طالب المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، الادعاء الفيدرالي الألماني بفتح تحقيق حيال شركات ألمانية متهمة بـ”التربح” من استخدامها للإيغور المضطهدين في العمل القسري والسخرة بالصين.

حيث أوضح المركز، في بيان، أنه تقدم بشكوى جنائية إلى مكتب المدعي الفيدرالي الألماني بدعوى تورط العديد من الشركات الألمانية العاملة في مجال المنسوجات والبيع بالتجزئة في الصين، بجرائم ضد الإنسانية.

أضاف المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان أن العديد من الشركات الألمانية، مثل سلاسل محال السوبر ماركت الأكثر شهرة في ألمانيا “ليدل”، والعلامة التجارية الشهيرة في مجال الملابس “هوغو بوس”، متهمة بالتربح المباشر وغير المباشر من العمل القسري للإيغور، بحسب الشكوى التي تقع في 96 صفحة، والتي تلقاها ممثلو ادعاء في محكمة كارلسروهه الاتحادية.​​​​​​​

من جهتها، قالت مسؤولة بارزة بالمركز الأوروبي للحقوق الدستورية والإنسانية: “من غير المقبول أن تنتقد الحكومات الأوروبية الصين عن انتهاكات لحقوق الإنسان، في حين أن شركات أوروبية ربما أنها تتربح من استغلال السكان الإيغور”، متابعة: “حان الوقت لمحاسبة أولئك المسؤولين في الشركات، إذا تأكدت شبهات العمالة القسرية”.

في حين يقول مقدمو الشكوى إنهم يهدفون لإقناع ممثلي الادعاء بفتح تحقيق قد يضع إدارات شركات التجزئة قيد المحاسبة، ويجعل الزبائن أكثر دراية بانتهاكات في سلاسلها للإمداد.

لكن لم يتسن على الفور الاتصال بمتحدث باسم السفارة الصينية في برلين للحصول على تعقيب.

كانت صحيفة The Times البريطانية قد كشفت، الجمعة 19 فبراير/شباط 2021، أن هناك شركات ألمانية تُقدّم الدعم الفني لصناعة النسيج الضخمة في مقاطعة سنجان الصينية، حيث يُجبر نحو نصف مليون فرد على الأقل، من أقلية الإيغور، على العمل في حقول القطن.

إذ أثبتت الأرقام التجارية المُسربة من مصلحة الجمارك الصينية، حجم التداخل التجاري الألماني في المنطقة رغم الوقائع المتعددة التي تشير إلى انتهاكات لحقوق الإنسان و”إبادة عرقية ثقافية” بحق الإيغور فيها.

تأتي تلك التطورات رغم مطالبة الحكومة الألمانية، قبل نحو عام، بضرورة فتح تحقيق دولي حول وضع المسلمين بمقاطعة سنجان.

فقد طالب وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، الحكومة الصينية، بتقديم توضيحات بشأن تسريبات نُشرت حول أوضاع معتقلي مسلمي الإيغور، مشيراً إلى أن الصين مُطالَبة بـ”الامتثال لواجباتها الدولية في مجال حقوق الإنسان”.

فيما تعرّضت ألمانيا لضغوط بسبب تجارتها مع إقليم شينجيانغ الصيني، حيث أظهرت بيانات الجمارك التي حصلت عليها صحيفة South China Morning Post الصينية، أن مبيعات قطع الغيار الألمانية لآلات النسيج في سنجان ارتفعت بثلاثين ضعفاً خلال السنوات الثلاث الماضية، لتصل إلى 42.05 مليون دولار.

تجدر الإشارة إلى أنه جرى تداول العديد من التقارير الإعلامية والحقوقية التي تثبت حالات اغتصاب، وتعذيب، وتعقيم قسري، وتدمير لعشرات المساجد والأضرحة، ومعسكرات اعتقال (غولاجات) القطن التي يُجبَر الإيغور على العمل فيها وسط ظروفٍ مُهينة بلا أجر أو مقابل أجرٍ زهيدٍ للغاية. وتُنتِج مقاطعة سنغان نحو خُمس إمدادات القطن في العالم.

يُذكر أن الصين تسيطر على إقليم تركستان الشرقية منذ عام 1949، وهو موطن أقلية الإيغور المسلمة، وتطلق عليه بكين اسم “شينجيانغ”، أي “الحدود الجديدة”.

وتشير إحصاءات رسمية إلى وجود 30 مليون مسلم في البلاد، 23 مليوناً منهم من الإيغور، فيما تؤكد تقارير غير رسمية أن أعداد المسلمين تناهز 100 مليون.

كانت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية قد نشرت في 17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تقريراً كشف وثائق حكومية صينية مسربة، احتوت تفاصيل قمع بكين لمليون مسلم من “الإيغور”، ومسلمين آخرين في معسكرات اعتقال بتركستان الشرقية.​​​​​​​​​​​​​​

سبق أن أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي لحقوق الإنسان لعام 2019، خلال شهر مارس/آذار 2020، والذي ذكرت فيه أن الصين تحتجز المسلمين بمراكز اعتقال؛ لمحو هويتهم الدينية والعرقية، وتجبرهم على العمل بالسخرة.

غير أن الصين عادةً ما تقول إن المراكز التي يصفها المجتمع الدولي بـ”معسكرات اعتقال”، إنما هي “مراكز تدريب مهني” وترمي إلى “تطهير عقول المحتجزين فيها من الأفكار المتطرفة”.