كتب- أبوبكر أبوالمجد
بدأت المخاوف تتسلل إلى العالم مرة أخرى، بعد الإعلان عن سلالة جديدة من فيروس كورونا ظهرت في بريطانيا، ما فتح الباب للتساؤل عن فعالية اللقاحات الجديدة ضد الفيروس المحوّر وحجم انتشاره.

فالوضع في بريطانيا قابل للانفجار، ومستشار بالحكومة البريطانية حذر من كارثة ما لم تتخذ لندن إجراءات مشددة تجاه انتشار فيروس كورونا.
وترى دراسة جديدة أن كوفيد – 19 المستجد قد يؤدي إلى مزيد من الوفيات قبل التطعيم الشامل.

بهذا الخصوص أكد عالم الفيروسات الألماني الشهير كريستيان دروستن، لدويتشه فيله، أنه ليس قلقًا من الفيروس في الوقت الحالي، بيد أنه أشار في المقابل إلى أنه لا يريد التقليل من خطورة الموقف، باعتبار أن الوضع حاليًا “في حالة معلومات غير واضحة إلى حد ما”، مضيفًا أنه يتعين انتظار التحليلات الأولية للبيانات لمعرفة طبيعة الفيروس، ومدى تأثره باللقاحات الجديدة.

يوم 19 ديسمبر الجاري، قال كريس ويتي، أكبر مسؤول طبي في إنجلترا، في بيان، إن سلالة جديدة من كوفيد 19 اكتشفت في المملكة المتحدة يمكن أن تنتشر بوتيرة أسرع وإنه يجري العمل بشكل عاجل للتأكد من أنها لا تسبب معدل وفيات أعلى.

كما أضاف “اكتشفنا نوعاً جديداً من الفيروس، ونتيجة للانتشار السريع للنوع الجديد والبيانات الأولية ومعدلات الإصابة المتزايدة بسرعة فإن السلالة الجديدة يمكن أن تنتشر بسرعة أكبر”.
حينها امتلأ العالم ضجيجًا ورعبًا من تجدد معاناتهم مع فيروس متحور لا يكون للقاح تأثيرًا عليها.

وأوضح موقع “ذا ساينتست” إلى أن هذه الطفرة ليست الأولى من نوعها في هذا الجزء من الفيروس، فقد طرأت طفرة “614G” في بروتين النتوءات مؤخرا، سبقتها طفرة أخرى “614D” في الربيع، ولم تتسبب بحالات أكثر خطورة من العدوى.

في المقابل، أشارت بعض الدراسات إلى أن تلك الطفرات قد تتسبب بانتشار أكبر للعدوى، دون تأثير على شدتها.

تطعيم أسطوري

مناطق كثيرة جنوب وشرق إنجلترا والعاصمة لندن خضعت في وقت سابق للمرحلة الرابعة من الإغلاق، حيث تميزت بقيود مشددة ألزمت المواطنين البقاء في المنازل وإقفال المطاعم والمقاهي والمحال التجارية.

وتخضع بقية البلاد لإغلاقات أشد وطأة، حيث يقبع نحو %40 من سكان إنجلترا تحت قيود مشددة، فيما بدأت إجراءات الإغلاق العام تدخل حيز التنفيذ في أسكتلندا وأيرلندا الشمالية.

وفي الوقت الذي ينتظر فيه لقاح «أسترازينيكا» الذي طورته جامعة أكسفورد أن يحصل على الموافقة للاستخدام الطارئ خلال أيام، أكدت الشركة المطورة أن اللقاح قادرعلى تحقيق حماية كاملة بنسبة %100 ضد الحالات الحادة من كوفيد – 19 المتطلبة دخول المستشفى.

صحيفة التلغراف نقلت عن مصادر حكومية في بريطانيا أن الجميع سيحصلون على جرعة أولى كاملة وليس نصف جرعة كما صُرح من قبل، ثم جرعة ثانية بعد 12 أسبوعًا.

