المحلل السياسي الليبي، بدر شنبيه.

المحلل السياسي الليبي بدر شنيبة لـ«الأمة»

عقيلة صالح يسعي لإفشال الانتخابات والحفاظ علي مجلسه رقما في المعادلة السياسية الليبية ♦ إقدام برلمان طبرق علي سحب الثقة مخالف للائحة الأساسية للمجلس واتفاق الصخيرات المجلس الأعلى للدولة قادر علي تفريغ خطوة سحب الثقة من أي مضمون هذه تفاصيل تحالفات صالح ومجموعات في الغرب لقطع الطريق علي الدبيبة وخوض الانتخابات في قائمة موحدة إطلاق سراح رموز سبتمبر جاء لتحقيق مصالح انتخابية ويعكس مأزق معسكر ثورة فبراير ثورة فبراير تكرر أخطاء الثورة المصرية وعدم محاسبة رموز القذافي يقف وراء الفوضى حفتر يراهن علي الدعم الخارجي للبقاء في المشهد وتكرار مغامرة الهجوم علي طرابلس مستبعد

الأمة – اسطنبول – خاص

وصف المحلل السياسي الليبي بدر بدر شنيبة قيام مجلس نواب طبرق بسحب الثقة من حكومة عبد الحميد الدبيبة بأنه والعدم سواء،وذلك لعدم قانونية الخطوة، أو ومخالفتها للنظام الأساسي لبرلمان طبرق،ومخالفتها لاتفاق الصخيرات الذي ألزم البرلمان بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة،مشيرا إلي انه ليس هناك هدف من وراء هذه الخطوة إلا عرقلة الانتخابات المقررة في ديسمبر القادم وإطالة عمر مجلس صالح،والحفاظ علي الامتيازات والنفوذ السياسي فضلا عن إثارة نوع من الفوضى وتمهيد الأجواء لعودة ليبيا للعنف مجددا.

ولم يستبعد المحلل السياسي الليبي في حواره مع «جريدة الأمة الإليكترونية» المكايدات السياسية وراء خطوة برلمان طبرق لاسيما أن حكومة المنفي – الدبيبة جاءت علي حساب قائمة عقيلة صالح وهي مكايدات ظهرت بشكل واضح في محاولة البرلمان وضع العراقيل تلو الأخرى أمام حكومة الدبيبة.. بدءا من محاولة المساءلة عن أمور لا علاقة لها بهاوكذلك سحب الثقة من الحكومة مرجحا إمكانية وجود رغبة من صالح وأطراف معينة في الغرب في تكريس حالة من الفوضى في المشهد السياسي لصالح أجندات خفية.

وعزا المحلل السياسي الليبي الإفراج عن بعض رموز نظام سبتمبر خلال الفترة الأخيرة لأسباب انتخابية بحتة،فربما يرغب الدبيبة في تأمين دعم المحسوبين علي نظام سبتمبر في الاستحقاقات الانتخابي القادمة،وتعزيز وجوده في المشهد مستفيدا من بعض الإجراءات والقرارات التي حظيت بدعم شعبي،وتصديه لبرلمان طبرق وهو ما ينطبق علي أطراف سياسية هي الأخرى تعزف علي وتر المصالحة وتتقرب من رموز النظام السابق،

وأشاربدر شنيبة  إلي أن ثورة فبراير ارتكبت عديدا من الأخطاء في مقدمتها:عدم محاسبة رموز نظام القذافي محاكمة عادلة ورادعة تجعل كل من يفكر علي السير في نفس النهج يتحسس قدميه..لكن هذا التراخي في المحاسبة، بل مسعى البعض من رموز فبراير للتقارب مع المحسوبين علي القذافي بل التدخل لإطلاق سراحهم وهي أخطاء مسئولة بلا شك عن عما ما وصلت إليه ثورة فبراير من مأزق

الحوار مع المحلل السياسي الليبي تطرق لعديد من القضايا نعرضها بالتفصيل في السطور القادمة؟

محاولة جديدة لخلط الأوراق

• كيف ترى تأثير الخطوة التي أقدم عليها برلمان عقيلة صالح بسحب الثقة من حكومة عبد الحميد الدبيبة؟

