– أول مرة في تاريخ مصر الحديث نظام يسقط بهذه السرعة لماذا وكيف؟!

 

– مهما يكن من أمر مصر فهي نقطة المشرق العربي ومحور العالم الإسلامي؛ لذلك لم يغفل عنها العالم يوما قبل الإسلام أو بعده، وتاريخ الصراعات والحروب الصليبية كلها كانت مصر هي المحور.

 

– وبعد مجيء محمد علي ثم القضاء على المماليك وإتباع السياسة الجديدة التي تحكم مصر منذ 1820م (الأقليات وفي القلب جنرال)، وأصبحت هذه هي عنوان السياسة في مصر وكل ما يخرج عن هذا فهي مجرد تسالي لإلهاء الغالبية الشعبية.

 

– وأي متتبع سياسي للنظام العالمي يعلم يقينا أن ثورة الضباط الأحرار لم تكن إلا انقلاب الإرادة الأمريكية على السيطرة البريطانية في مصر، وننتظر اليوم الذي تكشف فيه وثائق القصر السرية.

 

– سواء عبد الناصر أو من كان قبله دائما كانت السلطة والقوة في جهة معينة، وهذا الذي بقي واستمر على اختلاف الأشخاص الذين حكموا مصر ومهما كانت التسمية التي تسموا بها (شيوعية ديكتاتورية أو ديمقراطية ليبرالية، أو رأسمالية منفتحة على الغرب).

 

– أراد حسني مبارك أن يخرج عن القاعدة التي رسمت منذ حوالي مائتين سنة وذلك بتفصيل الدستور على مقاس ابنه جمال من أجل توريثه ملك مصر، وهذا ما جعل القيادة العسكرية تنقم عليه رغم المهالك التي أوقع فيه مصر سابقا، وهذا ما جعل المجلس العسكري سنة 2009م، يجتمع ويقرر خلع مبارك، وتم تكليف عبد الفتاح السيسي بهذه المهمة وفق ما نشرته (وول ستريت جورنال _ The Wall Street Journal) الأمريكية.

 

– تمت المهمة بسلالة ونجحت الدولة في إسقاط مبارك ولكن الإسلاميين عموما والإخوان خصوصا حاولوا السيطرة على المشهد وفعلا حصل، وهو ما جعل الدولة تعيد نفس الأمر مع جماعة الإخوان، وفي فترة وجيزة أسقطت الرئيس محمد مرسي، ورجعت الدولة لأصحابها.

 

– الغريب في السيسي أو ما لم يعه السيسي أنه لم يلتزم القاعدة المتبعة منذ مائتين سنة، وهي الأقليات وفي القلب جنرال، حيث قضى على كل الخصوم السياسيين سواء الحقيقيين أو الوهميين، وهذا ما جعل النظام يصطدم بالشعب مباشرة، وهذا من أكبر الأخطاء التي يجب ألا يقع فيها النظام، مثلا أنور السادات لما أدرك أنه سيصدم لا محالة بالشيوعيين أخرج لهم الإسلاميين وصار الصدام إسلامي شيوعي، ونفس الأمر مع مبارك جعل الصراع بين الإخوان الذين يمثلون التيار الإسلامي مع حركات علمانية وشيوعية وهو ما سمح له بالبقاء كل تلك المدة بهدوء.

 

– القضاء على كل الخصوم السياسيين وعدم مشاركتهم في السلطة ولو شكليا، وجعل النظام يصطدم بالشعب مباشرة كانت أكبر خطأ وقع فيه السيسي، ومهما يكن فالنظام لا يهمه أي شخص بقدر ما يهمه بقاء الدولة، حتى ولو كان مائة سيسي فيجب التخلص منه، من أجل جعل كل الأخطاء الفادحة التي وقع فيها نظام ما بعد 2013 يتحملها السيسي وحده، وبهذا تتجنب الدولة خطر الاصطدام مع الشعب، وتبدأ تسالي جديدة للشعب المسكين منها البحث عن رئيس وإعادة كتابة الدستور وانتخابات برلمانية، ويخرج المساجين ويعود الذين في الغربة ليحكوا للشعب عبر القنوات عن بطولتهم وتضحياتهم.

من عنتر فرحات

كاتب وباحث في الشئون الإسلامية