صلاح الإمام

حتى الأربعينات كان أي شخص في أي دولة في العالم يستطيع أن يستبدل العملة الورقية التي يحوذها بقيمتها ذهبا من أي بنك داخل دولته، وفى مصر حتى الستينيات كنت تجد مكتوبا على ورقة الجنيه «أتعهد أن أدفع لحامل هذا السند مبلغ واحد جنيه لحامله عند الطلب»

لكن…

في مؤتمر النقد الدولي «بريتون وودز» عام 1944 تم سحب الذهب من التعامل المباشر من أيدي الناس وجعلهم يتعاملون بورق، وتعهدت الولايات المتحدة الأمريكية في اتفاقية «بريتون وودز» أمام دول العالم بأن من يسلمها خمسة وثلاثين دولارا تسلمه تغطية الدولار من الذهب وهي أوقية  من الذهب!!

الدولار بعد هذه الاتفاقية (المكيدة) صار يسمى عملة «صعبة»!!.. وصار العالم كله أفرادا ودولاً يثق في الدولار باعتباره عملة للتداول لأنه مطمئن أن الولايات المتحدة ستسلمه ما يقابل ورق الدولار من الذهب!!

واستمر الوضع على هذا حتى خرج الرئيس ريتشارد نيكسون فجأة على العالم وقال أن الولايات المتحدة لن تسلم حاملي الدولار ما يقابله من ذهب وأن الدولار سيُعوَّمُ أي ينزل في السوق تحت المضاربة وسعر صرفه يحدده العرض والطلب!! وحينها قالوا تم إغلاق نافذة مبادلة أمريكا دولاراتها بما يقابلها من ذهب كان ذلك في قرار من الرئيس نيكسون.

وسميت هذه الحادثة الكبيرة عالميا بـ «صدمة نيكسون  Nixon shock».

وبهذا فقدت الصكوك الورقية قيمتها من الذهب وبقى اليهود الذين يتحكمون في اقتصاد أمريكا والعالم يملكون الذهب والمتحكمين في سوقه وفى الاقتصاد العالمي.. بينما يستعبدون الأفراد والشعوب بأوراق يتحكمون في قيمتها الورقية.

وخرج نيكسون يعد الشعب الأمريكي بالرفاهية بدون تعب وبدون حروب.

وصار يطبع الدولارات بلا حساب وصارت الولايات المتحدة تشتري عرق الشعوب الكادحة وثرواتهم بلا أدني خسارة.. تطبع دولارات ثم تشتري بها ما تشتهي من سلع العالم كله دون حسيب يحاسب يحسب أو رقيب يراقب.

الورقة واحدة لا تختلف سواء دولار أو عشرة دولار أو ألف دولار فتكاليف طباعتها واحدة.. فقط يختلف الرقم الذي يظهر عليها، وهو حسب رغبة الأمريكي الذي يأتي إلى أرضك ويشتري ثرواتك العينية الملموسة.. (ذهب – فضة – بترول – فسفور… الخ) بأوراق يقوم بطباعتها لا تكلفة إلا قليل من الورق والحبر لا تتعدى تكلفته عدة سنتات ليس لها قيمة حقيقية ومعرضة الانهيار في أي وقت!

الغريب في القصة أن دول العالم استمرت بالتبادل بالدولار الأمريكي مرغمة لأنها تمتلك كثير من الأوراق النقدية الأمريكية، وقد باعت ثرواتها ففضلوا الاستمرار بهذا النظام المالي العالمي الظالم.

تخيل معي لو خرج الرئيس بايدن اليوم وقال إن الأوراق النقدية التي خارج الولايات المتحدة لا تعنينا ولا نقبل التعامل بها وليس لها قيمة أو غطاء نقدي وقام بتغيير العملة!!

هل علمتم كيف يتحكم الغرب فينا ونحن كقطعان البقر لا حول لنا ولا قوة؟؟

من صلاح الإمام

كاتب صحفي