ما أقدم عليه برلمان عقيلة صالح الصادر بحقه قرار بالحل من الدائرة الدستورية ما هو إلا محاولة جديدة لخلط الأوراق،وإشاعة الفوضى والبلبلة في الساحة والعمل بكل قوة علي عرقلة الاستحقاق الانتخابي المقرر في 24 من ديسمبر المقبل..رغم أن صالح لا يكف في العلن عن إعلان تأييده لإجراء الانتخابات، فضلا عن الرغبة في نزع الشرعية عن حكومة الدبيبة،والعمل علي إيجاد حكومة موازية لها في شرق لبيبا لاسيما أن حكومة الدبيبة وصلت للسلطة بعد إلحاقها الهزيمة بالقائمة التي يقودها صالح بالتحالف مع عناصر في الغرب الليبيومن ثم فهذه الخطوة التي اتخذها صالح بسحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية الليبية بقيادة الدبيبة خطوة تفتقد لأي مشروعية أو قانونية،بل تخالف النظام الأساسي لبرلمان طبرق،فسحب الثقة وفقا لهذا النظام تتم بطلب من قبل ٥٠ نائبا في البرلمان الليبي وتحتاج لدعم ١٢٠ نائباوتتم بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة شريك برلمان طبرق وفقا لاتفاق الصخيرات،وهو ما لم يتحقق ومن ثم فهذه الخطوة والعدم سواء في ظل الدعم الشعبي للحكومة في العديد من المناطق الليبية،وفي ظل وجود اعتقاد واسع بأن هدف خطوة سحب الثقة مجرد محاولة لإبقاء مجلس نواب عقيلة صالح في المشهد،خصوصا أنه لم يبق أمامه إلا ٣ أشهر فقط والرغبة في التمتع بالامتيازات التي يحظي بها صالح والمجموعة المسيطرة علي برلمان طبرق.

مجلس النواب وحكومة الدبيبة

• حديثك عن المجلس الأعلى للدولة كشريك لبرلمان طبرق يفتح الباب أمام تساؤل هل يملك المجلس أوراق لتفريغ هذه الخطوة من مضمونها؟

المجلس الأعلى للدولة يملك من الأدوات ما يجعل هذه الخطوة والعدم سواء..كما حدث فيما يتعلق بتعيين محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي، الذي أراد به صالح فرض مرشحه وهو ما أفشله المجلس الأعلى للدولة، وهو أمر يمكن تكراره ردا علي سحب الثقة..حيث يستطيع الرهان علي الرفض الشعبي لهذه الخطوة وكذلك الدولي لاسيما أن هناك يقينا بأن هناك رغبة في المكايدة السياسية تقف وراء خطوة سحب الثقة لاسيما أن هذا البرلمان لم يترك فرصة لوضع العراقيل أمام هذه الحكومة إلا وقام بها،فقد رفض إقرار الميزانية وعمل علي مساءلة الحكومة علي مخالفات مزعومة لا علاقة لها بها..وداوم علي إشاعة الفوضى في المشهد السياسي لاسيما أن عقيلة صالح لم ينس يوما هزيمته في جولة الحوار الليبي في جنيف أمام قائمة المنفي-الدبييةناهيك عن إمكانية وجود سيناريو مجهول أو خطة مجهزة يجري تنفيذها في الخفاء من قبل عقيلة صالح؛مستغلا حالة الفوضى التي تسود البلاد وحالة الضعف الشديدة للبعثة الأممية في ليبيا منذ تغيير الدبلوماسية الأمريكية ستيفاني وليامز وتعيين كوفيتش الدبلوماسي السلوفاكي وهو لا يحمل نفس إمكانية ولا نفوذ وليامز.

عبدالحميد الدبيبة

صالح لا يتحرك بمفرده

• في ظل هذه الأجواء هل يتحرك صالح بشكل عشوائي أم أن هناك بنكا من الأهداف تقف وراء خطوته؟

عقيلة صالح لا يتحرك بمفرده، ولا بعشوائية، كل هذه التحركات تأتي في إطار خطة مرسومة من قبل تحالف يضم أطراف سياسية دولية ومحلية؛تهدف إلى قطع الطريق على الدبيبة أولا، والاستعداد لدخول الانتخابات بتنسيق مشترك أو حتى قائمة واحدة،فضلا عن الرغبة في  التأثير علي المسار السياسي الجاري حاليا وإعادة ليبيا لدائرة العنف مجددا في ظل رغبة وإصراره في تكريس الفوضى وقيادة ليبيا للمجهول.

كسب أنصار سبتمبر

• في هذا السياق كيف تري إطلاق عدد من رموز نظام القذافي ومن بينهم الساعدي القذافي وأهداف من يقفون وراءها؟

خلال الفترة الماضية جرت موجة إطلاق سراح بعض رجال سبتمبر كموشر قوي لاتجاهات الرياح السياسيةوإعادة موضع سياسي لمختلف الإطراف استعدادا آما لخوض الانتخابات أو في أسوأ الأوضاع لخوض الحرب وهذه الإجراءات، قد تكون لكسب أنصار سبتمبر كونهم ورقة هامة، في أي استحقاق قادم،لكنها في الوقت نفسه ستعطي قوة دفع كبيرة لتوحيد صفوف تيار سبتمبر وتشكيل كتلة انتخابية وربما عسكرية بعد ذلك،بل أن هذه الخطوة قد تكسب مشروع الدبيبة قوة؛ بتأييد تيار سبتمبر وفتح باب التحالف معهم في الجولة الثانية من الانتخابات إذا جرت..ليضاف لما اكتسبه الآن من بعض التأييد نتيجة تصريحاته وخططه التي تحظى بتأييد شعبي ومواجهته لتصرفات مجلس النواب.

