عباس المناصرة

تاريخ الآداب الإنسانية.. «بدايات ومؤثرات» (2)

(٥) علم الوحي يعلمنا الواقعية والتوحيد

 

من هذه الأرض بدأ التاريخ البشري، وهذه حقيقة الواقع الأرضي، كما عرَفها آدم عليه السلام وزوجه يوم نزولهم من عالم الغيب (من الجنة)،

ويوم غادرها وهو يحمل وعد الله سبحانه بإرسال الأنبياء والرسل الهداة لذريته على الأرض من بعد، وكذلك عرفها الأنبياء والرسل وأتباعهم من بعدهم،

حتى انتهى ميراث النبوة وعلمها إلى خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم،

والى أمته من بعده، لأن رسالته خاتمه لكافة للناس ولكل الأجيال إلى يوم الدين،

ولذلك ولد العقل المسلم منذ اليوم الأول لنزول آدم إلى الأرض، عقلا راشد مميزا متصلا بالله،

ينظر إلى المخلوقات من حوله نظره تقدير، ويأنس بها، لأنه يعتبرها من نعم الله التي سخرها له لخدمته،

وتيسير خلافته على الأرض، وهو يرى أن هذه المخلوقات تشاركه العبودية والطاعة لله سبحانه وتعالى،

ولذلك لم يقع يوما في عبادتها، ولم يخف منها، ولم تختلط عليه الأمور لوضوح عقيدته في توحيد الله وعبادته وطاعته،

ولأن العقل المسلم ولد موحدا، لم يقع في الحالة المرضية التي تقدس قوى الطبيعة،

وتعبدها وتصنع لها الآلهة،لأنها تجهل هذه الأشياء وتخاف منها.

 

ومن عهد آدم عليه السلام إلى آخر موحد على هذه الأرض يعيش عقل المؤمنين بالله مدركا لحقائق الواقع، بكل موضوعية ووضوح، ودون لبس،

وهو يدرك أن هذه المخلوقات تعبد الله وتشاركه العبادة، ولم يتوهم يوما ما أنها قوى خارقه يحتاج إلى أن يتقرب إليها، أو أن يخاف منها،

لأنه يعرف خالقها ويعبده، ويحتمي به من شرها، ومن شر ما خلق، لأنه يدرك حقائق الحياة على هذه الأرض ويحترمها،

وهذه الأرض مركز خلافته ومختبر نوايا ومزرعته للآخرة.

 

واقعية المسلم

 

هذه الواقعية تَعلمها المسلم من كتاب الله، ليطل منها وبها على (عالم الغيب)،

ويتأمل الكون والمخلوقات من خلال (علم الوحي) و(علم العقل)،

عن حقائق الحياة المادية، هذه الواقعية التي تستند إلى قاعدة راسخة في العلم والمعرفة تقول:

أن الكون وما فيه من خلق الله، والوحي وعلومه وكلام الله وكتابه،

والعقل هو ميزان الله في هذه الأرض، ولن تتصادم (حقائق الكون) مع (حقائق الوحي) داخل هذا الميزان (العقل)،

لأنهما من مصدر واحد هو الله سبحانه وتعالى، إلا إذا وقع هذا (الميزان) تحت تأثير الهوى والمصالح ونقص العلم الدقيق بحقائق (علم الوحي)، أو بحقائق (علم الكون)،

والعقل هو القوه المدركة(لعلم الوحي ولعلم الكون والحياة)، و(علم الوحي) هو دليل هذا العقل ومنهاجه في توظيف طاقات هذه القوة المدركة، واستثمارها فيما يفيد،

وهو أي (الوحي) الذي يحمي قوه (العقل) من التبدد والتخبط فيما لا ينفع، وذلك حين يضع لهذا العقل (محاور الهداية) التي يسير عليها،فيحميه من الضلال،

ويضيء له طريق التفكير السليم والسلوك القويم، هذا هو(العقل المتصل) عقل الإنسان المسلم، وذلك هو العقل الذي أنس بالمخلوقات،

