د. ممدوح المنير
هذه قراءة تحليلية لتطورات الأوضاع من وجهة نظري..
ما فهمته باختصار من هذه التصريحات هو أننا مقبلون على معركة حامية الوطيس، ربما تصل إلى اقتتال أهلي إذا لم يُحسم أي من الطرفين المعركة لصالحه مبكرًا، إما أن يحكم السيسي سيطرته أو تظل الأمور خارج السيطرة .
 
الطرفان معروفان للجميع، السيسي والجناح التابع له، والطرف الثاني الرافضون لوجوده داخل المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية وشبكات النفوذ، كرجال دولة مبارك الذين أقالهم السيسي.
 
هؤلاء يعلمون أن السيسي سينتقم منهم جميعًا إذا عاد من واشنطن وانتصر في الجولة القادمة، والتي قد تكون الجمعة القادمة من أهم محطاتها؛ لذلك لا وسيلة أمامهم سوى المواجهة، وهؤلاء لا يواجهون بالورود والسلمية، فلديهم جيوش من البلطجية وأجنحة أمنية كاملة الولاء لهم، فضلاً عن الغطاء الشعبي الذين يحاولون حشده عن طريق محمد علي.
 
وعليه فالموقف الذي يجب أن نتخذه من وجهة نظري هو دعم الفريق الآخر حتى ينتصر على السيسي، ثم نكمل الثورة دون انسحاب من المشهد؛ حتى نضمن حقوقنا كاملة ، وقف الحراك حتى لو رحل السيسي يعني تحسين شروط العبودية و هذه أيضا غير مضمونة .
 
بمعنى أن المطلوب ألا نعطي “شيك على بياض” بلغة المصريين لمن هو بعد السيسي في حالة إسقاطه، بل نستكمل الحراك حتى نصل إلى أفضل مكتسبات ممكنة للثورة وللشعب وللوطن.
 
نقطة مهمة أرجو أن ينتبه لها الجميع، وهي أن دعم ترامب للسيسي محوره هو صفقة القرن، وصفقة القرن وتوطين أهل غزة في سيناء لا يمكن أن يتم في حالة استقرار للوطن وانتباه الناس لما يحدث، لا بد أن تكون هناك فوضى عارمة تحقق نظرية الصدمة، وتشلّ القدرة على التفكير والحركة لدى الجميع.
 
لذلك لا أستبعد أن يكون دعم ترامب المعلن والوقح للسيسي مقصودًا لتسخين الأوضاع وإشعال حرب أهليه داخلية تُحدث الفوضى المطلوبة، وخلالها يتم تمرير الصفقة.
 
وأرجو أن يتذكر الجميع أن الإدارة الأمريكية نفسها منقسمة حول السيسي ومدى خدمته للمصالح الصهيوأمريكية، وبالتالي فلكل طرف في مصر فريق يدعمه في المعركة مع اختلاف أوزان كل طرف.
 
نقطة أخرى، وهي أن بعض القرّاء يتعاملون مع المعارك السياسية واستقراء ما وراءها بلغة الأرقام الحسابية التي لا تحتمل سوى نتيجة واحدة، في عالم السياسة لا يقينيات ولا مسلمات، هناك مصالح وقوى تتعارض وتتناطح وتتغير معادلات الصراع لهذا الطرف أو ذاك بين عشية أو ضحاها، ودورنا هو محاولة استقراء المشهد بناء على المتغيرات والثوابت في طبيعة المعركة.
 
أخيرًا.. نصيحتي لمن يريدون خوض المعركة من الشباب والنزول للميادين، ألا يخرج بعقلية يناير؛ فقد انتهت، وأن يستوعبوا جيدًا طبيعة الصراع المقبل ومتطلباته.

من د. ممدوح المنير

مدير ومؤسس المعهد الدولي للعلوم السياسية والاستراتيجية، خبير دولى فى مجال التنمية البشرية