ثورة السابع عشر من فبراير
ثورة السابع عشر من فبراير

تحالفات وتحركات تقلل من نصيب أنصار فبراير

• لكن هذا المشهد قد تكون له تداعيات سلبية علي معسكر ثورة فبراير؟

هذه التحالفات والتحركات ستقلل من نصيب أنصار فبرايرالذين عجزوا حتى الآن عن الاتحاد في كتلة واحدة وعدم اتخاذ خطوات تحصن الثورة بعد انتصارهاوتضمن تحقيق العدالة من جرائم النظام السابق تمهيدا لميثاق وطني  جامع كما خسر تيار الكرامة الذي لم يستطع التوسع بسبب أدائه العسكري الفاشل والسياسي البعيد عن قراءة المشهدرغم محاولته السابقة لاستقطاب بعض أنصار سبتمبر خاصة من العناصر الأمنية لكن فساد تلك الفترة جلب سخط أكثر من دعم شعبي له.

أخطاء ثورة فبراير

• ما تتحدث عنه يجعلنا نتطرق لأخطاء ثورة 17فبراير التي تعد صورة مكررة من أخطاء الثورة المصرية؟

بعد انتصار الثورة لم تستطع القوى السياسية ترجمة مبادئها وأهدافها إلى واقع عبر تشريعات تزيل تراكمات حقبة القذافي الظالمة.وتمهد الطريق لتحقيق آمال الشعب وكان من بين هذه الأخطاء عدم محاسبة رموز نظام القذافي وفق قوانين تفرضها المرحلة من سرعة التحقيقات والمحاكمات..من أجل تهدئة نفوس أسر الضحايا لأن قوانين القذافي كانت معيبة وهي إجراءات بيروقراطية لا تضمن تحقيق العدالة في نهايتها..وبالتالي محاكمة رموز النظام بقوانين عاجزة لن تكون نتيجتها عدالة حقيقية،كذلك أدت تجاوزات وجرائم المليشيات والتغاضي عنها دون حساب وهي التي عاثت فسادا في البلاد والتي تنافس به إجرام القذافي إلى فرض حالة من التعادل في الإجرام ولو في ذهنية الشعب بين إجرام القذافي و المليشيات

• ما تأثير هذا التعادل علي تطورات المشهد ومنها إطلاق سراح رموز نظام القذافي؟

لقد أصبحت أعداد كبيرة من الليبيين لا يكترثون بإطلاق سراح رموز النظام أو عودتهم لمناصب حساسة في الدولة،لأن الكل أصبح في دائرة الفساد من المسؤولين سواء في حقبة فبراير أو سبتمبر.. كل هذا جعل الأطراف الليبية متساوية؛فالحكومة الآن لا تمثل فبراير بقدر ما تمثل مشاركة كافة التيارات فبراير كرامة وسبتمبر،ليكون الإفراج عن بعض رموز النظام وضع حتمي تفرضه الصفقات السياسية التي جرت على الساحة مؤخرا.

انتقادات وانتكاسات حفتر

• رغم الانتقادات والانتكاسات التي تعرض لها حفتر إلا أنه يبقي رقما صعبا في المعادلة السياسية الليبية؟

ما يبقي حفتر هو الدعم الخارجي ولعبه على الحساسيات بين شرق ليبيا وغربها لذلك تمكن داعموه من إبقائه على الساحة السياسية رغم فشله عسكريا وهو الآن يمثل حالة مشابهة لحزب الله في لبنان،حيث يحظى بتمثيل جيد في الحكومة يضمن تمرير أجندته عبرها ويحتفظ بقواته خارج إطار المؤسسة العسكرية الرسمية،رغم موافقته على خارطة الطريق التي رسمها ملتقى الحوار وتشكل عبرها السلطة التنفيذية الجديدة..والتي يشغل فيها المجلس الرئاسي مجتمعا منصب القائد الأعلى لكن كل ذلك لم يدفع حفتر للخضوع لتلك السلطة، فحتى اللحظة، لم تتمكن الحكومة من الاجتماع في بنغازي،ولا يستطيع المجلس الرئاسي تحريك أي قوة عسكرية في مناطق سيطرة حفتر بالإضافة إلى قيام قواته بالاستعراضات والمناورات العسكرية في رسائل تحدي مستمرة.

ليبيا.. حفتر وداعميه وراء تأجيل الانتخابات العامة و الاستفتاء على الدستور

• لكنه لم يعد يكتفي بذلك بل أنه اتخذ عديد من الخطوات التي تؤشر لترشحه في الانتخابات الرئاسية القادمة؟

علي الصعيد السياسي  يقوم حفتر هذه الفترة بحركات شعبية تشبه لحد كبير حملة انتخابية،فهو يظهر بلباس غير عسكري في عدة مناسبات ويهتم بالتقاط الصور التي تظهره قريبا من الشعب،وبهذا يجهز حفتر نفسه للانتخابات إذا ما أراد الترشح أو دعم مرشح في الظل يمثله،ويحافظ في ذات الوقت على قواته في حالة تدهور الوضع وتجرأ على إعادة هجومه علي غرب البلادرغم ضعف هذا الاحتمال نتيجة وجود قوي أجنبية ضامنة في البلاد متوافقة على عدم اندلاع حرب جديدة حاليا على الأقل.