وأدرك أنها من نعم الله الكثيرة التي سخرها لخدمته، وتيسير عيشه على هذه الأرض، وهو يدرك أن هذه المخلوقات تشاركه الطاعة والعبادة لله سبحانه وتعالى،

لذلك لم يخف منها ولم يصنع معها علاقة الصراع والعداوة، ولا عبدها ولا خضع لها،بل استثمرها واستفاد منها في حدود ما سمحت له خبرته،

ولم يقع فيما وقع فيه (العقل المنفصل) عن طاعة الله حين نَظر إلى الأشياء من حوله فخاف منها وتقرب إليها وعبدها أو هرب منها أو صنع معها علاقة الصراع واعتبرها عدوة له لأنه يجهلها، ولا يملك العلم عنها بينما كان العقل المسلم يقول للكائنات من حوله ربي وربك الله.

الشرط الموضوعي الثاني

إما (الشرط الموضوعي الثاني): لهذه الواقعية فهو التأكيد على القطب الثاني للواقعية الإسلامية، ألا وهو (عالم الغيب)،

الذي يشكل البعد الثاني الحقيقي العميق لهذه الواقعية، حتى تكتمل صوره الواقعية الإسلامية بشقيها وقطبيها (الشهادة والغيب)،

لأننا نخالف الواقعية المادية العوراء التي لا تعترف بعالم الغيب وتتجاهله بل واشتطت في إنكاره، حتى أوصلها عماها المنهجي إلى فرضية تعريفها للعلم على منظمة دولية (كاليونيسكو)،

التي يفترض أنها تمثل بحياد الثقافة الإنسانية بكامل أطيافها، ولكنها بذلك تثبت انحيازها لثقافة (العقل المنفصل)،

بل وتكشف خضوعها لثقافة هذا العقل وسيطرته عليها، حين تبنت هذا التعريف للعلم ونص التعريف يقول:

(العلم كل معلوم تم علمه عن طريق الحس أو التجربة)،

وهذا يتناقض مع تعريف العلم في المفهوم الإسلامي الذي يقول نصه:

(هو كل علم تم أخذه عن طريق الوحي أو الحس أو التجربة).

لأن علم الإنسان مرتبط بقدرة الحواس الخمس التي لا تدرك إلا من خلال (درجات محدودة)،

ولذلك فليس من العلم ولا من الحق إنكار العوالم الغائبة عن قدره الحواس، سواء كانت فوق درجات هذه القدرة أو تحت درجات هذه القدرة.

 

غطاء الغواص

 

ونلاحظ أن القرآن الكريم يشبه علم الحواس عند الإنسان ومحدوديته بغطاء الغواص،

إذا رفع عنه تكشف له ما كان غائبا عنه، قال تعالى عن منكر الغيب عندما يموت ويرى ما حجب عنه من عالم الغيب في دنياه:

(لقد كُنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد).

فغطاء الغواص يمنحه القدرة على الرؤية في الماء وكذلك الحواس الخمس تمنح الإنسان رؤيته للدنيا فقط،

وهي أيضا مصممة لذلك فقط من خلال درجات قدرتها، ولكنها محجوبة عن عالم الغيب وحقائقه بتلك الدرجات التي خلقت عليها،

فهي لا تستطيع أن تدرك (ما تحت هذه الدرجة ولا ما فوقها) لأنها مرهونة بهذه القدرة.

 

ولذلك فالواقعية الإسلامية تعتبر عالم الشهادة بوابة وعتبة ندخل منها إلى علم عالم الغيب،

وبذلك نجمع من علم الله ما عُلمنا عن طريق (الوحي والأنبياء) صلوات الله وسلامه عليهم،

وما يعلمنا الله من مخلوقاته مما أودع فيها من سن وقوانين عن طريق فقه (عقولنا)،

أو عن طريق اكتشافها للكون والحياة عبر تراكم تجاربنا فيها.

