمامة واستبدالها بالقبعة الأوروبية،

أنت تعرف أنه قتل الكثير في فتوى العمامة يا معالي الدكتور، وقتل في إنشاء العلمانية الخلق الكثير،

 وطريقة اللباس الافرنجى وكشف جسد المرأة،

وحتى الطلاق والزواج المدني والمواريث كل شيء،

يا معالي الدكتور حتى الآذان كان باللغة التركية،

سلخ من كل الجذور حتى اللغة، وطريقة الكتابة بالحرف العربي، كل ذلك لم تذكره ليفهم القارئ ما الفرق،

وذكرت معاليك أن سبب المتابعة للحالة التركية بعد 2002 هو منذ تولى حزب ذو جذور أو توجهات إسلامية والحقيقة غير ذلك،

فحتى ما قبل 2002 كانت الأحزاب منذ السبعينات ذات توجه إسلامي،

وإلا ماذا كان يفعل أربكان خلال تلك العقود،

إن معالي الدكتور وهو المولود في بلاد الحرمين الشريفين وقد درس العلوم الشرعية، وعاش في مجتمع محافظ، لم يعاني ولم يرى أي اضطهاد ديني أو حتى شوكة في قدمه فكل شيء من العبادات سهل ميسر،

 والدولة كانت تساعد في ذلك حتى الهدى الظاهري

كانت تحث عليه،

لذلك هناك فرق شاسع بين كلا الحياتين،

ومحاولة تصوير أن ما يحدث،

شيء نتعامل معه بقدره، وهو كلام صحيح، بقدره،

لكن بعد توضيح للناس (دون إجحاف للحق )،

وإظهار عيوب كانت موجودة في الأصل،

وليس بنسبتها إلى من يحاول التخلص منها،

لقد افتتح المقال بالكلام عن الانتخابات مع وجود المعتقلين السياسيين، والمسجونين، وكبت الحريات، والتعبير عن الرأي (وكأننا في دولة عربية)

 وهو كلام يردده الغرب الذي يؤمن بالإفراج عن منفذي الانقلاب العسكري،

 فهل هذا كلام يقوله أحد يتكلم عن العدل والإنصاف؟

أليس من العدل أن يتم محاكمتهم ثم يقرر القضاء ما يشاء.

مع العلم أنه في الدول الأخرى الأصل أن يتم إعدامهم دون محاكمة،

لقد وجدت اعتمادك في المقال كله على ما ينشر في وسائل الإعلام الأجنبية والإعلام العربي المعادى لحزب العدالة والتنمية والكاره للحالة الإسلامية في أي قطر عربي.

معالي الدكتور ذكرت ما يتعلق

بالقوانين التركية التي لا تجرم ممارسة الزنا واعتبار أن الحزب لم يحاول تغييرها وأنه لم يسعى لذلك وأنه أعطى 17 ألف تصريح بالدعارة وهذا بهتان عظيم!!

لكن كيف تستطيع تطبيق الحد الأعلى وأنت لا تستطيع تطبيق الحد الأدنى؟

وبما إنك رجل أصولي فأنت تعرف أن الأحكام بالتدريج، والمجتمع في تركيا بعيد عن الإسلام، ومع ذلك ترفض منهج وقول علماء الشريعة الذين قالوا بذلك وأيدوا أردوغان، لأنك تريد التغيير دفعة واحدة بجرة قلم، تخالف ما تعلمه من أجل تدمير حزب يسعى للتغيير.

وتعقد مقارنة مذمومة بين دور التحفيظ وغطاء الرأس الأحمر القصير وبين الزنا والمثلية والدعارة، والحقيقة أن هذه الأشياء موجودة من قبل ولم يأتوا بها هم ولكن هم أتوا بالكتاتيب و (الإيشارب) غطاء الرأس، وهذه هي المقارنة الظالمة لكي توهم القارئ بما تراه أنت.

لك أن تعرف أنه أشيع قبل الانتخابات من تبنى حزب العدالة مشروع تجريم الزنا فقوبل بالرفض من تيارات علمانية ضخمة أثرت على أصوات الناخبين وتراجع الحزب مع معطيات أخرى من 49.5 % في الانتخابات السابقة إلى 42.5 % في الانتخابات الحالية.

ثم ذكرت ممارسة الدعارة ووجود نقابة لهم 2003 في وجود الحزب وأنت تطرق الحس الإسلامي عند القارئ وتهيئة نفسيا للفظ هذا الحزب المتبنى للدعارة، مع العلم أن الحزب كان وليدا وأول تجربة له مع أول سنة في الحكم وعنده أولويات كثيرة جدا والنقابة ليست قانون شرعه الحزب،

 العدالة والتنمية لم يفعل ما تحاول أن تصل بالقارئ إليه! من أن الحزب عقد صفقة مع نفسه من أجل تمرير الحجاب مقابل زيادة الدعارة والمثلية وتطبيق العلمانية بمفهومه، وهذا والله بهتان عظيم.

 لو أجريت مجرد بحث على جوجل للدعارة في تركيا سوف تجد كل المقالات والأطروحات من العرب والمواقع التي تهاجم حزب العدالة والتنمية وتهاجم أردوغان،

ويكفى أنك ذكرت أن أعضاء البرلمان من الحزب وقفوا ضد تشريع يبيح زواج المثليين، وهذا يخالف قولك أنهم مسرفون في العلمانية التي يتفاخر بها الحزب ورئيسه، وأن مقصدهم من العلمانية غير الذي تفهم،

فهم يرون العلمانية بمفهوم يصل بهم إلى ما يريدون.

ثم ذكرت التصنيع العسكري مع إسرائيل وإن كنت أشك في ذلك لأنه من المعلوم وهو منشور أن تركيا أرادت شراء طائرات بدون طيار من إسرائيل ورفضت إسرائيل وتصنعها الآن تركيا محليا وهو عكس ما تروج له، مع وجود علاقة قديمة بين تركيا وإسرائيل موروثة منذ إعلان دولة إسرائيل.

ثم ذكرت صراع سوريا، وما تفعله إيران في سوريا وتحمل كل شيء لاردوغان، ولم تذكر ما فعله العرب من خذلان الشعب السوري وتركه وحيدا يواجه إيران وبشار وجيش سوريا الوطني،

إيران تفعل ولا تستحي ولا تخشي أحد،

وانتم تهاجمون أردوغان لأنه جلس مع روسيا وإيران.

وهو له حدود مشتركة،

في نهاية المقال أنت أفصحت عما بداخلك من انك لا تريد هذه التجربة لدى الشباب المسلم في المنطقة العربية، والحقيقة أن العالم يتغير والكل ينقل تجارب الكل،

ولن تستطيع أن توقف ذلك إلا أن تجد تجربة عربية إسلامية،

وهذا لن يحدث في ظل القمع العربي،

وظل نقد غير صحيح لتجارب الآخرين.