قال وزير الري المصري محمد عبد العاطي، إن القاهرة لن تسمح بتعرض موردها المائي لأي ضرر، وإنها جاهزة للتعامل مع كافة السيناريوهات بشأن “سد النهضة” الإثيوبي. فيما دعا السودانُ إلى استئناف المفاوضات مجدداً.

حيث ذكر عبدالعاطي، خلال جلسة حوار مفتوحة أدارها رئيس المجلس الأعلى للإعلام في البلاد (حكومي) كرم جبر: “مصر جاهزة للتعامل مع كافة السيناريوهات (لم يوضحها) حول سد النهضة، والدولة لن تسمح بحدوث أزمة مياه في مصر أو حدوث ضرر بالمياه التي تصل إليها”.

في حين قال المتحدث ذاته إن لديهم رسالة مطمئنة للشعب المصري، تتمثل فيما وصفه بـ”قدرة الدولة على انتزاع حقوقها كاملة، إذا فشلت طرق التفاوض التي لم نزل نتمسك بها”.

كما أوضح عبدالعاطي أن وزارة الري المصرية تحدد عن طريق الأقمار الاصطناعية أماكن سقوط الأمطار على سبيل المثال، وكيف ستتحرك إلى السدود للاستفادة القصوى من كل قطرة مياه، مؤكداً أنهم يبذلون جهوداً كبيرة فيما يسمى إدارة الموارد المائية من خارج مصر، لضمان الاستفادة القصوى من كل قطرة مياه وعدم إهدارها، لسد الفجوة المائية.

عبدالعاطي استدرك قائلاً إن “من حق الشعب الإثيوبي أن يبني مشاريع، ومن حق المصريين أن يحافظوا على حقهم في مصدر الحياة”.

الوزير المصري أشار إلى أن “هناك تنسيقاً كاملاً بين جميع أجهزة الدولة للتعامل مع قضية سد النهضة بلا تسرُّع في اتخاذ أي قرار، بل تتم دراستها بتأنٍّ حتى يتم تحديد الوقت لتنفيذ أي سيناريو”.

فيما قال جبر: “نثق بأن حقوق مصر التاريخية في مياه النيل محفوظة، ونمتلك حق الدفاع الشرعي إذا تعرضت تلك الحقوق لأي خطر يهدد المصريين”، مضيفاً: “جئنا اليوم إلى القناطر الخيرية لنقل رسالة طمأنة وثقة كبيرة بالدولة.. وقدرتها على وضع كافة الحلول الممكنة للتعامل مع حقوق مصر التاريخية في مياه النيل”.

من جهته، دعا وزير الري السوداني ياسر عباس، السبت، إلى استئناف المحادثات مجدداً بشأن “سد النهضة”.

فقد قال عباس، في تغريدة باللغة الإنجليزية، عبر حسابه على “تويتر”: “يرحب السودان بمشاركة مجلس الأمن الدولي بشأن سد النهضة، ويدعو إلى استئناف عملية المفاوضات المعززة”.

إلا أن عباس حث إثيوبيا على “الامتناع عن اتخاذ مزيد من الإجراءات الأحادية الجانب المتعلقة بسد النهضة”.

يشار إلى أن مجلس الأمن الدولي كان قد عقد، الخميس 8 يوليو/تموز 2021، جلسة بشأن نزاع “سد النهضة”، هي الثانية من نوعها بعد أولى جرت العام الماضي؛ لتحريك جمود المفاوضات بين إثيوبيا ومصر والسودان.

لكن المجلس لم يصدر أي قرار بشأن مسودة القرار العربي التي تطالب بمواصلة المفاوضات بين الدول الثلاث لمدة 6 أشهر بغية التوصل إلى اتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل السد.

فيما دعت دول دائمة العضوية بالمجلس أطراف النزاع إلى العودة للمفاوضات تحت رعاية الاتحاد الإفريقي، ودون تحديد سقف زمني كما طالبت مصر والسودان.

كانت إثيوبيا قد أخطرت، الإثنين الماضي، دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، ببدء عملية ملء ثانٍ للسد بالمياه، من دون التوصل إلى اتفاق ثلاثي، وهو ما رفضته القاهرة والخرطوم، باعتباره إجراءً أحادي الجانب.

يأتي ذلك بعدما فشلت الجولة الأخيرة من مفاوضات السد، إثر إعلان الخارجية السودانية، الأحد 10 يناير/كانون الثاني 2021، فشل التوصل إلى صيغة مقبولة لمواصلة التفاوض حول “سد النهضة”، مؤكدةً أن الخرطوم لن تواصل المفاوضات، في الوقت الذي عبَّرت فيه وزيرة خارجية جنوب إفريقيا عن أسفها لوصول مفاوضات سد النهضة إلى “طريق مسدود”.

حينها أعلن وزير الخارجية السوداني المكلف، عمر قمر الدين، آنذاك، عن تقديم بلاده اشتراطات إلى الاتحاد الإفريقي للعودة إلى مفاوضات “ذات جدوى” في ملف سد النهضة، ملوِّحاً بأن الخرطوم لديها “خيارات” أخرى.

كانت الإدارة الأمريكية أعلنت، في فبراير/شباط 2019، التوصل إلى اتفاق حول آلية عمل سد النهضة، وقَّعت عليه القاهرة بالأحرف الأولى، وامتنعت إثيوبيا بدعوى انحياز واشنطن إلى مصر، إثر جولات من المفاوضات جرت بواشنطن.

لكن المفاوضات تعثرت مجدداً بين الدول الثلاث، وهو الأمر المستمر منذ نحو 9 سنوات، وسط اتهامات متبادلة بين القاهرة وأديس أبابا بالتعنت والرغبة في فرض حلول غير واقعية.

إذ تُصر أديس أبابا على تنفيذ ملء ثانٍ للسد بالمياه، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق بشأنه، وتقول إنها لا تستهدف الإضرار بالخرطوم والقاهرة، وإن الهدف من السد هو توليد الكهرباء لأغراض التنمية.

بينما تتمسك الخرطوم والقاهرة بالتوصل أولاً إلى اتفاق ثلاثي حول ملء وتشغيل السد؛ للحفاظ على سلامة منشآتهما المائية، ولضمان استمرار تدفق حصتيهما السنويتين من مياه نهر النيل.

وفي أقوى تهديد لأديس أبابا، قال الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، في 30 مارس/آذار الماضي، إن “مياه النيل خط أحمر، وأي مساس بمياه مصر سيكون له رد فعل يهدد استقرار المنطقة بالكامل”.