 

هذه هي الواقعية الإسلامية،إنها واقعية مبصرة حقيقية متوازنة،

ليست عمياء ولا عوراء،لأنها تؤمن (بالواقع القريب) المكشوف الذي يقع في متناول الحواس،

وتؤمن (بالغيب الممكن) الذي يمكن أن يتحول إلى واقع إذا تقدم عقل الإنسان وحواسه في صناعه الأدوات المساعدة التي تمكنه من اكتشاف الظواهر المحيطة به،

لأنها تزيد من قدرة الحواس وتُيسر لها متابعة هذه الظواهر، وتؤمن هذه الواقعية (بالغيب المغلق) الذي لا علم لنا عنه إلا ما علمنا الله إياه عن طريق (الوحي والأنبياء)،

قال تعالى:

(ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم).

 

(6) مراحل علم الإنسان وتكوينها في عقله

 

يتطور علم الإنسان في اكتشاف الحياة والأشياء والكائنات، واستيعاب العلوم والثقافات وتفاصيلها بعد أن يمر في مراحل مختلفة من التطور،

وتحت ضغط الحاجة والمعاناة والتجريب حتى يصل إلى حقائقها، ويجنى ثمارها وفوائدها

وقد أشار المفكر الإسلامي الكبير مالك بن نبي -رحمه الله-إلى هذه المراحل بشكل مقتضب في كتابه الشهير (مشكله الثقافة).

 

ومن المفيد لهذا البحث أن نتناول هذه المراحل بشيء من التفصيل المفيد الذي يخدم فكرته ويوضح فوائده،

ضمن المراحل والتقسيمات التالية بهدف تيسيره وجلاء منهجه والاستفادة منه:

 

١.المرحلة الأولى (الحضورية):

 

وهي المرحلة التي تكون فيها الظواهر والأشياء والمخلوقات والحقائق والعلوم والثقافات موجودة وحاضره في خلق الله سبحانه وتعالى،

ولكنها غير واقعة ولا معلومة لدى عقولنا و حواسنا وتجربتنا وشعورنا،

لأننا نجهل وجودها وليس لدينا علم عنها ولا بها، لأن العقل البشري لا يستطيع أن يدرك حقائق عالم الشهادة دفعة واحدة،

فكيف بحقائق عالم الغيب البعيدة عن مجال حواسه وعقله، وحتى لا نبتعد كثيرا عن أمثله (الغيب المؤقت) الذي يمكن تحوله إلى واقع وعلم شهادة،

لأنه يخضع لتطور وتجربة الإنسان في التعرف على الأشياء واكتشافها، وخير مثال على ذلك اكتشاف الزمن، وضبطه بصناعة الساعة،

واكتشاف الظاهرة الكهربائية، والتعرف على وجودها والقوانين التي تحكمها، واكتشاف الجراثيم وفوائد ذلك للحياة الإنسانية، واكتشاف الأمريكيتين والعالم الجديد، وتعميره بالهجرة إليها، واكتشاف طبقات الجو وموجات الراديو وغيرها من المكتشفات،

فكل هذه المكتشفات كانت حاضره في خلق الله، ولكنها لم تقع في مجال حواس الإنسان وعقله وعلمه، وجاء اكتشافه لها في فترات متأخرة،

فالجراثيم مثلا كان اكتشافها محكوما بتطور العلم البشري، ومنذ اكتشاف الحسن بن الهيثم للعين والعدسات وتشريحها،

ومعرفة أجزائها ووظائفها ثم مجيء باستور الفرنسي وتطويره للعدسات،

حيث وقعت هذه المخلوقات الصغيرة (الجراثيم) ضمن مجال علم الإنسان،

فعلم بوجودها ولذلك سميت المرحلة التالية بمرحله الوجودية، لأنها علم بوجودها بعد أن كان لا يعلم عنها شيئا.

