قال الفيسلوف والمفكر والشاعر “محمّد إقبال” عن أسلوب أبيه في تربيته: “جاء إلى بيتنا سائل يتسوّل، فطرق بابنا بعنف، فخرجت إليه وكنت في مقتبل الشباب، فضربته بعصا على رأسه فصرخ وتناثر ما كان جمعه من الناس. تألم والدي وسال الدمع من عينينه وقال لي: يا بنيّ، غدًا تجتمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم بين يديّ مولاها، ويأتي هذا السائل المسكين صائحًا شاكيًا، فماذا أقول إذا قال لي النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: إن الله أودعك شابًا، فلماذا لم تجعله مُسلمًا، ولم تؤدّبه بأدبي، بل لماذا لم تجعله إنسانًا؟!

 

فانظر يا ولدي عتاب النبيّ الكريم لي، فكيف تفضح أباك بين يدي مولاه يوم القيامة؟! يا ولدي، كن برعمًا في غصن المصطفى، وكن وردة من نسيم ربيعه، وخذ من خلقه الطيب نصيب”.

 

فيا أيها الأبناء، لا تفضحوا آباءكم بين يديّ الحبيب محمد، وقد يكون والدك أسماك محمدًا، لتكون على خلقه وسنته ومكارم أخلاقه.

 

أي فضيحة لأبيك يوم القيامة -وقبلها في الدنيا- عندما تأتي مجرمًا قاتلًا، أو مدمن مخدرات ومروّجها، أو شارب خمر أو ناشر رذيلة وهاتك عرضٍ أو سمسارًا أو بائع أرض الآباء للأعداء، أو جاسوسًا مخبرا أو تاجر سلاح، أو غير ذلك من صفات وأخلاق بها تفضح والدك.. بل كيف بك أنت يوم القيامة لما تُطرد عن حوض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رغم أنك تحمل اسمه وتنتمي إلى ملته- فيبكي الحبيب محمد على حالك وهو ينادي ربّه “يا ربّ أمّتي، يا ربّ أمتّي”، فيأتيه الجواب: “إنك لا تدري يا محمد ما أحدثوا من بعدك” فيزيد بكاء الحبيب وهو يقول “ألا سُحقًا، ألا سُحقًا”.

 

أليس الفارق كبير بين أن يعرفك الرسول -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة من أثر الوضوء في وجهك “غرًا محجّلين من أثر الوضوء”؟ أو من أثر السجود “سيماهم في وجوههم من أثر السجود”؟ وبين أن يعرفك من أثر الجريمة في وجهك؟ (من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة، يُؤتى يوم القيامة مكتوب على جبينه “آيسٌ من رحمة الله”).

 

يا أيّها الشباب.. كونوا براعم في غصن شجرة المصطفى، وكونوا ورودًا في ربيعه، وخذوا من خلقه الطيب نصيب..

 

لا تفضحوا آبائكم ولا تُبكوا رسولكم ولا تلوموا إلا أنفسكم.

 

(ربّنا هَب لنا من أزواجنا وذريّاتنا قرّة أعين، واجعلنا للمتّقين إمامًا).

كمال الخطيب

من كمال الخطيب

إمام مسجد عمر بن الخطاب في كفركنا، وأحد قادة العمل الإسلامي بفلسطين المحتلة