وقد جرى تجنيد نحو 10 آلاف من الأطباء والمتطوعين لتنفيذ ثاني أكبر حملة تطعيم في البلاد بعد حملة فايزر.
ووفق التلغراف فان الفرق مدربة وجاهزة للبدء في إعطاء الجرعات في الملاعب الرياضية وقاعات المراكز الاجتماعية في جميع أنحاء البلاد، بهدف تطعيم ما لا يقل عن مليون شخص كل أسبوع.

وحتى الآن تم تطعيم أكثر من 600 ألف بريطاني، ومن المتوقع تطعيم مليون شخص أسبوعيًا بحلول منتصف يناير، وتوفير 40 مليون جرعة في نهاية مارس.

كارثة

في سياق متصل، أكد مستشار علمي للحكومة البريطانية على ضرورة اتخاذ إجراءات واسعة و”حاسمة” لمواجهة انتشار مرض كوفيد-19، وذلك لمنع حدوث “كارثة” في العام الجديد.

واقترح البروفيسور (أندرو هيوارد) تطبيق إجراءات أشد صرامة من أجل التعامل مع الأعداد المتزايدة من الإصابات.

ومن المقرر أن يعلن وزير الصحة مات هانكوك أي تغييرات قد تطرأ على القيود الخاصة بنظام المستويات في انجلترا يوم الأربعاء المقبل.
ومن جانبه، أفاد الصحفي شون لينترن، أن باحثين وعلماء تابعون لكلية لندن للصحة والطب المداري London School of Hygiene and Tropical Medicine في دراسة قاموا بها حديثاً نشرت مؤخرًا، أنه قد ينبغي إغلاق المدارس لتلافي انتشار سلالة فيروس كورونا الجديدة.

وقد حذر الباحثون فيها، أيضًا، من أن سلالة الفيروس الجديدة، التي يعتقد أنها سببت طفرة كبرى في العدوى بمدينة لندن ومناطق جنوب شرقي انجلترا، ربما تقود إلى مزيد من الوفيات خلال 2021.

والأمر هذا، بحسبهم، لا يعود إلى أن السلالة الطارئة أكثر فتكًا؛ بل لأنها قد تصيب المزيد من الناس، وبالتالي سوف يتعرض الأشخاص الذين أصيبوا بالعدوى لمعاناة أكبر جراء الفيروس، وسيحتاجون إلى دخول المستشفى بغية تلقي العلاج.

وفي الإطار ذاته، أعلنت هيئة الخدمات الصحية الوطنية NHS في بريطانيا أنها رصدت حاليًا أعدادًا كبيرة من مصابي كوفيد-19 في المستشفيات، حيث أفادت الفروع العاملة للهيئة في إنجلترا بأن العدد المسجل حالياً يقل فقط عن 1000 إصابة، مقارنة بالذروة خلال أبريل الماضي، والتي ناهزت آنذاك 18974 مصابًا.

كما استنتج الباحثون في دراستهم، التي نشروها تمهيدًا لتقييمها من قبل خبراء استشاريين مستقلين، ما يلي: “ترى تقديراتنا أن التدابير الوقائية، مماثلة للإجراءات المشددة التي طبقت إبان الإغلاق الشامل في البلاد خلال نوفمبر 2020، لن تقلص الانتشار الواسع لسلالة الفيروس الجديدة إلى ما دون الـ 1(أي أنه لكل 100 مصاب، هناك أكثر من 100 آخر ستنتقل إليهم العدو) إلا إذا أغلقت المدارس الابتدائية والثانوية والجامعات.
إذ إننا نتوقع عودة مرجحة وكبيرة للفيروس بعد تخفيف تدابير الوقاية والسيطرة.

وقد يكون من الضروري، إلى حد كبير، تسريع عمليات التطعيم كي نحظى بتأثير ملموس في جهود كبح الأعباء المرضية الناتجة من الفيروس”.

من أبوبكر أبوالمجد

صحفي مصري، متخصص في الشئون الآسيوية