 

2- المرحلة الثانية (الوجودية):

 

وهي المرحلة التي وصل فيها علم الإنسان إلى العلم بوجود الظواهر والأشياء،

لأنها وقعت ضمن مجال العقل وحواسه وأول ما علم بوجودها وتمثلت في شعوره يطلق عليها أسماء،

لأن تسمية الأشياء يعني بداية علمنا بها وميلادها في وعينا وشعورنا، وهو إيذان ببداية البحث عنها والاهتمام بها،

لتعميق العلم عنها وبحث وشائجها بمحيطنا وفائدتها لنا أو خطرها علينا، وهذه التسمية تعتبر بداية الاعتراف بوجود هذه الظاهرة،

واندفاع الإنسان بحب الاستطلاع والمتابعة لها، وإذا انكشف له وجه المصلحة فيها ازداد إلحاحا في البحث عن تفاصيلها وجمع المعلومات المفيدة له عنها.

 

3- المرحلة الثالثة (التجريبية):

 

وفي هذه المرحلة لا يكتفي الإنسان بإطلاق الاسم على الظواهر الجديدة المكتشفة وجمع المعلومات عنها

بل ينطلق إلى البحث في التفاصيل، ومعرفة العَلاقات المرتبطة بتلك الظواهر المبحوث عنها،ومن هذه الظواهر مثلا ظاهرة الكهرباء،

وظاهرة المخلوقات الدقيقة(الجراثيم)، وظاهرة طبقات الجو، وموجات الراديو،

بل انتقل بهذه الظواهر والأشياء إلى مرحله البحث والملاحظة والتفحص لمكوناتها،

حتى يتمكن من معرفة ومتابعة التفاصيل والقوانين التي تحكمها وتضبطها، والتعرف على إمكانية الاستفادة منها لحياته،

حيث تم التعرف على (الجراثيم) وأنواعها وأطوارها ونموها وأشكالها ومنافعها ومضارها وطرق القضاء عليها،

ثم تم توظيف هذا العلم في خدمه الإنسان وحمايته من مضارها، وكذلك الكهرباء وقوانين التحكم بها،

وتوليدها والاستفادة منها في الإضاءة والحياة، وتشغيل المصانع، وكذلك اكتشاف القارات الجديدة والتعرف على مواقعها وخيراتها،

والانتقال إلى السكن فيها، ومثله اكتشاف أبو الحسن المراكشي لعنصر الزمن،وما وقع في نفسه ومجال شعورهم في التعرف على ضبطه وقياسه،

وتقسيم دوران الأرض بين الشرق والغرب والليل والنهار إلي 24قسماً، وسماه الساعة،

ويمكن تعميم الأمر كذلك في فهم علوم الوحي، وفقهها والغوص فيها بعمق،

لفهم أوامر الله سبحانه وتعالى في العقيدة والعبادات والتشريع والقيم والسلوك،

حين انتقل العلماء من حضور المعلومات في المرجعية،

إلى تفاصيل فقهها وإدراك وجه المصالح الشرعية فيها خدمة للدين وحفظاً للإسلام والمسلمين.

 

٤- المرحلة الرابعة (العلمية):

 

وهي المرحلة التي يصل فيها الإنسان إلى اكتمال المتابعة والتجريب والاكتشاف للقوانين والسنن المضطردة والعلاقات التي جعلتنا نتعرف عليها،

والتطبيقات التي تحكم هذه الظواهر، واستطعنا فيها بعد تكرار التجارب التي أكدت لنا صحة النتائج التي توصلنا لها،

وبذلك وصلنا إلى خلاصة العلم، من خلال معرفة القوانين العلمية التي تمكننا من توظيف هذه الاكتشافات في مخترعات مفيدة ونافعة لنا،

مبنية على أصول علمية مؤكدة أو فقه مؤكد لأصول ديننا.

