الأمة، مسقط | تعد سلطنة عمان من النماذج الفريدة حَوْلَ العالم التي تحترم التعدُّديَّة العرقيَّة والدينيَّة، وتحرص على ترسيخ مبادئ المساواة المطلقة بَيْنَ البَشر،

سواء في نظامها الأساسيِّ والقانونيِّ، أو عبر التطبيق العمليِّ، الذي يشهد به كُلُّ مَن عاش أو زار هذه الأرض الطيِّبة.

فالسَّلطنة -قيادةً وشعبًا- تعدُّ نموذجًا حيًّا للتعايش السلميِّ والتسامح بَيْنَ أطراف المجتمع، فتلك المبادئ توضع على أولويَّة سلَّم الاهتمامات لدى حكومة سلطنة عمان،

فاحترام حقوق الإنسان والحريَّات الأساسيَّة، واحترام التعدُّديَّة العرقيَّة والدينيَّة ليست مجرَّد شعارات ترفع،

لكنَّها واقع يلمسه القاصي والدَّاني المتعاطي مع المجتمع العمانيِّ، واقع يضع حقوق الإنسان نصبَ عَيْنَيْه؛ إدراكًا من أنَّ الإنسان هو حجر الزاوية في المجتمع وفي التنمية،

وأنَّ نشر ثقافة الحوار والتفاهم والتسامح، عَبْرَ قِيَم العدل والمساواة والحريَّة، له أثَر بالغ في استقرار البلاد والعالم وتوفير متطلبات التنمية والتقدم.

إنَّ هذا النَّهج العمانيَّ الأصيل، وهذا الرّقيَّ الإنسانيَّ في التعاطي مع كافَّة البَشر دونَ تمييزٍ،

وإعلاء مبادئ التعايش والتسامح ونبذ العنصريَّة، لَيشكِّل حالةً متفرِّدة تعبِّر عن قِيَمها قولًا وفعلًا،

خصوصًا ونحن في عالم يموج بالعنف والعنصريَّة والكراهية، وتنتشر بَيْنَ جنباته أفكار الغُلو والتطرف التي تحضُّ على الكراهية،

ما كان له أثَر كبير لِمَا تشهده المعمورة من معوِّقات تنمويَّة انعكس على رفاهية الإنسان وجهود الدوَل التنمويَّة.

لذا فمن الطبيعي عندما تتحدث السَّلطنة عن تجربتها الاجتماعيَّة الرائدة القائمة على التعايش والتسامح والوئام،

فإنَّ على العالم أنْ يستمع، خصوصًا وأنَّها ليست شعارات ترفع،

بَلْ قِيَم عاش المجتمع العمانيُّ في ظلِّها، وأَسَّس نهضته المباركة عليها،

فأصبح مثالًا للتجارب الناجحة في العيش المشترك ونموذجًا يحتذى للأمن والسِّلم العالميِّ.

إنَّ التجربة العمانيَّة في التعايش والانفتاح على الثقافات تدرك أنَّ ذلك هو الطريق الوحيد لاستقرار المُجتمع أمنيًّا وسياسيًّا،

ما ينعكس على مَسيرة التنمية بشقَّيها الاقتصاديِّ والاجتماعيِّ، وينطلق بها نَحْوَ تحقيق التطلُّعات والطموحات والغايات المطلوبة.

ومن هذا المنطلق الذي تطبقه سلطنة عمان فعلًا وقولًا،

جاء تأكيد السَّلطنة على أنَّ العنصريَّة تشكِّل تحديًا لمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتَّحدة والإعلان العالميِّ لحقوق الإنسان،

وتزعزع استقرار المُجتمعات وتضعف الحكومات، وتعوق فرص التنمية وتضرب التكامل بين الشعوب،

وجاء هذا التأكيد خلال مشاركة وفد سلطنة عمان في الدورة الـ52 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف.

وينطلق هذا التأكيد العمانيُّ من قِيَم تدرك أنَّ تواصل نزعات الكراهية والتعصُّب تزيد من إمكان حرمان تمتُّع الأشخاص والشعوب بحقوقها في التنمية والرفاه لأسباب عرقيَّة أو دينيَّة،

فتتأثر حقوقها عَبْرَ وصْمِها وإهانتها وعدم إدماجها أو عزلها،

وجاءت المشاركة العمانية ليس فقط لاستعراض الحالة العُمانيَّة الاستثنائيَّة،

لكنَّها أيضًا كانت منبرًا أكَّدت فيه السَّلطنة على ما يتعرض له المسلمون في كثير من الدوَل من معاملات تمييزية،

سواء ضد أشخاصهم أو ضد رموزهم الدينيَّة واستفزازهم مِثل حرق نسخ من القرآن الكريم بذريعة حريَّة التعبير،

وهو تحذير مبطن من عواقب تلك السياسات العنصريَّة التي تحضُّ على الكراهية، وتنشر أفكار الحقد والكراهية بَيْنَ البَشر.

كما أنَّ هذه المشاركة في الوقت ذاته رسالة عمانيَّة صادقة ومحِبَّة تبيِّن المشتركات الإنسانيَّة وأهميَّة الوعي بها

والتمسُّك بها لِتكُونَ سبيلًا للتخلُّص من أمراض التمزُّق، وسببًا في القضاء على أسباب التشتُّت والتنافر.