الامة| قال تقرير أصدره المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب إن السلطات المحليّة تمارس انتهاكات خطيرة في أحد أقضية محافظة الأنبار غرب العراق، تمثلت في الاحتجاز التعسفيّ وفرض الأتاوات والإبعاد القسريّ.
وذكر التقرير أن قضاء (راوة) غرب محافظة الأنبار تمارس به ضد السكان “سياسة انتقامية” حيث “تم توثيق حالات إبعاد قسريّ لمدنيين من أهالي مدينة راوة، واعتقالهم واحتجازهم في المدينة، ومن ثم إبعادهم عنها قسراً بداعي انتماء أحد ذويهم أو أقاربهم لتنظيم داعش”.
وذكر التقرير أن السلطات المحليّة تلجأ لأساليب مهينة وقاسية أثناء عمليّة الاعتقال والإبعاد، بما في ذلك الضرب والتحقيق في ظروف سيّئة.
واتهم التقرير السلطات المحليّة باعتقال وإبعاد المدنيين عن بيوتهم قسراً في قضاء رواة بمحافظة الأنبار “وتداهم البيوت في المدينة دون وجود مسوّغ قانونيّ لذلك، وغالباً ما يكون بتحريض من قبل المخبر السرّيّ بحثا عن مدنيين تعدّهم على صلة بداعش، دون الاستماع لرأي الأشخاص المبعدين أو اعتراضاتهم، وهو ما يجعل منه عملاً غير قانونيّ بشكل صريح”.
تهمة “داعش”
ووفقًا لتقرير المركز العراق “يعاني المدنيون من سكان مدينة راوة، ولاسيّما العائلات المتهمة بانتماء أحد أبنائها إلى داعش؛ حيث تم ترحيل كثير من النساء اللاتي ليس لهن معيل – وقسم منهن أرامل وكبيرات سن -“.
واتهم التقرير مثنى إسماعيل محمود الراوي المسؤول الأمنيّ في راوة وعضو المجلس البلدي، وهو ممثل حزب سياسي معروف في تلك المنطقة، وشخص آخر من مدينة حديثة برتبة مقدم ينتمي إلى نفس الحزب، وبالوقوف وراء تلك الانتهاكات.
و”بحسب أهالي المدينة فإن (مثنى الراوي) يلعب دوراً كبيراً في منع عودة أهالي المدينة إلى بيوتهم، وأنّ قراراته التعسّفية تشمل الكبير والصغير والنساء والرجال”.
وكانت منظمة (هيومن رايتس ووتش) أثارت الأمر في وقت سابق، وقالت في تقرير إن العناصر الأمنية العراقية في المناطق التي شهدت قتالا ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) تستبيح ممتلكات النازحين منها، وتعتبر كل من هو مشتبه في انتمائه أو أحد أفراد عائلته للتنظيم، بدون حقوق.
قال تقرير المنظمة الدولية إن أقارب المشتبه في انتمائهم لتنظيم “الدولة الإسلامية”، يرفض ضباط أمن عراقيين منحهم تصريح أمني للاستعادة المنازل التي سيطروا عليها، أو التماس التعويض.
الإبعاد القسري
وعرض التقرير عددأ من الحلات، التي مورس ضدها سياسة الإبعاد القسري عن القضاء، وكان من بينهم “(أحمد) الذي يبلغ (33) من عمره وهو الابن الوحيد المتبقي لوالده، متزوج وعنده أربعة أطفال، ويعمل عاملاً بأجور يوميّة. وقد أخرج قسراً من مدينة راوة؛ لأنّ أخاه مُنتمٍ لداعش، على الرغم من عدم وجودة صلة لأحمد نفسه بهذا التنظيم لا من قريب ولا من بعيد. وبسبب التهديدات والضغوط عليه من قبل السلطات الأمنيّة اضطر للخروج”.
إضافة إلى حالة “(أحمد عبد الجليل) رجل طاعن في السن؛ حيث يتجاوز عمره (80) عاماً، وقد منع من الدخول لمدينة راوة بحجّة أنّ ابنه مُنتمٍ لداعش، واشترطوا عليه للدخول، أن يكتب تبرئة من ولده”.
وكان للنساء نصيب من هذه الممارسات غير القانونية حيث “تم ترحيل ثلاثة من النساء من مدينة راوة اثنتان منهنّ أرملتان، والثالثة غير متزوجة بحجة أنهنّ مؤيّدات لتنظيم داعش أو ابناؤهن مؤيّدون لداعش” وذلك بحسب شهادة لهن موثقة لدى المركز”.
وتشير الإفادات من الأهالي في المدينة إلى أنّ الأوضاع في جميع المدن الغربية في العراق، باتت صعبة للغاية إلى الحد الذي بدأت فيه الكثير من العائلات برحلة نزوح جديدة خوفاً من الاعتقال والمضايقات التي ازدادت خلال الأشهر الأخيرة.
وفي الإطار ذاته كانت “شبكة أحرار الرافدين” الحقوقية اتهمت في مارس/ آذار الماضي، عناصر الحشد الشعبي بمعاقبة النازحين بتدمير “منازلهم وأجبرت أهالي المعتقلين على ترك منازلهم وسرقت كل مدخراتهم”.
ويقول المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب أن مخاوف المدنيين تتفاقم “بشأن التعذيب والترحيل وغيره من الانتهاكات المستمرة بحقهم بسبب تاريخ المليشيات المرتبطة بالأحزاب وسطوة الأجهزة الأمنية على المدنيين في اعتماد القوّة والإكراه في انتزاع الاعترافات التي تُدين المتّهمين بتهم خطيرة منها الانتماء لتنظيم داعش وتحيلهم للمادة “أربعة إرهاب” – سيّئة الصيت-، وغالباً ما تكون نتيجة هذه الاعترافات الإعدام بحق المتهمين. وحتى أولئك المتهمين الذين، على الرغم من مخاوفهم المبررة من الانتقام، اشتكوا للقضاة من التعذيب أثناء الاحتجاز السابق للمحاكمة وقبل المحاكمة وأنكروا اعترافاتهم؛ غير أنّهم وجدوا أنفسهم قد أدينوا وفي بعض الحالات صدرت عليهم أحكام بالإعدام”.
ضرورات لإنهاء السياسة الانتقاميّة
وقال المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب أنه يجب لإنهاء هذه الدوّامة من السياسة الانتقاميّة والتعسّفيّة بحقّ المدنيين، “اتخاذ خطوات حقيقيّة لإصلاح نظام العدالة الجنائيّة، والتأكد من أنّ المشتبهين في القضايا المتعلقة بالإرهاب لا يحتجزون لفترات طويلة من الزمن دون الإحالة إلى القضاء وأنّهم لا يعذبون أو يكرهون على الإدلاء باعترافات -جاهزة-. وعليها أن تكفَّ عن التعرض لحقوق المدنيين بالتعدي عليهم بحجة انتماء أحد أقاربهم لتنظيم داعش، وأن ترقى إلى مستوى التزاماتها بموجب القانون الدوليّ لحقوق الإنسان والقانون الإنسانيّ الدّوليّ من خلال إنهاء القيود التمييزيّة على حريّة حركة المدنيين داخلياً، والسماح بعودتهم إلى المناطق التي تم استردادها من تنظيم (داعش)”.
وطالب المركز المجتمع الدّوليّ، أن يحثّ السلطات الحكوميّة على أن تمارس فوراً القيادة والسيطرة الفعّالة على الميليشيات شبه العسكريّة، وأن تنشيء آليات الرقابة والمساءلة الفعّالة.