انتقد آفي شلايم المؤرخ الإسرائيلي البريطاني والأستاذ الفخري للعلاقات الدولية بجامعة أوكسفورد، بشدة، تصنيف بريطانيا حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منظمة “إرهابية”، قائلا طالما أن خصوم إسرائيل السياسيين يُصنفون على أنهم “إرهابيون”، فإن إسرائيل ستصبح معفاة من الحاجة إلى التفاوض، وتحصل على تصريح مجاني من حلفائها لمواصلة استخدام القوة العسكرية العارية.

وتساءل شلايم عن سبب اختيار بريطانيا هذه اللحظة لحظر الجناح السياسي لحركة حماس بعد أن جرمت جناحها العسكري قبل 20 عاما؟ جزء من الإجابة هو أن ذلك تم استجابة لضغوط من اللوبي الإسرائيلي.

وأكد أن إسرائيل بتوصيف خصومها السياسيين بـ “الإرهابيين”، تعفي نفسها من الحاجة للتحدث معهم وتحصل على تصريح مجاني من حلفائها الغربيين للجوء إلى أسلوب العمل الذي تدمنه، القوة العسكرية العارية، قائلا إن الذين يدفعون الثمن هم مدنيون من كلا الجانبين، وخاصة السكان العزل في غزة، “أكبر سجن مفتوح في العالم”.

وقال شلايم إن الأصدقاء الحقيقيين لا يشجعون أصدقاءهم في استمرار إدمانهم لما تعودوا عليه، ولكنهم يحاولون فطمهم عنه.

واستمر يقول إنه إذا كانت الحكومة البريطانية تريد حقا أن تجعل اليهود في بريطانيا يشعرون بأمان أكبر، كما تدعي باتيل، فعليها التوقف عن إلقاء اللوم على الضحايا الفلسطينيين في محنتهم، وعليها أن تحث حليفها الإسرائيلي على احترام القانون الإنساني الدولي، والالتزام باتفاقات وقف إطلاق النار، وضبط النفس في استخدام القوة العسكرية، والتحدث إلى القيادة السياسية لحركة حماس، “وهذا أقل ما يمكن لبريطانيا أن تفعله للفلسطينيين اليوم، بالنظر إلى سلسلة الخيانات الطويلة التي تعود إلى وعد بلفور منذ أكثر من قرن”.

وأشار شلايم في مقال له بموقع ميدل إيست آي (Middle East Eye) البريطاني إلى إعلان وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل الأسبوع الماضي حول تصنيف حماس وتبريرها له بأن التمييز بين جناحي حماس العسكري والسياسي غير ممكن حاليا ولا يمكن الدفاع عنه، ليقول إن هذا التمييز كان ممكنا في عام 2001 وما زال ممكنا حتى اليوم، كما أنه تمييز حاسم.

وقال إن إعلان باتيل جاء بعد وقت قصير من تصنيف وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس 6 مجموعات من منظمات المجتمع المدني الفلسطيني غير الحكومية كمنظمات إرهابية، وجاء تصنيف غانتس هذا عقب قرار المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق شامل في “جرائم الحرب” في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وقال إن غانتس كان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي خلال هجومه على غزة في يوليو/تموز 2014، حيث قُتل ما لا يقل عن 2256 فلسطينيا، من بينهم 1462 مدنيا، منهم 551 طفلا، الأمر الذي يجعل غانتس المشتبه به الرئيسي في تحقيق جرائم الحرب الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية. وقد وافقت حماس على التعاون مع تحقيق المحكمة الجنائية الدولية، ورفضت إسرائيل التعاون.

وأشار شلايم إلى أن بعض المنظمات الفلسطينية المدرجة مؤخرا على قائمة “الإرهاب” الإسرائيلية تتعاون مع تحقيق المحكمة الجنائية الدولية، مضيفا أنه رغم أن الأدلة التي قدمتها إسرائيل ضد هذه المنظمات الفلسطينية اعتبرت غير كافية من قبل الاتحاد الأوروبي وحكومة الولايات المتحدة، فإن وصف “الإرهاب” حقق هدفه المتمثل في وصم هذه المنظمات الفلسطينية، والحد من قدرتها على جمع الأموال وتعطيل عملياتها. وقد تمت إدانة الخطوة الإسرائيلية على نطاق واسع باعتبارها اعتداء على حقوق الإنسان. ولم تكن وزيرة الداخلية البريطانية من بين المحتجين.

واستمر شلايم يوضح أسباب القرار البريطاني، قائلا إن باتيل تشارك رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون وجهة نظر “مانوية” لصراع الشرق الأوسط حيث تمثل إسرائيل قوى النور وحركة حماس الفلسطينية قوى الظلام في نظرهما، معلقا بأن الواقع أكثر تعقيدا من هذه النظرة التبسيطية.

وأكد أنه على مستوى أعمق، كان التحول في السياسة البريطانية نتاجا للعلاقات الوثيقة بين إسرائيل وحزب المحافظين، إذ كانت إسرائيل ولوبيها القوي يضغطان على الحكومة البريطانية بشأن هذه القضية لبعض الوقت، وقد حث رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت بوريس جونسون على حظر حركة حماس بأكملها عندما التقى به الشهر الماضي في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في غلاسكو.