 

٥- المرحلة الخامسة (اكتشاف فوائد هذه المنهجية):

 

هذا المنهج هو خلاصة الواقعية الإسلامية المبصرة، التي تعلم الإنسان التواضع في العلم، والخضوع لحقائق الحياة،

ولا يتعلم المكابرة فينكر(عالم الغيب)، لأن ما غاب عنا وعن حواسنا وعقولنا هو الكثير، وما انكشف لنا منه (عالم الحضور) الغائب عنا،

هو أقل القليل، ولا نكون كالنملة الذي أنكرت ضخامة الجبل لأنها لا تراه، وبهذا يدرك الإنسان أنه يسبح في بحر من الحضور الغائب،

والخلق والسنن التي لا ندركها، فلنتعلم التواضع ولا نقع فيما وقع فيه الملاحدة الذين أنكروا(الغيب وعالمه)،

ونحن لا نعلم عن سبب هذا الاستعجال في إغلاق باب العلم وقصره على (عالم الشهادة)، وما يقع في متناول الحواس،

أهو الزهد في العلم والبحث عن الحقيقة،أم الكسل والركون إلى الراحة،أم هو عمى البصر والبصيرة،

والاكتفاء بالدنيا بوظيفة الطعام والشراب، وانتظار الموت التي يشاركنا فيها الحيوان والنبات هذه الوظائف؟!

 

بل والأغرب من ذلك أن تتبنى منظمه اليونسكو تسويق هذا التعريف،

الذي يقصر العلم على (ما جاء عن طريق الحس والتجربة)، هذا التعريف الذي ينكر علم الغيب والوحي والأنبياء والأديان السماوية،

لدفع البشرية إلى هذا الكفر القائم على تمجيد الجهل،وإنكار عالم الغيب والحضور،

وفي أحسن الاعتبارات العلمانية التي تعتبر الدين موضوعا شخصيا غير ملزم للدولة ولا للمجتمع،

بل هو متروك لحرية الأفراد في أحسن الأحوال إن الإنسان لظلوم جهول.

 

المنهج الإسلامي

 

والمنهج الإسلامي يعلمنا الاعتراف لله بالفضل والمنة، حين أوجدنا من العدم وعلمنا (علّم الإنسان ما لم يعلم) علمه من علم الوحي،

وعلمه من سننه وقوانينه في خلقه المبثوث في السماوات والأرض،ومن خلال جهود عقله في اكتشاف حقائق هذا الكون والمخلوقات.

 

هذا هو العقل المتصل، وهذا هو منهجه الذي ظل متصلاً بالله وبعلم الوحي،

يتلقى الهداية من الأنبياء، من آدم عليه السلام وأجيال المؤمنين من أتباعهم،

حتى انتهى ميراث علم النبوة،إلى خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم وأمته من بعده،لأنها تحمل الرسالة الخاتمة للناس كافة،

وفي جميع أجيالها إلى يوم الدين، من خلال مرجعية ثابتة لم يستطيع الزمان أن يلعب بها أو يحرفها،

إنها مرجعية محمية من مُنزِّل الكتاب سبحانه وتعالى، متمثلة في (القرآن الكريم والسنة الشريفة) (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).

 

ويؤمن هذا العقل المسلم المتصل بالوحي بمحاور الهداية ويلتزم بها ويخضع لها،

وبذلك يتعلم (الحكمة)، التي هي منهجه لأن الله سبحانه وتعالى أعطاه منهجا بهذه المحاور، وضوابط تحميه من الهوى،

ويعلمه الحكمة والاتزان، ولذلك فهو يرفض (منهج الفلسفة) الذي يتبعه (العقل المنفصل)، الذي اختار الانفصال عن الدين والتلقي من الوحي،

واختار حريته وفضلها واعتبرها دينه، فأوكله الله تعالى إلى(فلسفته)وذاته،يفكر ويتخبط كما يشاء،

ليس له هداية ولا محاور ولا ضوابط، وهذا هو الفارق بين(الحكمة) التي تفكر من  خلال منهج الإسلام ومحاور الهداية التي وضعها،

وبين (الفلسفة) التي تفكر من خلال الاتكال على عقل الإنسان وطاقاته،

وحيث جعل من حريته واختياره ومصالحه معبوده وهواه (أرأيت من اتخذ إلهه هواه).

من عباس المناصرة

عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية